فضل الله رابح يكتب .. سباق المصالحة وتوزيع وصفات الفوضى
الراصد
فضل الله رابح
لم أجد حكومة في التاريخ القريب تجيد إهدار الفرص وتمعن في إتساع إفلاسها السياسي وتتجاهل إنهيار الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية وعجزها في سداد إلتزاماتها التنموية والخدمية تجاه مواطنيها مثل حكومة الفترة الإنتقالية برئاسة الدكتور ـ عبدالله حمدوك .. حكومة تعتقل مؤسساتها القانونية والعدلية في بازارات سياسية بايرة وتحاول دائما أن تبعدها عن المواطن وتزعزع ثقته فيها .. حكومة فشلت في صناعة الفرح و لم تصنع الأمل للمواطن بل كل تصرفاتها توسع دائرة منغصاتها وتكشف زيف حديثها عن الحريات وكل شعاراتها المرفوعة .. حكومة يقلقها توافق التيار الإسلامي على الإستقرار وعلي إحياء قيمة دينية مثل ذكري بدر الكبري بإفطار جماعي معلن لمدة تجاوزت الإسبوع ومكشوف الزمان والمكان وليس مخفيا بل ليس فيه محتوي سياسي معاد للحكومة ، إفطار مقرر إقامته في الساحة الخضراء مثله وأي نشاط إجتماعي لكن الحكومة غمرت المكان بالماء وأفسدوه وتفاديا لأي إحتكاك وحرصا من المنظمين علي قيام الفعالية دون عراقيل تم تغيير المكان بكل هدوء وكان بمقدور التيار الإسلامي العناد والتحدي والتمسك بالمكان لكنه تنازل وترك الساحة الخضراء وذهب إلي مكان آخر ووجه القادمون في توقيت حرج بتغيير المكان فإحتشدوا في المكان الجديد بكل فرح وإستدعاء أشواق قديمة وأفراح مؤجلة ، حضرت الشرطة إلي الموقع ولم تبدي أي نوايا عنف بل إندمج ضباطها و أفرادها مع الشباب المنظمين في تفاعل سوداني أصيل ومنحوا بعضا من شهي طعام الإفطار ولم تكن هناك أي نوايا توظيف سياسي أو خطاب معادي أو تظاهر وتخريب ممتلكات حتي تقوم الجهات الحكومية بعمل وقائي ومنع الإفطار لكن يبدو أن المراجع السياسية للحكومة لم يرق لها الموضوع والأعداد المتوافدة بل شكلت لهم ملمح خطر سياسي فلم تكن محل سعادة بالنسبة لهم فتعمدت إفساده وقتل فرحة التلاقي في نفوس الشابات والشباب الإسلامي بهجوم غادر ومفاجئ على الموقع بوابل من البمبان ظهروا وكأنهم يقاتلون منصة صواريخ إرهابية بتوجيه مباشر من وكيل النيابة المرافق للشرطة فهو الذي أصدر توجيهاته بدون أي مبرر مقنع ومن الملاحظات الصحفية أن قائد القوة الشرطية وهو برتبة عقيد لم ينفعل مع الموضوع والتوجيه فكرر وكيل النيابة له التوجيه فبدأت قوات الشرطة تأخذ مواقعها وزوايا إطلاق المقذوفات وتنفيذ التوجيه بروح متثاقلة وفي البداية إطلقت الشرطة مقذوف بمبان واحد لحظتئذن سمعت أحدهم يتنهر بعنف التعليمات دي ما واضحة أطلقوا البمبان فإنهمرت قذائف البمبان بكثافة علي المكان وكأنها معركة بل تعدته الي داخل المطار فأشعلت حرائق ودخاخين كثيفة .. في تلك اللحظة قلت في نفسي لأول مرة أجد حكومة تحرض مواطنيها علي العنف ضدها وتسوقهم نحو المواجهة معها ولحظتها خطر ببالي حديث السيد وزير الشؤون الدينية والأوقاف نصر الدين مفرح وهو يملأ الساحات ضجيجة مناديا بالحريات الدينية والتسامح وكريم المعتقدات بفعل الشرطة مع الصائمبن والركع اليجود لقد إنكشف زيف دعواتهم وحديثهم الممجوج عن الحريات علنا وقمعها سرا وهم يكيدون لها المؤامرات لوأدها .. وكيل النيابة الذي أمر الشرطة بإرتكاب هذا الفعل الشنيع لم يستطع إقناع نفسه ناهيك عن ناقديه بمبرراته التي دفعته لفض الإفطار وإثبات أن هناك مؤامرة سياسية تحاك علي قفا هذا التظاهر وعلي إثرها أمر بفضه بتلك الصورة البشعة والمهينة للأسر والنساء والأطفال الذي جاءوا مجردين من أدوات الأذي ومشبعين بالإيمان وبحب الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .. أين رئيس الوزراء الذي عده السودانيون والثوار زعيماً مخلصا ولا يجوز المساس به وبسمعته ..أين حمدوك الذي ظل يردد أنه هبَّ لنجدة الحربات و إسكات منتهكيها فهو اليوم سقط في فخ كبري مهددات الحريات وإنتهاك حقوق الإنسان وقمعها .. إن مثل تصرف الشرطة المفرط مع إفطار التيارات الإسلامية اليوم يمثل تطورا خطيرا قد يستدرج الحكومة إلي الدخول في مربع العنف ، وفي رأي، ستكون له مضاعفات مؤذية في نقل المعركة المباشرة بين المواطن والحكومة والتعجيل برحيلها لأنها باتت تستهدف مناشطه الطبيعية بهجمات متكررة .. الحكومة يلزمها تدارك الموقف المتأجج والإعتذار عنه وعدم تكراره مرة أخري إذا أرادت تحاشي الصدام وتحقيق الهدوء وتفادي عقوبات الشعب وفورانه سيما في هذا المناخ الإقليمي والدولي الغامض .. إن بلادنا في أمس الحاجة إلي إعادة تفعيل ملف المصالحة الوطنية ورفع العقوبات السياسية المتعسفة المفروضة جورا علي القوي السياسية الفاعلة خاصة الإسلامية وفتح نوافذ النقاش والحوار وهذا يتوقف مبدأ علي أن تتعهد الحكومة بالتوقف عن فرض التصعيد و أعمالها العدوانية تجاه التيارات الاسلامية .. حتي الآن حكومة عبدالله حمدوك لم تعبر بوضوح عن رغبتها في فتح صفحة وطنية جديدة ولم تقدم علي تحركات إيجابية والدعوة لحوار لا يستثني حزبا ولا تيارا سياسيا حوار غير مشروط وإلا ستدفع الوضع للتهور ومربع عدم الإستقرار مجددا وكما هو معلوم بالضرورة في عالم السياسة وأدبيات الحكم لا يوجد إنتصار دائم ومستمر ولا هزيمة دائمة فالذي سقط اليوم ربما ينهض غدا ويتعافي ..