تقرير ” إسفير نيوز
على نفسها جنت براقش، يبدو أن هذا المثل ينطبق تماما على الحكومة الانتقالية التي فقدت تعاطف الشارع معها لتصبح بين عشية وضحاها كسابقتها (الانقاذ) محاصرة بلعنة (تسقط بس) وما أشبه الليلة بالبارحة، حينما اندلعت ثورة ديسمبر المجدية في 2019 بعطبرة والدمازين كانت شرارة مبنية على مطالب محددة تتعلق بأسعار الخبز وانعدامه حينها لتتحول فيما بعد لسيناريو عريض كان بطله تجمع المهنيين الذي قاد الثورة من حلقة إلى حلقة حتى حملت الحلقة الأخيرة عنوانا عريضا يحمل نبأ سقوط البشير وحومته لتنطوي بالتالي صفحة 30 عاما من المعاناة، ليبدا الشعب السوداني مع صبيحة 11 أبريل من نفس العام حياة جديدة مصحوبة بآمال عراض حملت أمانتها قوى الحرية والتغيير مع شريك متشاكس لا يرغب في صحبتها.
جبريل (سواها ولا يخاف عقباها)
عامان ونيف وحكومة قحت الانتقالية برئاسة حمدوك تفشل في تتريس طرق تحميها من غضبة الشارع وهاهي الدائرة تدور والطرقات تحترق تحت أقدام الحكومة الانتقالية بعد أن دهس جبريلها على (أبنص) سرعة معاناة الشعب السوداني المكتوي بغلا الأسعار الناجم عن إرتفاع الدولار، وفور أعلان جبريل الحكومة الإنتقالية قرار زيادة أسعار المحروقات، نشطت وسائل التواصل الإجتماعي منددة بالقرار وعادت أجسام كانت جزء من حراك ديسمبر المجيد للواجهة فكان الحزب الشيوعي عند الموعد مهددا بإسقاط الحكومة التي خرج عن جناحها قبل فترة وحدد الشيوعي يوم 30 يونيو موعدا لإنهاء مسلسل الانتقالية الذي مل الشعب مشاهدته عبر شاشة الوطن العريض، فيما طل إيقونة ثورة ديسمبر وأحد عوامل نجاحها محمد ناجي الأصم عبر تصريح ألهب به ظهر الإنتقالية المسخن بجراح كثيرة، وقال الأصم (سنقابل قرارات جبريل بتحريك الشارع) وبالفعل حدث ما صرح به الأصم.
خميس القضب
يبدو أن عمر الحكومة الانتقالية بات قصيرا، وأن ساعة مواراة جثمانها المنهك ثرى الإطاحة بات أقرب مما تتوقع حيث عادت للخرطوم ومدن الولايات نغمة (السلمية) التي قادت ثورة ديسمبر لإسقاط حكومة البشير التي كانت تقف خلفها مجموعات مسلحة لا تتوفر للحكومة الانتقالية المنهكة والمتنافرة، أمس الخميس كان يوما عصيبا على حكومة حمدوك وشركائها من العسكر والثورية، حيث أغلق محتجون عدة شوارع في الخرطوم الخميس احتجاجا على رفع دعم الوقود هذا الأسبوع ما ضاعف أسعار البنزين والديزل، وأنهى السودان دعم الوقود الثلاثاء في إطار إصلاحات اقتصادية يدعمها صندوق النقد الدولي، ما ضاعف الأسعار وسط أزمة اقتصادية عميقة، وبموجب القرارارتفعت أسعار البنزين من 150 جنيها سودانيا إلى 290 جنيها للتر الواحد، فيما ارتفع سعر الديزل بنحو 128 بالمئة، ليزيد من 125 جنيها إلى 285 جنيها.
المهنيين في الموعد
الوضع الإقتصادي المنهار وفشل الحكومة في وضع حلا لمشكلاتها دفع بتجمع المهنيين بأن يوقع على دفتر الحضور الثوري من جديد معلنا عن إنتهاء حلقة الوصل بينه وقحت، وحملت صفحة التجمع على فيس بوك الكثير من المضامين، وقال تجمع المهنيين السودانيين، وهو فاعل رئيسي في الانتفاضة الشعبية المناهضة للرئيس السابق عمر البشير، على صفحته بموقع فيسبوك إن رفع دعم الوقود “خطوة تؤكد أن هذه السلطة لا تعبأ بالمواطن ومعاناته”، وأضاف أنه “يدعو كل الثوار والقوى الثورية للخروج الآن ويوميا للشوارع لمقاومة هذه القرارات المجحفة وإسقاطها”.
جادين يبرر
قال وزير الطاقة والنفط، جادين علي عبيد، إن الزيادات الأخيرة في أسعار النفط والمحروقات في السودان مرتبط بسياسة اقتصادية جديدة أعدتها الحكومة للخروج من مأزق اقتصادي خانق تواجهه البلاد منذ سنوات.
وأضاف الوزير خلال مقابلة مع برنامج (المسائية) على الجزيرة مباشر، الخميس، “أن القرار الحكومي برفع الدعم عن أسعار البنزين وباقي أشكال الدعم الأخرى ناجم عن كون هذا الدعم لا يصل مستحقيه”، مشيرًا إلى أن “الأمر يتعلق بأزمة مفتعلة يستفيد منها أقلية من المهيمنين على السوق السوداء”.
وعقب قرارات وزارة المالية بخروج الحكومة عن دعم الوقود انطلقت الموجة الاعنف من الاحتجاجات في أحياء امدرمان وشملت شارع الثورة بالنص نظمته تنسيقية لجان الثورة الحارة الثانية وتنسيقية لجان الثورة الحارة الأولي وتنسيقية لجان الثورة الحارة التامنة الي جانب تنسيقية لجان حي الشاطئ بامدرمان حيث ترس المحتجون شارع النيل بامدرمان وشارع الاربعين ومعظم شوارع الثورات وغرب الحارات فضلا عن حراك واسع نظمته تنسيقية لجان مقاومة الفتيحاب وقامت بقفل الطرق جنوبي امدرمان.
الترس صاحي
وفي الخرطوم أشعل محتجون الاطارات واغلقوا شوارع الصحافات والسجانة ومنطقة ابو حمامة والكلاكات وجبل الاولياء وإستمرت موجة الاحتجاجات حتي دخول الليل ويرى مراقبون انه لا توجد اي علاقة بأي كيان سياسي، أو مرجعية أيديولوجية ، كما أن المحتجين ومطلقوا مبادرة التوقيعات ولم يُظهروا قيادة أو متحدثًا باسمهم حتي هذه اللحظة وبسبب ذلك إنحصرت مطالب المتظاهرين الحقيقية في تحسين معاش الناس وخفض الاسعار ورفع المعاناة عن كاهل المواطن المغلوب علي امره وتحقيق العدالة
فيما ظهرت مطالب سياسية واضحة تمثلت في تنحي الحكومة عبر هاشتاق ( أختونا ـ خلاص ) وهو هاشتاق تصدر صفحات ناشطون واعلاميون ورموز مجتمعية فاعلة ثم الحقت به بيانات سياسية من قوي سياسية معتبرة ومحترفة ، وعلي الرغم من انه حتي اليوم لم تظهر هيئة المبادرة ولا لجنتها المنظمة فهي بذلك نشاط تلقائي وعفوي نابع من نبض الجماهير وقواهم الحية ولم تبن عنه اي تفاصيل سوي بيانات وإفادات متفرقة لشباب مشاركين في التظاهرات يفيدون بان ثورتهم سرقت وحادت عن اهدافها الي اهداف فرعية مضرة بالدولة والمجتمع السوداني .
عوامل كثيرة قد تعجل برحيل حكومة حمدوك التي فشلت حتى اللحظة في العثور على ارضية صلبة لتسند عليها اقدامها وهاهي مؤشرات رحليها تقترب، بعد أن ختم الشعب على جوازها بتأشيرها الخروج النهائي وربما ظهرت الأيام القادمة أجسام سياسية بصورة أو بأخري خلف حراك الجماهير لنشهد ميلاد تحالف جديد يخلف قحت على حكم البلاد.