عبد الرسول النور يكتب ..كل أجزائه لنا وطن فلتدم أنت أيها الوطن
كتب ” عبد الرسول النور
( إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فابين أن يحملنها واشفقن منها و حملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا) صدق الله العظيم..
كانت العلل و الادواء التي تقيد مؤسسات الفترة الانتقالية وتعوق حركتها.. واضحة جلية ترى بالعين المجردة.. قبل مبادرة د. حمدوك التي القت حجرا كبيرا في بركة ساكنة.. فقد افلح الثوار بتضحياتهم المشهودة ان يهزوا شجرة النظام المباد حتى تداعت للسقوط الحتمي فعجل انحياز اللجنة الامنية للثوار إلى إنهاء حقبة سوداء من تاريخ الوطن العزيز..سقطت الشجرة ولكن لازالت (عروقها) حية وهناك من يتعهدها بالسقيا والرعاية املا في احيائها.. فلابد من اجتثاثها من جذورها والقائها في قعر نار موقدة.. والتعجيل بتصفية النظام السابق ومحاسبة رموزة وفق العدالة ومحو كل ما اثبت من قول او فعل عاجلا فخير البر عاجله..
ومن ثم بدات فترة الشركاء المتشاكسين.. الثوار كان يظنون وهم مخطئون ان اللجنة الأمنية انحازت لهم طوعا واقتناعا بشعارات الثورة (حرية سلام وعدالة)و ليست لها اطماع في الحكم وانما ساندوا الثوار ووفروا لهم الحماية.. (قبل فاجعة فض الاعتصام) ايمانا بالديموقراطية وحبا للحكم المدني.. فقد كانت القوات المسلحة والدعم السريع والشرطة والامن اول ضحايا النظم الشمولية تشريدا وتقتيلا وتعذيبا. وفرقة. وان هذه القوات لا تجد الإنصاف والاحترام الرسمي والشعبي الا في ظل الديموقراطية والشفافية.. ولكن اتضح جليا بعد نجاح الثورة ان ذوي الشوكة يرون انهم خير خلف( لأسوأ) سلف وانهم احق بالحكم.. ومن هنا بدا التشاكس و (التعاكس) والتباين الذي قاد إلى ما اسماه رئيس مجلس الوزراء الثورة د. حمدوك بحالة التشظي وهو منتهى التمزق والانقسام والتباغض والكراهية والتي هي (نذير الشؤم العريان) لمستقبل غامض.. ومصير مجهول..
استجاب كثيرون لمبادرة السيد رئيس مجلس الوزراء.. وراوا فيها بارقة امل لاستعادة التفاؤل والعمل على إنجاح الثورة.. لأن تشخيص د. حمدوك كان صريحا وواضحا وشفافا.. فما يحدثك مثل خبير..
واسهاما مني في البحث عن علاج ناجع حتى ولو كان آخره الكي.. مع ايجاد آليات مناسبة متوافق عليها لإنزال ما اتفق عليه إلى الارض.. حتى يعود للثورة القها وزخمها وعنفوانها..
( 1)
التشظي العسكري العسكري.. الحمد لله فقد خفف التصريح المشترك لرئيس مجلس السيادة والقائد العام للقوات المسلحة ونائبه قائد الدعم السريع بان لا خلاف البته بينهما خفف كثيرا من حالة التوتر وهواجس القلق والخوف..وكثيرون يرون انه ما دام الأمر كذلك فلماذا لا يعلن الرئيس ونائبه دمج قواتهما واعادة هيكله الجيش الوطني تمهيدا لدمج القوات الأخرى الموقعة على السلام في الجيش الوطني حتى يكون للوطن جيش واحد ويحرم ويجرم حمل السلاح الا لمنسوبي هذا الجيش الوطني الجامع..
( وبما ان السكين لا تخرط عودها) كما يقول مثلنا الدارج فلا من الاستعانة بمن يقوم بخرط عود السكين حتى يظهر نفعها.. (ومن يكن حازما فليقسو احيانا على من يرحم)
فلا من عقد ملتقى جامع لهيئة حكماء من العسكريين العاملين والمعاشيين والمهتمين بالشان العام والخبراء وضحايا النظام المباد وبعض اهل الراي من المدنيين الذين تولوا مهام لها صلة بالعمل العسكري مثل وزراء الدفاع والداخلية وحكام الاقاليم ومحافظي المديريات والضباط الاوائل الاداريين للمناطق..السابقين.. والقضاة وكلاء النيابات وهؤلاء كانت تتكون منهم لجان الأمن القومية والاقليمية و المحلية..
عبر التشاور الشفيف والتفاكر الهادي والهادف يمكن التوصل إلى صيغة وسط مقبولة بحسبان ان الوطن فوق الجميع ذواتا فانية ومكاسب صغيرة..
التشظي المدني المدني الذي يظهر اكثر وضوحا.. يكون بمزيد من بسط ..
الديموقراطية الصحيحة والصبر عليها حتى يسلس قيادها عبر احزاب سياسية حقيقية ومنظمات مجتمع مدني جماهيرية وفئوية واضحة الاهداف و صحيحة التكوين ولها عضوية منضبطة و ملتزمة ولها مصادر تمويل معلومة وبشفافية وخاضعة للمراجعة القانونية حتى لا تتاثر قراراتها ومواقفها بالجهة الممولة داخلية كانت او خارجية.. فالحزب الذي لا يملك تمويله لا يملك قراره حتى لا تخضع الأحزاب للاستحواذ او الابتزاز.. واري ان من تحقيق العدالة والمساواة ان توضح الاحزاب كافة وقادة الحركات الموقعة على اتفاقيات السلام واثرياء المعارضين مصادر ثرواتهم.. حتى لا تتهم لجنة تفكيك نظام ال30 من يونيو 89 وازالة التمكين بانهم يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض.. وان الإنحياز للثوار لا يعني غض الطرف عن من فساد اغتنى منهم من العهد المباد فالعدالة لا تقبل التجزئة.. والفساد ملة واحدة..
فقد كانت الاحزاب السياسية ضعيفة.. اما احزابا بلا مؤسسات حقيقية.. او مؤسسات بلا أحزاب.. حتى صارت الاحزاب السياسية كافة لا تستوعب الا ما لا يزيد على 20 في المائة من مجموع الشعب بعد ان ضاقت قنواتها وتيبست مفاصلها.. تسمع ضجيجها العالي ولا ترى لها طحينا.. حبيسة في دهاليز الماضي تجتر ذكرياتها.. فهي اذن تمثل جزءا من الشعب فقط..لا الشعب كله كما تدعي وبالتالي فهي ليست الحاضنة المرجوة فقد فسد البيض او كاد لسوء الحاضنة وانشغالها بنفسها تمدحها بعد ان عز المادحون.. وترجو ان تحمد بما لم تفعل.. فلابد من اصلاح عاجل وجوهري للاحزاب السياسية وهذا يتطلب تفرغها التام لاصلاح نفسها وجمع صفوفها استعدادا للانتخابات وهذا يعني خروجها من المشاركة في مؤسسات الفترة الانتقالية والاكتفاء بدور الحاضنة الحاكمة .. فقد اوضحت المحاصصات الحزبية انها كانت سالبة اذ زادت الاحزاب تشظيا على تشظيها وهى تلهث خلف سلطة ضررها اكثر من نفعها بالنسبة لها ولجماهيرها..فاضحت تيارات متنافرة..
منظمات المجتمع المدني وتجمع المهنيين السودانيين الذي كان القائد العلني للثورة والذي كان الثوار ينفذون نداءاته وتوجيهاته..
لقد اخطا خطا الشاطر الذي غلطته بالف.. حين غشى الوغى وخاض غمارها واحرز هدف الفوز الغالي وعف عند المغنم.. واكتفى بتصفيق الجماهير وهتافها الداوي وعاد إلى قواعده منقسما علي نفسه بعد ان عف عن المشاركة في السلطة وتركها لقمة سائغة للطامعين يقودونها إلى ركابهم..
وعليهم الان ان ينقبوا عن كل الجنود المجهولين الذين اعياهم النضال وارهقهم الفقر واضناهم الدهر وقد كانوا ملء السمع والبصر.. هزوا ثبات السجون وكسروا رهبة بيوت الاشباح فمنهم قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا.. عليهم جميعا ان يلتقوا ويتفاكروا حول وحدتهم ودورهم المهم في توحيد الصفوف وحشد الدعم للثورة وحمايتها
ان الشراكة الثلاثية التي نصت عليها الوثيقة الدستورية المعدلة بعد اتفافية السلام في جوبا والتي قام بموجبها مجلس شركاء الفترة الانتقالية.. المكون العسكري في مجلس السيادة ومنثلي سلام جوبا وممثلين لاعلان قوى الحرية والتغيير والتي ضربت الخلافات صفوفها بين منسحب ومجمد وناقد قادح فاضحت الحاضنة المدنية مثل (الراكوبة) التي لا تشكّر في الخريف فهي لا تقي حرا ولا زمهريرا.. ولكنها راكوبة منصوبة وكفى..
وعليه لا بد من ايجاد حاضنة سياسية أوسع لا تستثني احدا ممن ساهم في اضعاف النظام السابق واسقاطه ولا استثناء الا لمن سقطوا مع النظام السابق من منسوبيه وحلفائه المخلصين الذين ربطوا مصيرهم بمصيره من سياسيين واكاديميين واعلاميين وزعماء عشائر وطرق صوفية.. وان يشمل توسيع الحاضنة كل الموقعين على اتفاقيات سلام او مصالحة قادت لمشاركتهم للنظام السابق.. مبادرة الهندي ونداء الوطن والتراضي الوطني واتفاقية القاهرة مع السيد الميرغني واتفاقيات انجمينا وابوجا والدوحة واتفاقية دبجو وغيرها من الاتفاقيات الملزمة..
لا تضيقوا واسعا من اجل نصيب أكبر من السلطة.. فالاهتمام بحماية الثورة اهم من التكالب علي اقتسام مغانم لا يزال اصحابها يسعون إلى إعادة عقارب الساعة إلى الوراء..
لإنجاز ما طالب به السيد رئيس الوزراء د. حمدوك وهو الواقف علي الجمر.. للعبور بالثورة من حالة التشاكس والخلاف والتشظي وعلاجها الشافي من ادواء وعلل.. هو الاليات الجامعة المامونة على مستقبل الوطن ومصلحة ابنائه.. ارى ان يتم ملتقى جامع لفئات كانت لها شرعية دستورية ابطلتها شرعية القوة.. مثل مئات ضباط الجيش والشرطة والسجون والامن الذين شردهم الانقلاب وظلوا معارضين له وهدفا لحملات قمعه.. قيادات وكوادر الخدمة المدنية والقضائية والعدلية والعقابية والدبلوماسية والاطباء والمهنيين والنقابيين..
ومن بقي علي قيد الحياة من اعضاء مجلس راس الدولة والوزراء ووزراء الدولة وحكام الاقاليم ومحافظي المديريات واعضاء الجمعية التأسيسية التي حلها النظام السابق ولم يشاركوا فيه وغيرهم من من صادر شرعيتهم النظام السابق..
لابد من مراجعة الوثيقة الدستورية والتعديلات التي ادخلتها اتفاقية جوبا الأولى وسد كل الثغرات وازالة التضارب..
ومراجعة الشراكة كلها نصوصا وشخوصا وسياسات وممارسات حتى يزول الترهل والتضارب في المهام والسياسات.. واعادة النظر في حكومة المحاصصات الحزبية وتطعيمها باصحاب تجربة واسعة وخبرات قيمة وهمة يقظة وهوي نائم.. وكذلك الحال مع بعض ولاة الولايات دعم الولاة الذين اظهروا نجاحا وابدال الآخرين..
تشكيل المفوضيات بناء. على الخبرة والمعرفة بعيدا عن المحاصصات والمحسوبية القبلية والجهوية والحزبية حتي لا تجعلهم نهبا للابتزاز..
اما المجلس التشريعي فهو على اهميته المعلومة فلا بد من التريث والتثبت من اختيار عضويته دون ضغوط حزبية او جهوية فهو امل الشعب في الاصلاح والرقابة والمحاسبة للجهاز التنفيذي.. فاي خلل في اختيار عضويته سيكون وبالا على الثورة وخيبة امل كبرى للشعب.. (فالحاري اخير من المتعشي) لانه يعيش على امل ولا حياة بلا امل.. وارى ان لا تكون المحاصصة الحزبية اساسا في تكوينه.. بل ارى ان ياتي شاملا جامعا لاهل السودان كلهم دون افراط او تفريط.. وعلى الله قصد السبيل