كتب السماني عوض الله
رئيس تحرير الحاكم نيوز
أصعب ما يقاسيه المرء في حياته أن يفارق أناس عزيزين عليه.. فكثير من الناس لا يستحملون الوداع أو الفراق باعتباره مرحلة لا يتحملها المرء مهما كانت قوته.
وصعب جدا أن يأتيك شخص عاشرته سنوات وهو يحمل حقائب الرحيل دون سابق إنذار فلا ملجأ الا تقول لهم
يا من يعز علينا أن نفارقككم
وجداننا كل شئ بعدكم عدم
ما دعاني لذلك أن وصلتني دعوة من دكتور فيصل الشهري الموظف بسفارة المملكة العربية السعودية بالخرطوم للمشاركة في حفل وداع يقيمه السفير السعودي علي بن جعفر حسن لوداع بعض العاملين في السفارة من الجنسية السعودية ومن بينهم الدكتور فيصل الشهري.
كم حزنت لذلك وما زلت مترددا لحضور هذا الاحتفال أو (العشاء الأخير) لشخص ظل يعرف السودانيين ويعرفونه ويحب السودان كجبه لاطفاله.. فالشهري فضل أن ينال درجة الدكتوراة من جامعة الخرطوم كدليل قاطع وتعبير صادق لحبه للسودان وشعب السودان.
الشهري رسم طريقا صعبا لمن يخلفه في حسن تعامله ونشاطه وغيرته فأصبحت في عهده سفارة المملكة شعلة من النشاط والحماس بدبلوماسية رسمية وشعبية.
ودعوني أن ازيح الستار عن سر لا يصدق… تكونت علاقتي بالشهري منذ أكثر من عامين فخلق فيها علاقات واسعة ولم يغب الشهري في التواصل معي طيلة الفترة الماضية دون انقطاع ورغم ذلك أننا لم نتقابل حتي كتابة هذه الأسطر وجها لوجه… نعم لم يراني ولم أراه ولكن الارتباط الوجداني لم يجعلنا نحتاج أن نلتقي والجلوس على طاولة واحدة.
ما يؤلمني تلك الدعوة التي بعثها السفير الإنسان علي بن جعفر حسن للمشاركة في حفل توديع مما جعلني أتساءل هل هذا مناسبا أن التقي بالشهري لأول مرة وهو حزم حقائب الرحيل؟ كيف اتحمل أن التقيه لأول مرة لأقول له مع السلامة؟؟.
دعوني أن أهمس في أذن سعادة السفير السعودي علي بن جعفر أن مغادرة الشهري السودان خسارة كبيرة للسودان وخسارة للمملكة رغم ثقتي في الطاقم الدبلوماسي المتواجد بالسفارة.
واقول أيضا وعلنا يا سعادة السفير خاطب الخارجية السعودية بالإبقاء على دكتور الشهري الذي تشبع بحب السودان وتشبع أهل السودان به فأصبح (فيصل الزول اب عقال).
وقبل أن يقوم الشهري بالتلويح الأخير مودعا أن اردد اغنية المناحة للموسيقار محمد الأمين :
غرار العبوس دار الكمال ونقاص
دوبة حليل ابوي اللي العلوم دراس
تبكيك الجوامع الانبنت ضانقيل
لقراية العلم وكلمة التهليل
بتصادم المغارة خيولا بجن بالليل
يا ود ليل البحور يا الجدك المانجيل
دوبة حليل ابوي اللي العلوم دراس
في يوم الخميس جانا الخبر وانشاع
في الاربع قبل ازرق طويل الباع
تبكيك الخلوق بي اغزر الدماع
دوبة حليل ابوي اللي العلوم دراس
غرار العبوس دار الكمال ونقاص
دوبة حليل ابوي اللي العلوم دراس