حفلت تجربة المراة السودانية في الحياة السياسية بسِفر خالد سارت علي دربه الآخريات ،فكانت المرأة السودانية مثالا للقيادة والريادة والنبوغ حيث طرقت أبواب البرلمان نائباً كأول أمراة عالميا في زمان كانت النساء في خدورهن لايُسمح لنا بالحديث والتعبير فظلت تجربة
الدكتورة فاطمة أحمد إبراهيم* خالدة لم تسبقها اليها إمراة ، في كل الحقب نالت المرأة حقوقها كاملة فكان *الإتحاد النسائي* الذي خرجت من بوابته نساء لازالت بصماتهن خالدة *أم سلمة سعيد* و *ثريا أمبابي* و
نفيسة أحمد الأمين* و *نفيسة المليك* صاحبة المدرسة الفنية التي كانت رافد آخر يغذي شريان الوطن بنساء مستنيرات ، فكانت *كلية المعلمات* والتي هي الجامعة التي تتخرج فيها أجيال أكثر إستنارة وعلم ، خرجت السودانية السمراء من قمقم القيد والتكبيل منذ قديم الزمان وبالعودة الي التاريخ القديم لم تكن حواء السودان في *(كجرتها )* ولكنها كانت القائدة فسجلت *أماني ريناس* و *اماني شاخيتي* و *شاناكدا خيتي* دورا بارزا في *مملكة كوش الفرعونية.*
وفي العهد السابق كانت المراة صمام الامان مُنحت مملكة خاصة بها هي *الإتحاد العام للمراة السودانية* وخٌصت بنسبة بلغت *30%* في الإنتخابات وتركت لها منافسة آدم في بقية الدوائر الإنتخابية وجسدت الكثير من المواقف فكانت نائبة البرلمان ورئيس للعديد من اللجان البرلمانية والوزارات التنفيذية ،ولم يأت الأمر مصادفة بل تمت كل هذه المخصصات بجهد ومثابرة النساء وإدراكهن بدورهن ومعرفتهن لقدرهن لهذا كان التنافس يشوبه الإحترام والتقدير والأدب.
الدكتورة آمنة المكي والي نهر النيل* لم أكن أنا من المتحمسات لتنصيب إمراة في منصب والي لإدراكي بصعوبة الأمر وخصوصيته وزادت مخاوفي بالتعيين في الأماكن الأكثر خطورة وصعوبة نظرا لخصوصية الولايتين الشمالية ونهر النيل وإستدركت أهمية الأمر إستنادا للعادات المحكمة التي تصعب إنسياب التعاون والتعامل مع إمراة ، وبالُرغم من إحتفائي الدائم بنجاح *بنات بلدي* وتخصيص مساحات لإظهار أدوارهن في كل المحافل الداخلية والخارجية يسرني ذلك لكأنما نجاحهن نجاحي ،ولهذا لم أكن من المتفائلين بنجاح التجربتين ، وتأكد ذلك جلياً أن الواليتين الجليلتين لم تقرأ تاريخ المرأة السودانية جيدا ، التاريخ المملؤ حنكة وتدبر وحكمة تمكنهما من العمل وسط كل الفئات بسلاسة وإستخدام العقل في تدبير الأمور ، ولكن الفرحة بالمنصب جعلت *د. أمنة* تعرض خارج الحلبة وهي تستعرض قوتها المنهوكة امام الناغمين عليها وتخرج لسانها هازئة وهي تحتمي بالحكومة التي أتت بها وكأنما تستمد القوة منهم ، وهي ليست بتلك القوة التي ظنتها الدكتورة آمنة ، ماتعلمناه في التعامل عند التكليف بالمناصب أن نجيد الإصغاء والإستماع لكل المعوقات ومعرفة مكامن الخلل والغرس في الأرض ثمارا يانعة بدلا من التشفي وإظهار الغل والحقد والإستعداء لأقوام عرفوا عنهم أنهم أقوياء لايهابون ولايخشون .
مافعلته آمنة وإظهارها لكرها لمنسوبي الدولة السابقة ،أخرجها من شعار ومضمون الثورة والتي كتبت علي نفسها *(حرية –سلام –عدالة )* وماتفعله جعلها كأنما لم تقرأ عليها شعاراتهم وبالتالي لاتعرف من أمر ثورتها شيئا؟
يقفز في بواطني سؤالا لايخص آمنة وحدها ولكنه موجهه الي إدارة الدولة أن *هل تلقي منسوبي الحكومة التنفيذين والتشريعين علي كل مستويات الدولة الراسية والقاعدية هل تلقوا دورات تدريبية في الخطابة والبرتكول؟*
إن كانت الإجابة *بنعم* فعليهم إعادة هذه الدورات وزيادة المقرر ؟
إن كان كانت الإجابة *بلا* فسندرك تماما أن علينا أن نجد العُذر لهم لأن حكامنا لايعلمون ؟
آليت علي نفسي أن لا أجعل من تجربة أمنة المكي والياً لولاية نهر النيل إضافة لتجارب المرأة السودانية في كل المحافل كما أفعل دوما لأنها إفتقدت للمهنية وأدب التعامل ولم تثمر بشئ يجعلها جاذبة وقابلة للإستفادة ، لهذا فهي تجربة ليست جديرة بالإستمرار مما يتطلب مغادرتها حتي لأتقصم ظهر تاريخ المرأة السودانية المشرفة ولا تُحسب علي النساء وعلي مجلس الوزارء عدم إعتمادها حتي لاتكون خصماً علي حواء السودان.