صلاح الدين مركز يكتب: سوف تعود النهود عاصمة دار حمر من أيادي التتار الجدد
في قلب كردفان، تتكئ مدينة النهود على تاريخٍ ناصع من المجد والمواقف الوطنية. لم تكن يومًا هامشًا في دفتر الوطن، بل سطرًا أول في صفحات المقاومة، وميدانًا للكرامة التي لا تُساوم، والمواقف التي لا تهادن ولا تخون.
واليوم، بينما تعبث قوى الظلام و”التتار الجدد” بمقدرات المدينة وتاريخها، تخوض النهود اختبارًا قاسيًا جديدًا. لكنها ليست وحدها. فكما وقفت يومًا في وجه الاستعمار، وكما أنجبت الفرسان، والمفكرين، والزعماء، فإنها اليوم تستنهض إرثًا لا يُشترى ولا يُزيف.
النهود: المدينة التي لا تركع
النهود لم تكن فقط بوابة كردفان إلى الغرب، بل كانت ملتقى للتجارة والثقافة والمقاومة. نشأت على تلال رملية شامخة، كأنها تعاند الانحناء، وارتبطت عبر تاريخها بحراك وطني مناهض لكل ظلم داخلي أو خارجي. لم تعرف الحياد، بل كانت دائمًا في صف الشعب، تدافع عن الضعفاء وتتصدى للمستعمر.
عندما اجتاح الاستعمار البريطاني السودان، وقفت النهود ودار حمر عامة موقف العزة والكرامة. وكان أبناؤها، كما عهدهم الوطن، في طليعة المقاومة، لا يطلبون سوى شرف الموقف وكرامة الأرض.
نضال أعيان حمر وإرث الأمير عبدالقادر منعم منصور
من بين الأسماء اللامعة في تاريخ دار حمر، يبرز الأمير عبدالقادر منعم منصور، أحد أبرز رموز الإدارة الأهلية، وصوت الحكمة والوطنية. لم يكن زعيمًا قبليًا فقط، بل كان عنوانًا للوحدة والكرامة، ورمزًا لرؤية عميقة تسعى لحماية النسيج الاجتماعي في كردفان والسودان، حتى لُقّب بـ”أمير أمراء السودان”.
عرفه الناس كرجل دولة حقيقي، يقف في لحظات الأزمات، ويمثل صمام الأمان حين يتهدد الوطن. قاد مواقف حاسمة، ووقف مدافعًا عن قضايا السودان دون أن ينزلق إلى خطاب الكراهية أو الإقصاء. واليوم، في غيابه القسري، تتردد كلماته في ضمير الناس: الأرض لا تُباع، والكرامة لا تُقايض.
النهود: بوابة العبور إلى الحرية
النهود ليست مجرد جغرافيا، بل رمز لمواقف الشجاعة والكرم. حين ضاقت الأرض على أهل جنوب كردفان، لم تغلق النهود أبوابها، بل مدت يد العون، واحتضنت إخوتها. دفعت ثمن مواقفها من دماء أبنائها وهدوء ليلها، لكنها لم تتراجع.
لكن الغدر جاء هذه المرة من الداخل، كما تؤكد مصادر موثوقة. خان البعض الأمانة، وفتحوا الثغور للأعداء، وسقطت النهود مؤقتًا في أيدي “التتار الجدد”. غير أن المدن العظيمة لا تنهار، بل تعود أقوى، وأصلب عودًا.
النصر لا يُمنح، بل يُنتزع
النهود ستعود، لا بالمناشدات، بل بعزيمة شعبها، بجحافل المتحركات، ومجاهدي كردفان، وبوعي الجيل الجديد. ستعود لأنها لا تعرف الاستسلام، ولأن خلفها شعبٌ لا يُهزم.
اليوم، تُعلن كل كردفان – شمالها وجنوبها، شرقها وغربها – أن تحرير النهود مسؤولية الجميع، وأنها ليست فقط بوابة العبور إلى فاشر الصمود، بل مفتاح الكرامة السودانية المتجذرة في الأرض والدم.
وللتتار الجدد نقول: لن تطول إقامتكم. فالأرض التي أنجبت عبدالقادر منعم منصور، قادرة أن تُنبت ألف فارس، وألف أمير، وألف مقاوم.
الخزي والعار لكل من خان النهود وشرد حرائرها. فالتاريخ يسجل… ولا يرحم.