Site icon اسفير نيوز

صلاح الدين مركز يكتب ..السودان في مرمى الاستهداف إعادة الاستعمار بصيغة جديدة !!

 

في مشهد يذكّر بعصور الاستعمار القديم لكن بوسائل جديدة، يتعرض السودان لعدوان دولي مقنّع، يستهدف مؤسساته السيادية، ويهدد وحدة ترابه الوطني تحت ذرائع إنسانية وديمقراطية مصطنعة. فقد بات واضحاً أن ما يجري في السودان ليس مجرد صراع داخلي، بل هو جزء من استراتيجية أكبر يعيد بها النظام الدولي إنتاج أدواته الاستعمارية بشكل ناعم، لكن أكثر خبثاً وتأثيراً.

 

عدوان بأدوات محدثة

ما حدث في مطار نيالا الدولي من استهداف لرجال استخبارات أجانب، يُعد مؤشراً خطيراً على حجم التورط الخارجي في النزاع السوداني. لم يعد التدخل عبر التصريحات السياسية أو العقوبات الاقتصادية فحسب، بل بات عبر عمليات ميدانية، دعم مباشر للفصائل، وتوجيه مسارات الصراع بما يخدم مصالح القوى الكبرى.

 

دويلات صغيرة، ذات علاقات وثيقة بمحاور النفوذ الدولي، تتولى تنفيذ المهام القذرة، سواء بتوفير الدعم العسكري أو الاستخباراتي، بينما تقوم المنظمات الليبرالية -التي تدّعي الحياد- بتوفير الغطاء الأخلاقي لهذا التدخل، من خلال حملات إعلامية ومنصات “حقوق الإنسان” التي لا تُبصر سوى ما يُناسب أجنداتها.

 

النظام الدولي الجديد: الاستعمار الليبرالي

ما نراه اليوم هو ترجمة عملية لما يسميه بعض المحللين بـ”الاستعمار الليبرالي”، وهو نظام دولي جديد لا يحتاج إلى احتلال مباشر، بل يعيد تشكيل الدول من الداخل عبر الفوضى الخلاقة، فرض نماذج حكم غير منسجمة مع السياقات المحلية، وخلق طبقات سياسية مرتبطة عضوياً بمراكز القوة العالمية.

 

يتم ذلك عبر أدوات متعددة: منظمات غير حكومية، منصات إعلامية عابرة للقارات، صناديق دعم مشروطة، وأحياناً شركات أمنية خاصة. أما الهدف، فهو إحكام السيطرة على الموارد الاستراتيجية – كالذهب، المياه، والموانئ – وإعادة توجيه مسارات التجارة والسيادة بما يخدم مصالح الخارج.

السودان على خط النار
السودان، بموقعه الجغرافي وثرواته الطبيعية، بات هدفاً مثالياً لهذا النموذج. الصراعات التي يُفتعل جزء كبير منها داخلياً لا تنفصل عن مخططات دولية تسعى إلى إعادة رسم الخرائط السياسية والاقتصادية في المنطقة. بل إن إعلان التعبئة العامة للدفاع عن البلاد لا يأتي فقط في مواجهة قوة عسكرية، بل ضد شبكة مصالح عابرة للحدود تسعى لتفكيك الدولة الوطنية.

 

 

الدفاع عن السيادة ضرورة لا خيار

 

في مواجهة هذا المشهد المعقد، يصبح الدفاع عن السيادة السودانية واجباً وطنياً وسياسياً علي كل سوداني . كما يجب أن يرافقه وعي شعبي وإعلامي بحجم المؤامرة، ونقاش جاد حول طبيعة النظام الدولي الجديد الذي يُنتج الحروب بالوكالة، ثم يفرض نفسه كوسيط وحَكم.
لقد تغيّر شكل الاستعمار، لكنه لم يختف. بل ارتدى قناع الليبرالية وحقوق الإنسان، وعلينا أن نكشف هذا القناع قبل فوات الأوان.

Exit mobile version