صلاح الدين مركز يكتب ..العدوان الإماراتي على السودان… والعدالة الدولية المعطوبة!!

0
منذ اندلاع الحرب في السودان في الخامس عشر من أبريل، بين القوات المسلحة السودانية ومليشيا الدعم السريع التي تمردت في محاولة للاستيلاء على السلطة بالقوة، اتضحت معالم التدخل الأجنبي السافر. فقد لعبت دولة الإمارات دورًا محورياً في إذكاء هذا الصراع، من خلال دعمها العسكري واللوجستي للمليشيا، في خرق فاضح للقانون الدولي، وبمباركة صامتة من المجتمع الدولي.
ولكن ما يحدث في السودان ليس معزولاً، بل يأتي في سياق نمط إماراتي متكرر من التدخل في شؤون الدول الأخرى.
فقد شهدنا الدور الإماراتي في إشعال النزاعات في ليبيا عبر دعم قوات حفتر، وانخراطها في الحرب في اليمن ضمن تحالف لم يسهم سوى في تمزيق البلاد واستنزاف مقدراته. كما مارست تدخلات مماثلة في الصومال، محاولة فرض نفوذها الاقتصادي والسياسي في موانئه ومناطق نفوذه الاستراتيجي. لقد تحولت أبوظبي إلى لاعب إقليمي يسعى لفرض نفوذه عبر أدوات المال والسلاح، حتى لو كان ذلك على حساب دماء الشعوب واستقرار الدول.

 

الأخطر من ذلك، أن هذه التدخلات لم تتوقف عند حدود السياسة والسلاح، بل امتدت إلى النهب الثقافي والتراثي. فقد عُرضت بعض من موروثات السودان التاريخية في معارض أقيمت باسم الإمارات، ومنها نيازك سودانية نادرة ومقتنيات تمثل حضارات ضاربة في القدم. كذلك سُجلت شواهد على عرض عناصر من التراث اليمني في متاحف ومعارض إماراتية دون إذن، في سابقة تشبه إلى حد كبير أساليب الاستعمار الثقافي القديم.
ما تفعله الإمارات اليوم في السودان هو عدوان مكتمل الأركان، تُقتل فيه الأنفس وتُدمّر المدن، بينما يختار العالم الصمت، إما لعجزه أو تواطئه أو لانحيازه للمصالح. لكن التاريخ علمنا أن صمت العالم لا يعني نهاية القضية، بل قد يكون بداية لتحوّلات خطيرة.
فالشعوب المستضعفة، حين تُدفع إلى الزاوية، تبحث عن وسائل الرد، وربما تتجه المنطقة نحو مرحلة جديدة، حيث تتحول الصراعات من مواجهات تقليدية إلى حروب عبر جماعات وتحالفات عابرة للحدود، تدفع بها الغضب الشعبي والعدالة الغائبة.

 

ما لا تفهمه أبوظبي هو أن كسر إرادة الشعوب مستحيل. والسودان، الذي ظل عصيًّا على الاحتلال والمؤامرات، لن يكون لقمة سائغة في لعبة المصالح الإقليمية. هذه ليست مجرد أزمة داخلية، بل صراع من أجل السيادة، ومن أجل مستقبل لا تكتبه الأيادي الغاشمة.

 

والتاريخ لا ينسى..

اترك رد