على مَن يقع خطأ عدم الإنجاب ما هو العُقم ، وهل نؤمن بالقسمة الربانية عندما يتعلق الأمر ب(الولادة)
آلاء بابكر
إن الأبناء من أعظم النعم التي حبانا الله بها على الأرض ، وجودهم يعني الإستقرار والأمان ، وعدمِهم قد يولد القليل من عدم التفاهم بين الزوجين وبالخصوص اذا ما ضعُف الإيمان لديهم. في مقال اليوم حديثُنا عن أهم نقطة تحول في استقرار حياة الزوجين ، ألا وهي عدم الإنجاب.
في مجتمعنا السوداني المغلق ، كثيراً ما تُعاتَب المرأة على عدم الإنجاب ، وعندها يكثُر الحديث والتعليقات بين أهلها وأهل الزوج لتحديد من هو المُخطئ أو مَن يقع عليه ( العيب ) ودعونا نضع ألف خط أحمر تحت كلمة ( عيب ) ، عدم الإنجاب ليس بعيبٍ على الإطلاق ، هنالِك من أكرمهم الله بالأبناء وهنالك من لا يستطيع الإنجاب وكل هذا لحكمة يعلمها الله وحده . إن الهدف من مقال اليوم هو أن أُبَسِط لدى بعض النساء مفهوم العُقم ، وأريدكِ أيضا عزيزتي ان تتذكري أنه لا يوجد خطأ ولا عيب في عدم الإنجاب ، وأنه ليس كل من لم يُنجب لمدة عام أو عشرة أعوام يكون عقيماً . سأناقش معكِ نقطتين مهمتين ، الأولى هي مفهوم العقم ، والثانية هي الإيمان بالقسمة الربانية في عدم الحَمل.
أولاً ما هو العُقم وفي المفهوم البسيط ، عند المرأة يكون العُقم هو عدم قدرة المبيض على تكوين بويضات صالحة للتخصيب من قِبَل الحيوانات المنوية ، خلاف ذلك يمكن أن نُرجع أسباب عدم الحَمل الى أمراض أصابت الجهاز التناسلي للمرأة كنمو الفطريات بالكمية الكبيرة ، أو وجود تكيُسات دهنية داخل الرحم أو بالمبيض ، وكل ذلك وغيره يمكن الكشف عنه ومعالجته عند الأطباء المتخصصين. أما بالنسبة للرجل فيمكنني القول بأن العُقم لدى الرجل هو في المقابل عدم قدرة الجهاز التناسلي للرجل على تكوين الحيوانات المنوية وهنا لابد أن نُفرِق بين تكوين الحيوانات المنوية وتكوين السائل المنوي ، إذ أن بعض الرجال يكونون سائلاً منوياً ولكن لا توجد به حيوانات منوية وهو الأمر الذي يختلط على كثير من الأزواج ، وفي هذه الحالة لا يستطيع الرجل الإنجاب الى أن تتكون الحيوانات المنوية بالسائل المنوي.
النقطة الثانية هي أن عدم الإنجاب ليس بعيب ولكن العيب هو عدم الإيمان بهذا الإبتلاء ، والخطأ الأكبر هو في الذهابِ الى بعض الشيوخ تحت مسمى ( فَكِي ) لكي يعالج المرأة من العُقم. هنالك الكثيرون ممن يؤمنون بعلاج عدم الإنجاب بالعلاجات الروحانية وانا لست متخصصة في هذا المجال لكي أقدم فتاوى ، ولكن من باب تخصصي أنصحُكِ بعدم الذهاب الى هؤلاء الشيوخ الغير معروفين لأنهم يمارسون بعض الأفعال القبيحة مثل إعطاء المرأة ما يزعمون أنها حبوب عشبية تحت مسمى ( لبوسات كما يقولون ) من باب أنها أعشاب طبيعية علاج عدم الحَمل والتي قد تُدخِل الزوجين في إختلاط الأنساب ، ولابد لنا أن نفهم ونتفهم هذا الأمر الجلل الذي يحدث من دون وعي منا ، فقد نرى الأمهات هُنَ من يأخُذن بناتِهِن الى هؤلاء الدجالين ، ومن هنا أتمنى أن تصل كل النساء في السودان الى مرحلة ثقافة ووعي تجعلنا نفيق من هذا الجهل الذي تلبَسَنا منذ عشرات السنين.
وأخيرا من واجِبُكِ كأنثى تحمي بنات جنسها أن تُبلغي عن أي ممارسات غير صحية وغير قانونية تمارَس من باب معالجة العقم لدى النساء وأتمنى من الدولة بأن تهتم بالتحقيق أكثر في هذا الجانب وأن تضع العقوبات الرادعة لهؤلاء الدجالين . تأكدي أن العلاج الوحيد هو عند الله أولاً ، ولدى الأطباء المتخصصين ثانياً . كما أرجو أن تلتفِت الدولة الى هذا الجانب المهم من حياة الأسرة بتوفير العلاجات اللازمة للجميع والإهتمام بالجانب الصحي أكثر ، ولابد أن نتذكر بأن نتوقف عن النظرة السلبية الى من لا تُنجب أو من لا يُنجب.