رؤى : دار اندوكا … كفكفي جرحك

0

رؤى

واصلة عباس محمد نور

دار اندوكا… كفكفي جرحك

إسفير نيوز :

عندما تحملنا الخطى المسافرة في ربوع الوطن غربا، ثم لواعج عدة تنتاب مفاصل الروح والعقل

وتتراءى أمام ناظري مشاهد مازالت عالقة تسترجع نفسها وأنا في جاهزية ترتفع بها روحي..

قبل أن ابدأ بترتيب حقيبتي وإعداد مامن شأنه ينجح الغايات المرجؤة من هذا التسفار.

ثمة مشاهد أبت الركون إلى النسيان ونساء هال الفقر والعوز والحرب على استقرارهن وطمأنينتهن يختمن سنوات العمر على هدير المدافع

والقاذفات وتتقاسم الأوجاع معهن الوجع.. كلمة (بنيتي إت جيتي من الخرتوم)

كانت حاضرة تنساب مفعمة بعطر الكرم والترحاب لبلد تجذرت في باطن الأرض حتى ترسخت جذورها فكونت دولتين

إحداهما في باطن الأرض تحكي عراقتها وأخرى في ظهر الأرض تقف عزة وشموخا ترفض لأي ركوع وخنوع.

في دار اندوكا تعلمت الشمس أن تمكث أطول الأوقات على ربوعها وشعاعها الذهبي

يمنحها فرحا تغازلها صبية تحاول أن تمسك بعضا من أشعتها بيديها الصغيرتين.

في دار أندوكا لازلت أتفرس في وجوه كل النساء اللائي قابلتهن أبحث عن تلك المرأة الخمسينية في معسكر أبازر وهي تطلب مني أن أخبر العالم

إنهم قادرون على الكسب والعمل فقط عليهم أن يعيدوهن إلى ديارهن (رجعونا نزرع ونحش فضراعنا أخضر).

وصدقا إنني في كل بحث أتمني ألا أجدها لان رسالتها وصلت في وادٍ بغير قيعة يحسبه الظمآن ماء.

عيال مساليت أحفاد دار أندوكا هازم الطليان ما الذي يفعلونه بأنفسهم ودمائهم الغالية مهدرة في الطرقات والشوارع

بلا رحمة ولاضمير مستيقظ يخبرهم أنهم يقطعون الرحم ويقتلون الأمان في تخوم الديار؟؟

ما الذي جعل الدماء رخيصة والحرب غادرت ديارهم لتمنح السلام المفاتيح لفتح غد أفضل وأفق أوسع.

ما الذي أصابك يادارفور وكل يوم تتفتق جروح ظننتها اندملت، في الطائرة التي أقلتنا إلى الجنينة جلس بجانبي شاب في العشرينيات من عمره

يدرس بإحدى الجامعات في الخرطوم وهو في بدلته الأنيقة وفرحته بالعودة لأهله وتتهلل أساريره

قلت له ما الذي ستفعله لأهلك بعد تخرجك في الجامعة؟

قال لي : لاشئ إلا إذا توقفت الحرب في النفوس وعم الإيمان واليقين قلوبهم، أنا وغيري إن حاولنا التغيير سنكون الوقود الذي يسعر نار الحرب.

ما الذي ترجينه منا ونحن لانعرف لنا وطنا غير معسكرات النزوح الهشة التي وئدت كل أحلامنا وحجّمت أفكارنا

وجعلتنا تحت رحمة الحركات المسلحة ومنظمات الإغاثة؟، ليس أمامي سوى الهجرة وجئت لأودع أهلي.

استرجعت حديث الشاب الذي يعد بمثابة روشتة علاجية ناجعة لعلاج الأزمة..

(إذا لم تتوقف الحرب في النفوس والقلوب لن تتوقف الحرب الأهلية في دارفور).

اترك رد