اسفير نيوز : تقرير ـ محمد علي كدابة
لم تكن علاقة السودان وقطر بعد سقوط نظام البشير والتغيير الذي حدث في السودان بذات الحميمية والود الذي كانت تقابله الدوحة للخرطوم في نظام الإنقاذ السابق في وقت تزايدت فيه الأحاديث عن توتر العلاقات القطرية السودانية إبان اندلاع الثورة وأيام الاعتصام بسبب موقفها المنحاز للنظام السابق بخلفية الانتماء للحركة الإسلامية التي يتزعمها نظام البشير وتأتي حادثة رفض استقبال الوفد قطري برئاسة وزير الخارجية محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مقدمة الأحداث المشهودة على مواقف الحرية والتغيير والمجلس العسكري وقت التفاوض حول الشراكة ورغم ذلك أكدن قطر عقب الأحداث بالسودان على ضرورة إعلاء المصلحة الوطنية العليا، وتحقيق تطلعات الشعب السوداني ومطالبه العادلة في الحرية والعدالة.
ويرى دبلوماسيون تميز العلاقات القطرية السودانية في عهد البشير بتشعبها؛ في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية ومجالات العمل الإنساني والذي اتصف بالداعم الدائم للسودان وشعبه للخروج من أزمته الاقتصادية.
ويرى السفير أحمد كرمنو أن حقيقة العلاقة بين الدوحة والخرطوم بعد سقوط حكومة البشير شابها بعض التوتر لأنها كانت ليست حميمة بسبب الانتماء للحركة الإسلامية، مشيرا إلى تبني قطر لملف سلام السودان في مفاوضات الدوحة التي بذلت فيها جهودا كبيرة رغم اشتعال الأزمة وقال إن زيارة أمير قطر لمدينة الفاشر كأول زيارة لمسؤول قطري كبير مما يدلل على اهتمامه بحل مشكلة دارفور وكذلك إرساله المساعدات الإنسانية ولم تقفل باب الود بينها والسودان وأبدى تفاءله بعودة قوية للعلاقات القطرية السودانية التي قال إنها لم تسوء وإنما بعض المكونات السياسية أثارت جدلا حولها مما جعل الدوحة في تحفظ وتتعامل مع الخرطوم بدبلوماسية أكسبها القبول مرة أخرى وتوقع تحسنا كبيرا في العلاقات بين البلدين بعد المصالحة الخليجية بين السعودية وقطر والبلدان العربية الأخرى. وقال كرمنو كتر الله خير قطر أنها التزمت بالعلاقات الودية الموجودة رغم الذي حدث في التغيير، مشيرا إلى أنها كانت تنظر بسياسة مختلفة للوضع الجديد الذي حل بالسودان وتمنى عودة أكثر حميمة للعلاقات بين الخرطوم تعبر عن أشواق وتطلعات شعب البلدين.
فيما يرى آخرون أن قطر تبني سياستها الخارجية على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول ودعم جهود التنمية في الدول أينما كانت تحت المظلات الأممية.
وتمثل الاستثمارات القطرية في السودان نسبة كبيرة من الاستثمار الخارجي هناك، من خلال المؤسسات القطرية المختلفة الرسمية منها وغير الرسمية من البنوك والشركات الاستثمارية خاصة في مجالي الزراعة والبنية التحتية.
وتقدر الاستثمارات القطرية بالسودان، بنحو 3.8 مليار دولار؛ حسب وزارة الاستثمار السودانية؛ حيث تحتل الدوحة المرتبة الخامسة بين الدول الأجنبية التي تستثمر في البلاد.
وخلال العقد الماضي، أنفقت الدوحة مئات ملايين الدولارات على شكل منح وقروض، في مشاريع البنية التحتية بالسودان مما يعتبره البعض سببا في الاحتفاظ بالعلاقات القطرية السودانية خاصة أن قطر لعبت دوراً محورياً في تحقيق السلام وتعزيز الأمن والاستقرار بدارفور من خلال رعايتها للحوار بين الأطراف المتصارعة في مفاوضات الدوحة.
فجاءت “وثيقة الدوحة للسلام” في دارفور، التي وقعتها الحكومة السودانية و”حركة التحرير والعدالة”، ضمن سلسلة جهود قطرية في مجال الوساطات الناجحة التي خاضتها في مختلف الملفات العربية والدولية، إذ تتبنى دولة قطر في سياستها الخارجية مبدأ الوساطة والحياد تجاه الأطراف المختلفة في تلك الملفات وأعقب “وثيقة الدوحة للسلام” في دارفور مشروعات الإعمار والتنمية من خلال مبادرة قطر لتنمية دارفور؛ وكانت الدولة الوحيدة التي مولت المشاريع التنموية في الإقليم وأوفت قطر بتعهداتها البالغة 177.4 مليون دولار لمؤتمر المانحين الذي عقد في الدوحة عام 2013، وقضى بجمع مبلغ 4.5 مليار دولار لإعمار إقليم دارفور.
السفير الدكتور خالد المبارك المصطفى بدوره أكد قوة العلاقات القطرية السودانية في العهد البائد وطالب بضرورة الاحتفاظ بهذه العلاقات وقال ينبغي أن يثني عليها لتساعد في الأمن والاستقرار لان الحكومة القطرية أفلحت بأن يكون هنالك اتفاق لسلام السودان في الدوحة بحضور جميع الدول الكبرى في العالم لتتبنى المفاوضات بين الحركات المسلحة والحكومة السودانية رغم الانقسام في البيت الخليجي والحصار المفروض بين هذه الدول واستنكر المبارك رفض البعض لإقامة علاقة مع قطر بحجة الانتماء للحركة الإسلامية والميول لقياداتها في السودان ووصفها بالنغمة المتطرفة المعادية للدول العربية عموما وللدول الخليجية وفق منظور عنصري بغيض لا أساس له في تاريخ العلاقات واستبعد أن تعمل قطر على قطع علاقاتها مع السودان بدواعي الانتماء الإسلامي وقال إن الحركة الاسلامية انتهت ونحرت نفسها بنفسها بعد أن وجدت فرصة الحكم وأساءت استغلال الثروة والسلطة وحينها ثار الشباب الذين ولدوا في عهد الإنقاذ مما جعل القطريين يعرفون خطأ الإسلاميين في الحكم، مشيرا إلى أن السياسة القطرية عرفت بالاعتدال ولها القدرة على التسامح الذي تفقده قيادة الحركة الإسلامية في السودان.
واكد وزير الخارجية القطري حال إثارة موضوع عدم استقباله من الجانب السوداني بعد سقوط نظام الإنقاذ، أكد في لقاء مع قناة “RT” الفضائية ، أن قطر تربطها مع السودان علاقات في الشقين العسكري والمدني، مبينا أن سفارة بلاده في الخرطوم تعمل بشكل مستمر.
وأفاد بوجود اتصالات بين القوات القطرية والمجلس العسكري، وكشف عن أعمال ومشاريع مشتركة بين الجيش القطري ونظيره السوداني.
وعن ما يشاع بشأن وجود ضغط سعودي إماراتي على السودان من أجل عزل قطر، أشار وزير الخارجية إلى أن الاتصالات مع الخرطوم متواصلة، لكنها لم تصل إلى مستويات رفيعة، موضحا أن الاتصالات على المستويات الرفيعة ستأتي في الوقت المناسب عند وجود خارطة طريق واضحة ونتائج واضحة للحوار الوطني في السودان.