الخرطوم إسفير نيوز
أرسل لي عبر الجوال الصديق العزيز صديق حسن عبد الله رسالة قال فيها ( 26 يناير 1885 تحرير الخرطوم وتحقيق الاستقلال وتوحدت الأمة تحت قيادة الإمام محمد المهدي عليه السلام فانتصرت. 26 يناير الساعة 12 ظهراً الذكرى 129 لوصول المجاهدين القصر ومقتل غردون ونهاية الاستعمار . مرت يتيمة إلا في بعض صفحات داخلية في الصحف) انتهى.
الإمبراطورية التي لاتغيب عنها الشمس غيبها الأشاوس فى السودان بلا إله إلا الله الهوية والمصادفة العجيبة إنه قد أهدى إلى كتاب عبد المحمود أبو شامة ( من أبا إلى تسلهاي) والكتاب من المتوسط الكبير يقع في 678 صفحة وقد قدم له د. الحبر يوسف نور الدائم جامعة الخرطوم – كلية الآداب فقال في إحدى فقرات نقدية. ( يتناول الكتاب فترة معينة من تاريخ السودان وذلك أن وحد الإمام المهدي السودانيين تحت راية الجهاد في سبيل الله ونفخ فيهم في روحهم المتوهجة، إذا بجذوة الإيمان الكامنة في صدورهم تشتعل مغيرة وجه الحياة وأوضاعها. لقد ذكرني وصفه لواقع أبو طليح يوم أن اخترق المربع الإنجليزي وأظهر أنصار الله ألوانا من البطولة وضروب التضحية وفنون المهارة العسكرية ودورس الفروسية، ذكرني بما كان عليه سلفنا الصالح من معرفة بفن الموت الذي تعلموه على يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وما أحرانا ولاسيما الشباب منا – وأن نقف على هذا الكتاب القيم نطالعه في إناة وروية ونفاد، منه نحصل علماً ونستمد زاداً. ثم يختم ويقول إن ظفرت بهذا الكتاب فقد ظفرت بكنز ثمين وما أنت بتاركه حتى تلتهمه التهاماً).
هكذا التهمت الكتاب وغصت فيه وسبحت في مائه العذب حتى وصلت مصادفة إلى حصار الخرطوم، فكنت بين الفينة والأخرى أضعه لأمسح دموعي التي كانت تسيل بغزارة لجسارة الأجداد وإقدامهم على الموت غير عابين وهم يهتفون الله أكبر ولله الحمد، فيسقط العدو والمدن والعدة والعتاد الحربي الحديث آنذاك مقارنة بالزمن تسقط كتساقط أوراق الخريف. وكان زادهم تلك القوة الروحية الكامنة والإيمان الدفاق النابع من العقيدة دفاعا عن الدين والوطن.
الحقائق التي بيّنها عبد المحمود أبو شامة عن تحرير الخرطوم كانت جديدة مما يستدعي مراجعة كتابه تاريخ السودان لاسيما فترة المهدية التي شوهها المستعمر أمثال سلاطين باشا في سفره (السيف والنار) والذي قصد فيه النيل من المهدي والخليفة عبد الله بكثير من الاتهامات في السلوك، ثم وصفه لهم بالكذب والخيانة.
إن من ضمن الحقائق التي أظهرها دور الصوفية في تحرير الخرطوم. وفق الرايات والأماكن ستذكر لاحقاً، يذكر الأستاذ عبد المحمود أبو شامة في صفحة 467 في إحدى الفقرات ( أن السعادة التي كان يشعر بها ثوار المهدية عندما توكل إليهم مهمات كانت تفوق كل سعادة. إن الإمام المهدي عرف الطرق المثلى لعدم كبح جماع الزخم الثوري – فاندفع بسيل ثورته كطوفان نوح. وعندما كانت الظروف تجبره للتريث حفاظاُ على الأرواح من الهلاك، كان يحرك قواته لأعمال شتى إدارية وعسكرية ودينية، إنه لم يترك العشب ينمو قط تحت أقدام ثواره). انتهى
يقول في صفحة 467 ( بعد صلاة المغرب من يوم الأحد 25 يناير 1885م عبر الإمام المهدي ومعه الخليفة عبد الله التعايشي والخليفة علي ودحلو والخليفة شريف بالمراكب النيل الأبيض ونزلوا عند شجرة محو بك ( الشجرة حالياً)، حيث استقبلهم أمير الأمراء عبد الرحمن النجومي وقادته قائد الحصار بضفة النيل الأزرق اليمنى الأمير عبد الله جبارة والأمير أبوبكر عامر. وعظهم الإمام المهدي في أمر اقتحام الخرطوم وتحريرها، كان الجميع يبكي وهو يسمع الخطب البليغة، ذكرهم أن الهجوم يجب ان يكون جهاداً خالصاُ لوجه الله حتى لاتشوب الاستشهاد شائبة ثم أصدر تعليماته قائلاً: أربعة لايقتلون وهم غردون باشا، الفكي الأمين الضرير، الشيخ حسين المجدي والشيخ محمد السقا.
حال الخرطوم في يناير 1885
خوفاً من الأنصار وحماسهم وحسب تقرير الجواسيس قالوا لم يجد غردون شيئاً يقدمه لجنوده ابتداء طلبوا من الطبيب فتوى طبية أكل الصمغ العربي كطعام، جمع الصمغ وقسم على الجنود. قرروا قطع قلب أشجار النخيل وخلطها بقليل من الذرة لصنع الخبز. أكل الناس الكلاب، الحمير، البغال والقطط، الذرة بلغت مائة ريال ولكن لا أحد يجدها، خرجت النساء يحملن حليهن الذهبية والفضية في أيديهن ليقايضن بها قليلاً من الذرة، إذ تمكن أحد من اصطياد سمكة في السماء يستطيع بيعها في الصباح بخمسين ريالا. انهارت صحة الأهالي والجنود ولم يعد الجندي قادرا على حمل أمتعته.
إنه تاريخ حري أن يحتفل به وأن يكون قومياً في العام وينشر عبر الإعلام المسموع، المرئي والمقروء.