مهددات الأمن القبلي في غرب كردفان ..
فضل الله رابح
إختلف الرواة في تقديم الرواية الحقيقية للصراع الأخير بمنطقة المحفورة ـ محليط السنوط ـ ولاية غرب كردفان ـ بعضهم حصره كصراع ديناميكي بين قبيلتي حمر والمسيرية ظل يتجدد من وقت لآخر صراع تحدده تطورات المصالح في الزراعة والرعي والأرض فهذه المرجعية غير دقيقة وبالأحري غير صحيحة علي الاقل في أصل الصراع وطبيعة الأسباب الأخيرة التي أدت للمشكل وإستفحاله وتدخل قبائل أخري مثل المعاليا والشنابلة في الصراع متضامنين مع المعاليا وحمر .. هناك جهات هدفها النيل من قبيلتي حمر والمسيرية قامت بتضخيم الامر والتطورات الأمنبةالأخيرة
مستفيدة من تجاهل سلطات الولاية للامر وعدم تقديمها الرواية الحقيقية الإولي بجانب إنعدام الأمن في حده الأدني بالمنطقة .. إن حمر والمسيرية تربطهم أواصل إجتماعية وثقافية وجغرافية عاصمة من كل فتنة وأسهمت القبيلتين تاريخيا بفعالية ومنذ المهدية في أمن وإستقرار الوطن ولهما تاريخ مشرف في ميادين التضحية والفداء لكن النهابون والمجرمين كثيرا ما يملأون صدر القبيلتين هواءا ساخنا ويحدثون ثورات غضب وفوضي شعبية بسبب إنتشار السلاح عند بعض الجهلاء والصبيان وفي غياب السلطة الولائية القوية والمدركة يتحول الأمر إلي مهدد لأمن مجتمع القبيلتين الآمن .. إن الرواية الحقيقية للصراع الأخير كما حكاها لي عمنا الأمير ـ عبدالقادر منعم منصور هي أن متفلتين بزي مموه قاموا بنهب إبل تتبع لقبيلة المعاليا التي تسكن دار حمر وإستنفر المجتمع المحلي قواه وتتبع الجناة في فزع ومناصرة عامة بها أكثر من قبيلة من القبائل الرعوية ومعروف في الخريف الأبالة بكونوا متنقلين بحسب العشب والكلا وعادة ما يكون أكثر من قبيلة ومسار في مرحال واحد يتناصرون عند المحن والملمات والشدة .. وكان تدخل أبناء قبيلة حمر بعدد من الفرسان في الفزع كتوازن للقوة الشعبية المتناصرة والفازعة وعند منطقة المحفورة أرغم الجناة الفزع علي الدخول في معركة لإسترداد الإبل وحدث هرج ومرج حيث قتل في المعركة ستة من أفراد قبيلة المعاليا ملاك الإبل وإثنين من قبيلة حمر بعد تدخلهم لصالح المعاليا وعلي إثر ذلك ربما حدث عدوان قبلي في مناطق اخري حول المنطقة بسبب تداول المعلومات المغلوطة وإثارة الموضوع كصراع قبلي حمري مسيري دون النظر إليه بأنه صراع مجرمين أوتهم منطقة المحفورة مع رعاة بسب سرقة وليس صراعا علي الأرض كما يشيع البعض إذ لا يوجد مسيري واحد دخل أراضي حمر وإعتدي وكذلك حمر حتي لا يسعي البعض بالفتنة والوقيعة ويتولد صراع قبلي ويصبح مهددا أمنيا للقبيلتين لا يمكن السيطرة عليه .. والي ولاية غرب كردفان قد تعامل مع الموضوع ببرود وتجاهل في مراحله الاولي والبعض يتهمه بالميل تجاه قطبية دون الأخرين فهو قد ذهب إلي منطقة المحفورة ومكث بها وقتا طويلا ولم يكلف نفسه الذهاب إلي النهود بل إتصل بـ ـ عبدالحي صافي الدين مقرر شوري حمر وكان عبدالحي لحظتها يجالس الامير عبدالقادر ولم يطلب الوالي مقابلة الامير ولو تلفونيا حتي الآن ولم يتحدث الوالي مع السلطات الاهلية للقبيلتين بغرض نزع فتيل الأزمة ظل يتحرك مع لجنته الأمنية فقط .. الدكتورـ صديق تاور عضو مجلس السيادة إتصل من الخرطوم بالامير عبدالقادر منعم وتفاكر معه حول الحل وطبيعة المشكلة ووعد بزيارة النهود وحسم الصراع والحد من إنتشاره فهي خطوة وجدت إستحسان وتقدير .. أما السلطة الولائية كانت سلحفائية في تحركها مما عده طرف سيما الرعاة من قبيلتي حمر والمعاليا إنتقاصا من حقوقهم في الرعاية والحماية من الدولة التي كان علي الوالي ان يراعيها لانه مسؤول من الكل وعليه أن يطيب خواطر الجميع حتي لا يتهم بالإنحياز ومحاباة طرف علي الآخرين .. صراع الرعاة والهمباتة طبيعي وله جذور لكن الغير طبيعي ان يتحول لنزاع قبلي أو عنف عرقي جهوي فالمجرم والحرامي لا قبيلة له فإبن القبيلة اذا كان مجرما قد يتواطأ مع مجرم آخر ومن قبيلة أخري ويستعين به في سرقة مواشي لأفراد من قبيلته .. المعايير عند المجرميين مختلفة وأحيانا توظفهم جهات معادية للقبيلتين للتسبب في إثارة الحرب وإشعال رمادها ونارها حيث لا يدرون بأنهم سيكونوا ضحيتها مع موت كثير من الأبرياء وإهلاك الحرث والنسل .. وإذا لم تجد مثل هذه الشرارة من يخمدها في مهدها ستؤدي إلي حرب قبلية تتسم بالتشفي والموت الجماعي والمجازر وتفكيك المجتمع المتماسك وتحويله إلي مجتمعات متناحرة ومتقاتلة وربما تتحول إلي جرائم إنسانية بحسب أهداف بعض الجهات حتي تتدخل جهات وأطراف إقليمية ودولية وقتها سوف يفلت الأمر من يد الجميع ويصبح الحل بيد آخرين .. أدركوا الفتنة قبل إستفحالها وأدعموا تاريخ وموروث قبيلتي حمر والمسيرية المتسامح والمتصاهر في التعايش السلمي وحل الأزمات .. اللهم تقبل الذين توفوا وأرحمهم وأحقن دماء الأهل جميعا وأرشدهم لما فيه الخير والصلاح ..