فضل الله رابح يكتب .. ميثاق روما والعدالة الإجتماعية ..أيهما أولي

0

 

 نشرت الوسائط الصحفية الإسبوع المنصرم خبرا خجولا يفيد أن مجلس الوزراء قد وافق علي مشروع إنضمام السودان إلي ميثاق روما الخاص بالمحكمة الجنائية الدولية الذي إستن عام 1998م .. إن موافقة مجلس وزراء الحكومة الإنتقالية جاءت علي خلفية دراسة قدمها وزير العدل ضمن مذكرته التي قدمها وبموجبها ينوي مجلس الوزراء إلغاء قرار سابق للسودان برفض الانضمام أجازه برلمان منتخب من الشعب السوداني عام 2007 م وهو برلمان توحدت فيه الارادة الوطنية وقتها عقب اتفاقية نيفاشا للسلام وهو برلمان ضم معظم القوي الوطنية والكتل والتنظيمات السياسية والعسكرية السودانية من أقصي اليمين إلي أقصي اليسار وكان تحت قبته جلس كل المناضلين والديمقراطيين والإسلاميين والسلفيين .. برلمان 1997م به من شمول التميل ما لا يستثني احدا او تنظيميا ..

والآن حكومة ما بعد الثورة بدلا من التركيز علي قضايا الشعب وضروراته في تحقيق العدالة الاجتماعية باتت تبحث في القضايا المختلف حولها وهي تدرك انها غير مؤهلة لإلغاء قرار أجازه برلمان منتخب ولا إعتماد قرار يعتمد قضية مصيرية في غياب برلمان منتخب .. واضح أن القرار تقف خلفه أهداف سياسية هوائية فهو تغطية لسوءات وليس قرارا متبلورا علي فكرة ودوافع موضوعية فهو ليس مشروع متفق عليه بين مكونات الحكومة الانتقالية لكنها عمدت من خلاله إرسال رسائل داخلية وخارجية متمثلة في الآتي : 1/ خارجيا هدفت قوي الحرية والتغيير إبلاغ امريكا بانها باتت غير مرغوب فيها وفيه مغازلة للاتحاد الاوربي ودوله وهو إثارة للمتشددين في موضوع المحكمة الجنائية وتسليم المطلوبين .. 2/ وبعد الأسئلة الحرجة التي قدمتها مسؤولة المعونة الامريكية للحكومة المدنية وأجهزتها مثل إثارة موضوع الانتخابات ولابد من قيامها وان امريكا لن تقدم دعما للسودان الا في دعم الانتخابات والياتها كما ان السؤال المثير للدهشة هو سؤال الامريكية الحاكمين عما يرون ان بلادهم في طريقها الي الانهيار بذات انهيار العراق إذ ان النظام الحاكم بعد صدام حسين قد افرغ العراق من الكوادر والكفاءات دون البديل والان العراق تحتاج الي مائة عام حتي نعيد توازنها ..

والسؤال الأكثرحرجا كان : هل تنوون سن قانون يمنع عناصر محددة من المؤتمر الوطني مرتبطة بملفات فساد واجرام ام ستحرمون كل عناصره من خوض الانتخابات ..? بمعني امريكا معترضة علي العزل الكامل وأردفته بسؤال آخر وهو : إلي أي مدي يتسق عمل لجنة التمكين مع مطلوبات التحول الديمقراطي بالبلاد وماهي المعايير التي تعمل بها اللجنة ..? ـ من وجهة نظر تحليلية ان الاسئلة الأمريكية شكلت مسار غضب حكومي وأن رد الفعل متوقعة وعلي صعيد آخر أعطت ملمح ان امريكا وتحالفات إقليمية ودولية لا ترغب في استمرار الحكومة بشكلها الحالي لذا طرحت أسئلتها الساخرة التي رسخت للمجموعة الحاكمة وهم ظل يعشش في رؤوس الكثيرين منهم أن امريكا وتحالفات اقليمية اخري تعمل في تنسيق مع جهات اخري لصناعة بديل ديمقراطي يحقق للمجتمع الدولي أهدافه ويحفظ له مصالحة في السودان بدلا من حالة التوهان والتشتت الحالية .. 3/ داخليا مشروع القرار يمثل خطوة اولي لـ ياسر عرمان مستشار حمدوك السياسي بعد إمساكه بخيوط اللعب السياسي ولكي يتحرك لابد أن ينطلق من زاوية حدث غير عادي حدث كلفته السياسية باهظة وبروزه سيحدث خلطا وإرباكا يجعل عرمان يكسب مساحات أقلاها إستمالة بعض عضوية اليسار بضربة مباغتة ويضع نفسه تحت مستوي الرؤية والنظر للتيارات السياسية الاخري سيما الاسلاميين والمكون العسكري فما عاد عرمان يثق في نفسه بعد ان فقد كل قواعده وسط الحركة الشعبية وحواضنها الاجتماعية والتقليدية في المنطقتين ( جنوب كردفان والنيل الأزرق ) فهو محاصر من الحركة الشعبية من جهة و كتلة اليسار من جهة أخري بعد ان فقد قيادات وهياكل الحزب الشيوعي وبات يستثمر في المتفلتين خارج المؤسسات وفي اطار صراعه مع بعض قيادات ورموز اليسار التقليدي وسعيه لصناعة إمبراطورية سياسية جديدة منطلقة من مكتب رئيس الوزراء والتأثير الحكومي المباشر وتأسيس أرضية وحاضنة يسارية للحكومة عموما وحمدوك علي وجه الخصوص ومحاولة تفكيك حجة اليسار المعارض للحكومة والذي يعمل علي إسقاطها لابد من إستخدام سياسة العصا والجزرة وبعض المغامرات ..

وبات ياسر عرمان شغله الشاغل أن يظل حضور في المشهد ولو علي حساب حاجات كثيرة والملاحظ بمجرد صدور خبر موافقة مجلس الوزراء علي الانضمام لميثاق روما بادر الحزب الشيوعي بتأييد القرار واعتبره خطوة اولي في اتجاه تحقيق العدالة الإنتقالية وهذا يعني أن حقنة عرمان المخدرة أدت مفعولها وعلي الرغم من أنه لم يصدر أي صوت آخر من شركاء الحكومة الفوضويين متضامنا مع القرار ومؤيدا له وهو مؤشر آخر يتطلب القراءة والنظر ومعرفة اي معسكر سيبقي وأي كتلة ستزول من واجهة الحكم خلال الأيام المقبلة .. 4/ إن إدراج دراسة وزير العدل ضمن اجندة مجلس الوزراء العادية وبشكل مفاجئ والخروج بقرار الموافقة علي الإنضمام لميثاق روما بشكله الحالي يوضح أن الغرض منه رسالة تخويفية للمكون العسكري وإرهابه علي الاقل في ظاهر الحدث ملمح يشير بانه بعد الموافقة علي الانضمام سيتم تسليم المطلوبين لدي الجنائية رغم قناعة الحكومة ومستشاريها العدليين أن ميثاق روما يشير بوضوح أن الميثاق لن يسري بأثر رجعي وإنما يطبق علي الدول المنضمة والموقعة حديثا بعد تاريخ التوقيع ولا يشمل النظر في القضايا والجرائم التي وقعت قبل التوقيع لكن في إطار تصاعد الحملات الإعلامية والسياسية ياتي خبر موافقة مجلس الوزراء علي إنضمام السودان لميثاق روما للضغط عبر الملفات والضرب تحت الحزام رغم قناعة حمدوك وإيمان مجلس الوزراء ان مشروع القرار سيتم فرملته في الاجتماع المشترك المزمع عقده للمجلسين السيادي والوزراء كآلية تشريعية لكنهم دفعوا به من منصة مجلس الوزراء للاعلام كمحتوي إعلامي وسياسي لتخفيف الضغط الاعلامي والسياسي علي الحكومة جراء الإنهيارات السياسية والإقتصادية والأزمة المالية وإرتفاع

اترك رد