حليم عباس يكتب.. موضوع انفصاليي المركز ببساطة هو اتفاقية سلام دارفور.
عندما كانت الحرب مستعرة في دارفور؛ الموت و الاغتصاب و حرق القرى و التهجير و النزوح لم نسمع صوتا لهؤلاء الإنفصاليين؛ صمتوا في زمن الحرب و المآسي و يرفعون اصواتهم بالصراخ الآن في وقت السلام.
فجاة اكتشفوا، بعد اتفاقيات السلام التي من المفترض انها اوقفت الحرب، ان التعايش مع إقليم دارفور مستحيل!
إتفاقية سلام دارفور التي وقعتها الحكومة مع مكونات الجبهة الثورية ليست قرآنا منزلاً بالطبع؛ هي خاضعة للنقاش،
و لكن إذا كانت الإتفاقية أعطت اقليم دارفور تمييزاً إيجابيا، فإن هذا الإقليم هو بالفعل قد تضرر بالحرب؛ عشرات الآلاف قُتلوا، قُرى هُجرت، أكثر من مليوني نازح و لاجئ،
آلاف الذين تدكرت حياتهم. لا يُمكن نسيان كل هذا و كأنه لم يحدث، ثم الكلام الإنشائي البليد عن أن السودان كله مهمش. نعم هناك تهميش في أقاليم السودان المختلفة و لكن اي اقليم شهد ما شهدته دارفور من تقتيل و تهجير و جرائم و انتهاكات ؟
من الطبيعي أن يكون هناك تمييز إيجابي للإقليم ما دام لا أحد يستطيع اصلاح الماضي و إحياء الموتى و إعادة الحيوات المفقودة و الضائعة و إلغاء كل الجرائم و الانتهاكات.
الانفصاليون النرجسيون يريدون من دارفور ان تنسى كل شيء، و كأن شيئا لم يحدث، و إلا فالابتزاز بالانفصال و بشكل عنصري بغيض.
هناك مظالم وقعت، مظالم حقيقية، و صراخ الضحايا مهما شابته الشوائب هنا و هناك، يظل صراخ ضحايا و مظلومين و ليس ابتزازاً؛ الإبتزاز هو ما يمارسه بعض ابناء المركز من إنكار على الضحايا صراخهم و مطالبتهم بالصمت و عدم المطالبة باي حقوق و لا حتى بالعدالة. عندما تقرأ ردود بعض دعاة الإننفصال تشعر بأن بعضهم لا يعرف اصلا ماذا حدث في دارفور، و البعض الآخر يحمل الدارفوريين مسئولية كل ما حدث لهم،
و كأنهم قتلوا انفسهم و أحرقوا قراهم و هجروا أهلهم بايديهم. ما حدث في دارفور هو مسئولية السلطة المركزية في السودان بشكل اساسي، و مثل كل الديون التي تتورط فيها السلطات الحاكمة هناك دين تجاه دارفور على السودان أن يتحمله، و هو دين لا يساوي شيئاً بالمقارنة مع الضرر الذي حدث بالفعل.