*أكثر من عشرين ألف معدن أهلي تم تشريدهم من منطقة (قبقبة) بولاية نهر النيل أمس الأول، فقد داهمتهم الشرطة بأكثر من عشرين عربة مجهزة بالأسلحة والعتاد وانهالت عليهم ضربا وأفرغتهم تماما من مناجمهم رغم أنهم اكتشفوها بكثير من العناء وبجهد متواصل وبخبرة اكتسبوها بالسنين وبطريقتهم التقليدية ؛ فقد (نسبو) تربتها وتتبعوا خطوطها إلى أن وصلوا (لديدبان الذهب) ..!!*
*والمؤسف، بل الأدهى والأمر أن الشركات التي تدعي الخبرة الجيولوجية تستفيد من هذا الاكتشاف التقليدي ؛ فهي لا تفعل شيئاً ولا تكلف نفسها عناء البحث عن الذهب، هي فقط تبحث عن أماكن تواجد المعدنين التقليديين ؛ وتحمل الخرط إلى وزارة المعادن لتصديقها لها كمربع ومن بعد ذلك تحمل أوراقها وتأتي لطرد هؤلاء الأهالي من مناجمهم بقوة السلاح وبجبروت السلطات المحلية والولائية بل والمركزية ؛ وبهذه الطريقة تم تشريد معدني قبقبة رغم كثرة عددهم وكثرة المستفيدين منهم من أسرهم وزويهم ..!!*
*وبحسب تقرير اطلعت عليه قبل عامين فإن التعدين التقليدي ينتج أكثر من ٩٠ ٪ من إجمالي إنتاج الذهب في السودان ؛ بينما تنتج هذه الشركات حوالي 10٪ فقط؛ فإذا كانت هذه نسبت الشركات فما الذي يجعل الدولة أن تخصص لها المساحات الشاسعة؟ وتشرد لها المواطنون الشرفاء الذين يعملون من أجل الوطن قبل أن يعملوا من أجل أنفسهم؟ ما الذي يجعل الدولة تحرس شركات لا تملك الخبرة العلمية ولا النزاهة ولا الأمانة في العمل؟ وهناك من يقول أن الشركات تكشف حوالي ١٠ بالمئة فقط عن إنتاجها ؛ بينما يذهب حوالي ٩٠ بالمئة من إنتاجها إلى التهريب والتخارج ؛ عبر إفساد المراغبين وشراء ذممهم أحياناً..!!*
*لمصلحة من تشرد الدولة مواطنيها من شبابها الطامحين ! وتحول أحلامهم إلى سراب بعد أن ضاقت عليهم المدن وأغلقت في وجوههم فرص التوظيف ! ولم يبق أمامهم إلا الذهاب للصحراء بحثاً عن الذهب وسعيا لحياة كريمة في (واقع بائس) ..!!*
صفوة القول
*إلى البرهان – إلى حميدتي- إلى حمدوك – إلى كل أعضاء حكومة الخراب .. أدركوا التعدين التقليدي فإن له سهم أكبر من سهم الشركات في الناتج الاقتصادي القومي ؛ وإن له آثار إيجابية على المجتمع ؛ وفوق ذلك كله له إسهام في الاستقرار السياسي ! فلو أنكم استمريتم في التضييق على هؤلاء الشباب – فإن خياراتهم ستكون صفرية ولا أعتقد أن خيار الاستسلام سيكون مناسبا عندهم ؛ فسيخرجون عليكم يملؤون الدنيا سخطا وغضبا؛ وستكون لهم ثورة حقيقية ، ثورة من غير رعاية الخونة ؛ اللهم اني قد بلغت فاشهد، والله المستعان.*