تقرير: إسفير نيوز_ محاسن أحمد عبد الله_ صحيفة السوداني .
يعتبر الزواج رباطا وثيقا بين اثنين اختارا أن يتوجا حبهما لبناء وإكمال عشهما لتكوين أسرة وحياة عامرة بالمحبة والمودة والرحمة.
لذا نجد في الماضي أن أغلبية الشباب كان طموحهما بعد التعليم والتوظيف اختيار شريكة الحياة لاكمال نصف دينهم ، لذا كانوا يجدون الدعم والمساندة من الأسرة والأهل لإكمال تلك الزيجة بأقل التكاليف وبدون اشتراطات قد تعطل تحقيق الهدف.
ظروف إقتصادية
الا أنه وبمرور السنوات وتغير الاحوال وتبدلها إلى ماهو أسوأ من ناحية مادية أصبح أمر الزواج صعبا بالنسبة للشباب المقدمين عليه بسبب الظروف الاقتصادية الطاحنة والمغالات في المهور والصرف البذخي بغرض المباهاة وسط المجتمع و(البوبار) ما أدى إلى تفشي العنوسة وعدم إقبال الشباب على الزواج وهو ما أكده لـ(كوكتيل) عدد من الموظفين بأن أغلبهم تجاوز سن الأربعين ولكنهم لا يستطيعون الزواج لضعف المرتب وغلاء المهور وعدم قدرتهم على تنفيذ التكاليف المتعلقة بـ(شيلة) الملابس والمأكولات نسبة للارتفاع الكبير في أسعار الملابس والمواد الغذائية بجانب الضغوط المادية من أهل الفتاة وعدم التنازل.
غلاء المهور
عدد من الفتيات(طالبات وموظفات) أكدن لـ(كوكتيل) أن عزوف كثير من الشباب عن الزواج بهن كان من أسبابه غلاء المهور والتشدد فيها ما جعلهن يشعرن بالحزن واليأس ، موضحات أن العمر يمر سريعا منهن مايجعل فرصتهن في الإنجاب ضعيفة كلما تقدم بهن العمر.
وهو ما أكدته (م،ك) التي فضلت حجم إسمها بأنها بلغت من العمر ٥٥ عاما ولم تتزوج حتى الآن ولم يطرق عريس بابها منذ عشر سنوات وذلك بعد أن رفضت أسرتها شابا ربطت بينهما قصة حب بحجة أنه فقير ولايستطيع شراء الذهب ودفع المهر الكبير ،موضحة بانها كانت راضية بوضعه المادي الا أن أسرتها خيرتها مابينها وبينه فاختارت أسرتها وحملت لقب (عانس)
عادات وتقاليد
في الوقت الذي كشفت فيه عدد من الفتيات في العقد الرابع عن شعورهن بالحزن بأنهن ضحايا لعادات وتقاليد تتحكم في إتمام زيجاتهن وعدم إشراكهن في التفاصيل التي تتعلق بالمهر الكبير والشيلة والذهب وغيره من الكماليات التي تفرضها الاسرة على العريس ودائما ماتكون تلك الطلبات شرطا لاتمام الزيجة ويتحكم فيها أولياء الأمور ،مؤكدات عدم إتاحة الفرصة لهن للنقاش فقط تكتفي الاسرة بموافقتهن وعدم حريتهن للتدخل في مثل هذه أمور التي تؤدي إلى ذهاب العريس دون عودة – حسب قولهن –
بذخ وبوبار
في ذات السياق اتفق عدد من الشباب على عدم قدرتهم على الزواج في ظل الوضع الاقتصادي الراهن وارتفاع تكاليف الزواج ،مشيرين إلى أن أغلب الاسر تريد زواجا مليئا بمظاهر الترف والبذخ من أجل البوبار وهو ما لايستطيعون فعله ومن بينهم محدودو الدخل والعطالة، لذلك صرف الكثير منهم النظر عن الزواج لينعكس ذلك سلبا على الفتاة التي ستحمل لقب عانس إذا استمرت أسرتها في التعنت ورفض تزويج ابنتهم بالبسيط والمعقول وبقناعة تامة – على حد تعبيرهم –
قرارات خاطئة
من ناحيته اعتبر البروفسيور علي بلدو أن الواقع السوداني يعاني بشدة من ناحية اتخاذ القرارات السليمة واشار إلى أن السودان لم يتخذ به قرارا سليما واحدا منذ عهد السلطنة الزرقاء والى هذه اللحظة وهذا ناجم حسب رأيه إلى الخلل في القدرة على اتخاذ القرارات والتردد فيها وايضا وعدم استصحاب المعايير القياسية في اتخاذ القرار من ناحية وزنه ودراسته وآثاره اللاحقة سواء أكانت ذات مدى قصير أم متوسط أم طويل مع الرؤية والوضوح والرسالة في القرار نفسه والعزيمة على تطبيقه والمدى الزمني المصاحب له وايجاد المعينات له وكذلك جمع البيانات المؤيدة لاتخاذ قرار معين وهذا يشمل من الناحية النفسية أيضا وجود مهارات شخصية يفتقدها الكثير من القادة والعوام .
مواصلا :(حيث نجد القدرة العالية على الاحياء والتأثر بآراء الآخرين والتسرع في اتخاذ القرارات وكذلك الانفعال اللحظي الذي ينجم من الشخصية السودانية والتعامل مع البيئة وظروف المناخ التي تؤدي لاتخاذ قرارات متعجلة وخاطئة ويدفع ثمنها الافراد والمجموعات.
ويمضي المختص النفسي المعروف ايضا في هذا الجانب إلى وجود عقدة حقيقية في الاستقلالية والتصرف بدون الاعتماد على الآخرين في اتخاذ قرار الزواج وهذا ناجم في المقام الاول من الخلل البنيوي في الاسرة السودانية الذي يتحكم فيه الآباء والامهات في اتخاذ قرارات ابنائهم مما يضعف هذا الجانب وغيرها من القدرات القيادية ويدفع ثمنها الآخرون مستقبلا من ناحية عدم التوفيق في الدراسة والعمل والارتباط والزواج وتؤدي إلى تعقيدات اجتماعية كثيرا منها فقدان الثقة في النفس والآخرين والشعور بالاهتزاز النفسي وعدم الوضوح والضبابية الذهنية.
ويضيف علي بلدو اننا بحاجة ماسة إلى عمل نوع من انواع التوعية والدورات الخاصة في القدرة على اتخاذ القرارت السليمة وفق المعايير النفسية والشخصية واشاعة نوع من الاستقرار الأسري.
نقلا عن السوداني