الطاهر ساتي يكتب.. هل تعود النوارس ..؟؟
:: ومن الآمال المنشودة، مثل هذا الخبر ..( أعلن مدير التجارة بشركة الخطوط البحرية الكابتن أحمد حسن قرين عن عودة الناقل الوطني البحري لمزاولة أنشطته البحرية المتكاملة، وذلك بوصول باخرة سماد إلى ميناء بورتسودان ، و ان الشركة ستقوم بأعمال التفريغ خلال ( 10 أيام)، موضحاً أن سودان لاين ستعود للخدمة بتوفير خدمة متميزة وذات جودة)، انتهى الخبر الأمل.. و نأمل أن تعود سودانلاين كما كانت سيدة للبحار ..وكتبت عنها، وعن بواخرها الكثير، ولكن في الخاطر الزاوية التالية، وكان بتاريخ 9 مارس 2018 ..!!
:: ( قبل ثلاثة أشهر، مررت بجوارها، بحيث كانت تقف وحيدة بعد أن غادرتها رفيقات الزمن الأخضر .. ويوم أمس، مع أول الفجر، كانت الرسالة التالية : (فى مشهد حزين تم سحب الباخرة النيل الابيض آخر قطع الاسطول البحرى لما كان يسمى سابقا بالخطوط البحرية السودانية ..تم سحبها فى الصباح الباكر بعد ان تم بيعها كخردة.)، هكذا نعى الناعي آخر بواخر سودان لاين .. ويأتي نعي آخر بواخر بالتزامن مع تصفية شركة الخطوط الجوية السودانية بعد إعلانها لإفلاسها .. لا طائرات و لا بواخر، بعد أن كنا الرواد في الإبحار والتحليق ..!!
:: بواخر سودانلاين كانت ملقبة بالخضراء.. وكانت موانئ أوروبا تستقبلها بسلامنا الجمهوري.. ومنذ العام 1962، والى زمن ليس ببعيد، كان الأسطول التجاري لسودانلاين هو الأكبر في العالم الثالث..ولم يكن هناك أسطولا يتفوق عليه من حيث عدد البواخر – وليس الكفاءة – غير الأسطول المصري..ولذلك، لم يكن مدهشا أن يختار مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، في العام 1964، سودانلاين كأفضل نموذج للمشاريع الناجحة في العالم الثالث..وظلت بواخرها تنال درع التميز في السلامة وجمال المظهر عاما تلو الآخر..!!
:: كانت تمتلك أسطولا قدره (15 باخرة).. ولذلك، كانت بواخرها تبحر بكبرياء طائر النورس – الذي كان شعارا – من المحيط الى الخليج، وفي كل بحار الدنيا و الموانئ ، بلاغياب..ولاتزال في ذاكرة العرب، الباخرة شندي هي الباخرة الأولى التي عبرت قناة السويس – بعد إعادة فتحها في عهد ناصر – وهي محملة بالسلع الغذائية، ثم تلتها الباخرة سنار، وكان ذلك لكسر الحصار المفروض على الدول العربية ..وما نالت بواخر سودانلاين كل تلك الثقة وما إكتسبت كل تلك الكفاءة إلا بحسن الإدارة وسلامة الرقابة..!!
:: ثم ماذا ؟ ..لاشئ غير تجفيف الأسطول..فالباخرة أمدرمان تم التخلص منها في العام (1995)..ثم تواصل مسلسل البيع الرخيص ..نيالا، باعوها في العام (1996).. الأبيض، في العام (2002).. دنقلا، في العام (2003).. القضارف، باعوها في العام ( 2003).. وكذلك مروي في العام ( 1995)..والنيل الأزرق في العام ( 2004)..أما ستيت، فقد باعوها في العام (1997).. و الضعين في العام (2003).. ثم باعوا الجودي في العام ( 2006) ..وفي يونيو 2014، أعلنوا بيع دارفور والنيل الأبيض .. وهذه وتلك كانتا آخر باخرتين في أسطول الشركة..!!)
:::::
:: انتهت تلك الزاوية .. ومن المحن، بعد التخلص من البواخر، أسسوا ما أسموها بشركة سنجنيب، ولم يملكوها من العدة والعتاد غير (لافتة بلاستيك)، وكأن الغاية هي فقط محو (سودان لاين) من ذاكرة الشعب.. ولذلك، يجب أن يبقى الأمل والتحدي في أن تعيد سودان لاين سيرتها الخضراء، كما أعادت اسمها، لتتزين بواخرها بطائر النورس وأسماء من بلادنا.. ومع مراجعة ملفها، ومحاسبة من باعوا و دمروا الأسطول، فلتكن للحكومة خطة لإعادة تأسيس سودان لاين وغيرها من المرافق الإستراتيجية، وذلك برعاية مجلس الوزراء، وليس عبد اللطيف عثمان محمد صالح ..!