-١-
(الظلم في مكان ما يمثل تهديداً للعدل في كل مكان).
مارتن لوثر كنج.
الشعاراتُ تظل براقةً وناضرة، وهي تخرج من الألسن وتلمع بين السطور، وتتبرَّج على المنابر، وعند نزولها أرض العمل وميدان التجربة، يتميز الزيفُ من الحقيقة، والصدقُ من الخداع، والماءُ من السراب.
حينما تصبح كلمةُ القانون هي العليا، والجميعُ سواسية أمامه، ولا رادَّ على أحكام القضاء إلا القضاءُ، حينها يستقيم ظلُّ الأشياء، وتُغلق أبوابُ الفتن، وتُكبح نوازعُ الشر.
قالها نيتشه: (عندما تحارب بنفس أسلحة عدوك سوف تصبح مثله) .
-٢-
تم القبض على بروفسير مأمون حميدة ليلة الجمعة..!
ماذا فعل البروف منذ خروجه من كوبر إلى ليلة القبض عليه؟ !
لا شيء..!
لو كان فاسداً، وعليه ما يدينه، لماذا لم يُقدَّم للمحاكمة، ونحن نقترب من مرور ثلاث سنوات على سقوط النظام الذي كان فيه وزيراً ..؟!
-٣-
فقط صورته مع وزيرة التعليم العالي، كانت سبب اتخاذ هذا القرار التسلطي المتعسف..!
هكذا ينفذ القانون، أو بمعنى أصح ألا قانون..!
ماهو القانون الذي يجعل من التقاط صورة فوتغرافية مع وزيرة جريمة، تزجُّ برجلٍ بعمر ومكانة حميدة الأكاديمية والعلمية في الحراسة ..؟!
من الطبيعي حدوث ذلك في اﻷنظمة الشمولية، ولكن تكراره في مرحلة تأسيس ديمقراطي تعلي من شعار الحرية، مفارقة صادمة وخيبة فاجعة، ستوثق لها سجلاتُ التاريخ.
-٤-
كتب الدكتور خالد التجاني:
(لعل ما يدعو للاستغراب هذا الولع الشديد وسط بعض قادة الحكم الانتقالي الجدد باتِّباع سنن وسِيَر النظام السابق دون عظة ولا اعتبار، والعبرة بالممارسة، وليست النيّات مهما حسنت، وهو ما يقلب رأساً على عقب واحدة من فرضيات نظرية ابن خلدون الشهيرة، فالأصل عنده أن يُولعَ المغلوبُ باتباع الغالب، ولكن أن يحدث العكس، فهذا ما يجعل علَّامة علم العمران والاجتماع البشري يتململ في قبره)!
-٥-
الحقيقة الفاجعة، ما وصلت إليه الإنقاذ خلال ثلاثين عاماً من علل وتشوهات وفقدان صلاحية ومصداقية، أصاب الحكومة الانتقالية خلال عامين فقط، استبداد وتسلط وفساد وعدم شفافية!
-أخيراً-
السياسةُ ابنةُ المُفاجآت والظلمُ ظلمات، لا تثقْ في الرَّاهن، ولا ما في يدَيك، ولو كنت تظنُّ أنك تُحكِم الإمساك به، الدنيا قلبٌ، والأيَّامُ دُولٌ، فما تملكه الآن قد تفقده في ارتداد الطرف، وما تفرضه على خصمك اليوم سيُفرَض عليك غداً والسلام .