الطاهر ساتي يكتب. . مصدر القوة ..!!
:: مُخاطباً ورشة الممارسات الدولية الفضلى في الفحص المؤسسي، تحدث محمد الفكي، عضو المجلس السيادي عما سمَّاه بالنشاط المتزايد لفلول الحزب المحلول داخل وخارج أجهزة الدولة.. وكذلك تحدث خالد عمر وزير شؤون الرئاسة بمجلس الوزراء، عن استحالة حدوث تحول ديمقراطي في ظل انتشار شبكات الفلول في أجهزة الدولة.. ثم رصدتُ حديثاً لأمجد فريد، المستشار السابق لرئيس الوزراء، بحيث قال بالنص ( نواجه خطر الردة)..!!
:: وليس هؤلاء الثلاثة فقط، بل كل ذي لسان وشفتين بقوى الحرية، عندما تسأله عما يحدث في البلد، يكتفي بالحديث عن الفلول ونشاطهم، وأنهم ينشطون في أجهزة الدولة وخارجها، وليس هناك أي تبرير آخر لكل هذا التردي، وفي كل مناحي الحياة.. الفلول فقط ..علماً بأن حكومة ما بعد الثورة، والتي هم سادتها وصُناع قرارها، تمضي نحو العام الثالث، ومع ذلك يُسيطر على أجهزتها الفلول، حسب تبريرهم ..!!
:: وهناك نُعيد إحدى طرائف الشارع، بحيث سألوا أحدهم مسؤولاً بقطاع الخدمات عن إنجازاتهم، فقال مُباهياً : ( شلنا الكيزان)، وعندما سألوه عن أسباب تردي الخدمات، قال مُدافعاً عن نفسه (الكيزان لسة مسيطرين).. وعليه، فان سيطرة الفلول على أجهزة الدولة – لحد إعاقة كل أجهزة الدولة عن العمل – تبرير غير منطقي لحكومة عمرها يقترب من العالم الثالث.. وأسطوانة الفلول لم تعد مجدية، بل مُعيبة، لأنها تبرير للعجز عن عمل( أي شيء)، بما فيه السيطرة على أجهزة الدولة..!!
:: وعلى سبيل المثال، فليكن العجز عن طباعة الكتاب المدرسي بسبب ( نشاط الفلول)، ولكن هل العجز عن تعيين وزير التعليم بسبب نشاط الفلول أيضاً؟.. أي هناك العجز عن تشكيل المجلس التشريعي، و العجز عن تشكيل المحكمة الدستورية، والعجز عن تشكيل مجلس القضاء، والعجز عن تشكيل مجلس النيابة، و..و… بل حتى العجز عن محاسبة بعض المخطئين في تعيينات وزارة الخارجية وغيرها.. بدليل تشكيل اللجان يومياً عند كل قضية، بغرض تلجين القضية وليس حلها .. هل كل هذا العجز سببه ( نشاط الفلول) ..؟؟
:: بالتأكيد ( لا).. لكل هذا التردي والعجز أسباب يجب أن يعترفوا بها بكل وضوح .. فالتنافر في ما بينهم من الأسباب، ولن يكون مُجدياً ما لم يتوقف هذا التنافر.. والصراع حول المكاسب الحزبية من الأسباب، وهذا لن يؤدي إلى الاستقرار، ولن يؤدي إلى الإنتاج.. كان على السادة أن يتعلموا من دروس ثورة أبريل 1985 وحكومتها الديمقراطية التي وأدتها صراعات الأحزاب قبل دبابات التُرابي .. وكان عليهم أن يتعظوا من مآسي تلك الحكومة الديمقراطية، وذلك بالانتقال -سريعاً -من محطة دولة المحاصصات والصراعات إلى دولة الدستور والقانون والمؤسسات..!!
:: وعلى كل حال، لكل مُصاب بفوبيا الفلول، نحكي ما يلي .. قالوا إن سرعة الغزال تتجاوز (100 كم)، بيد أن سرعة النمر لا تتجاوز (70 كم)، ومع ذلك نادراً ما ينجو الغزال من أنياب النمر، ولعلماء النفس تفسير لذلك، مفاده أن أسوأ أنواع الهزيمة هي (الهزيمة النفسية)، أي فُقدان روح العزيمة ثم الانهيار(خوفاً) وليس ضُعفاً.. نعم، فالغزال عند المُطاردة، لا يراهن على مصدر قوته ( السرعة)، لأن الهزيمة النفسية تسيطر على (عقله وإرادته)، ولذلك ينهار ويستسلم لأنياب النمر.. وهكذا حال الحكومة أيضاً، أي عندما لا تُراهن على مصدر قوتها ( الشعب)، فإنها تنهار نفسياً ثم تستسلم لأنياب المٌعارضة..!!