كنت طيلة نهار وليلة أمس أفكر في محاولات رأب الصدع العرجاء بين المكونين العسكري والمدني بعد محاولات المستشارين السياسيين والإعلاميين للمكون المدني تغطية الصراع وتهدأته لتحسبن العلاقة التي وصلت مرحلة المفاصلة وإظهاره بأنه ليس صراعا بين المكونين ( عسكري ومدني) وإنما تباينا في الرؤي بين الذين يريدون المحافظة علي الحكومة الانتقالية بشكلها المشوه وبين الذين يسعون لتغويضها ولم نسمع وساطة إقليمية ولا دولية بل هناك صمت حذر وفشلت محاولات جمع الطرفين مرة بمنزل أنيس حجار ومرات في أماكن أخري لتطبيع علاقات الطرفين ـ كما كنت أفكر بعد سماع الحديث القوي لحميدتي وبرهان بأي الحاضنة السياسية سيخوض المكون العسكري المعركة الصعبة أمام لجنة إزالة التمكين ومجموعة ( الأربعة ) المسيطرة وكيف سيوازن ما بين الإصلاح ومزاج بعض السودانيين الحاد تجاه الحكومات العسكرية ثم تابعت محاولات لجنة التمكين فك الحصار عنها وتخفيف خطوات القيود عليها بنداءات خجولة للثوار بأن هبوا لنجدة ثورتكم وحمايتها من العدو وإدعاءات كثيرة وردت في ثنايا القول لكن فشل النداء وتثاقلت خطي الثوار نحو المجلس التشريعي وحضرت بعض كوادر الأحزاب بهتافاتها القديمة التي ملاها السودانيون الصديق القديم للثورة لكن هذه المرة رفض يكون صديق جديد ومغفل .. إستمر النهار وعند نهاياته ساءت العلاقة وتسرب خبر سحب المكون العسكري للحراسات من دور لجنة التمكين وأعضاء السيادي المدنيين فإستخدمت لجنة التمكين قاعة المجلس التشريعي قاعدة جوية لإطلاق صواريخ باتريوت الكلام لحماية اللجنة فقفذ محمد الفكي سليمان علي تربيزة القاعة التي وصفها بالمقدسة إذ أعلن الإستقلال من داخلها غكيف تكون مقدسة وهو اليوم قد داس عليها بجزمته في تناغض غريب .. واضح حلف الأحزاب الأربعة تكون بلا روابط إستراتيجية وبلا أجندة سياسية واضحة سوي النعت القديم للعسكر علي نمط : ( رص العساكر رص) و ( مدنيااااااو) وهلمجرا .. وفشلت قوي الحرية والتغيير في إنتاج شعارات جديدة تكون مؤشرات إيجابية لمستقبل يكون فيه أمل للشباب .. ذهب المكون السياسي المخلوع من قوي الحرية والتغيير نحو خطاب المواجهة المتردد والإنتقادات العلنية للعساكر دون الإشارة للمكون المدني الذي يشكل حماية سياسية لمواقف المكون العسكري الجديدة وكنت أنتظر تسمية المكونات السياسية والتنظيمات التي تمردت علي قوي الحرية والتغيير وأنتجت نسخة معدلة وبي (بسوفت وير ) متطور ومحصن ضد الإستغلال والتهكير .. لم يتحدث أعضاء لجنة التمكين عن الحرية والتغيير في نسختها المعدلة لا أدري خوفا أم طمعا حتي صدر البيان المجلجل من الحاضنة الجديدة لادارة المرحلة الانتقالية الذي يضم أحزاب وحركات مسلحة وتيارات مدنية فبهت الجميع ودخلوا في حالة ذهول لم يفيقوا منها حتي الآن .. وبعد صدور بيان الحرية والتغيير النسخة المعدلة أيقنت أن العساكر لحموا سلكهم مع القوي الحية والمؤثرة في الأزمة السودانية والمؤمنة بالتحول الديمقراطي والتوافق والمصالحة الشاملة بين الجميع وضد الإقصاء .. ثبات المكون العسكري جاء من أنه أحكم تحالف الأطراف القائم علي أنقاض حلف النشطاء الهش في إطار ما عرف لاحقا بتحالف قوي الحرية والتغيير حتي الإسم إنتزعوه منهم لأنهم يمثلون اقلية في التغيير واضح أنه إشهار بأن أصحاب القضية والثورات الحقيقة التي قامت في جنوب كردفان والشرق ودارفور قد وصلوا وتسلموا القيادة ولم يعودوا بعد اليوم كلاب صيد لإحزاب الوسط التقليدية الإنتهازية .. إن ما تيسر لي من مادة صحفية يبين بأن المكون العسكري قد نسق مع حركات دارفور الحقيقة التي تمتلك جيوش بقيادة جبريل ابراهيم ومني أركو مناوي وأهمل الحركات المصنوعة من الأقليات وأمن سلسلة تحالفاته بضم الحركة الشعبية بقيادة خميس جلاب وتجاوز الظواهر الصوتية مثل ياسر عرمان وعقار وخلافه ولمن لا يعرف خميس جلاب هو أول قائد للكتيبة الغربية المؤسسة للتمرد بجنوب كردفان برئاسة الراحل يوسف كوة .. تمرد جلاب وهو حينها ضابطا بسلاح المظلات برتبة عقيد وقائده المباشر وقتها بكري حسن صالح فك الله أسره .. وجقود مكوار القائد العام الحالي للجيش الشعبب بالحركة الشعبية كان سواقا وحرسا لخميس جلاب في سلاح المظلات .. الان خميس جلاب لديه تواصل مع تلفون كوكو رئيس الحركة الشعبية المنتخب وجلاب شخصية مقبولة وسط الشعبية ومجتمع جنوب كردفان .. ثم ضم حلف العساكر والحاضنة السياسية الجديدة القيادات المؤيدة لمسار الشرق ابرزهم الامين داؤود الذي نظم مع آخرين مؤتمر شمبوب الأخير بكسلا ثم شمل التحالف بعض أحزاب الاتحاديين والتجمعات السياسية والمدنية التي اجتمعت وتوافقت علي حلول لقضايا السودان بدون المكون السياسية الاربعة التي تخندقت في مقر لجنة التمكين ..إن المزاج العام للسودانيين هو التفاعل مع الحاضنة السياسية الجديدة التي هي متوافقة مع الطرح الذي قدمه المكون العسكري والحلول المشعة التي طرحت مما صعب علي الكثيرين القلق على المستقبل والانزعاج من «الآخر» المعارض والذي باتت يهدد ويتوعد وهو مجموعة الأربعة الأشرار كما سماها بيان التحالف الجديد وطالما هناك ارادة وطنية للتخلص من ( القرف) السياسي التقليدي الحالي الذي صنعته مجموعة لجنة التمكين ، لم يعد المكون العسكري يتملكه الخوف من الإرهاب ودعاوي تحريك الشارع وملف فض الاعتصام والمجتمع الدولي وغيره من وسائل مجربة وأثبت عدم جدواها ، التحالف السياسي الجديد إستوفي كل التاشيرات للعبور والتحرك إلى الأمام بدون إكتراث وواضح ان الدكتور ـ عبدالله حمدوك سيتم تحييده وتخييره ما بين الاستمرار مع التحالف الجديد اذا رغب لأنه ليس طرفا في الصراع أو أن يسرح نفسه اذا رفض الإستمرار وفي هذه الحالة سيصنف حمدوك ناشطا سياسيا وليس خبيرا أمميا وسيخسر حمدوك سيرة كان عشمه أن يصعد بها مدارج المنظمات والهيئات إقليميا ودوليا .. يتكشف أن المكون العسكري قد سند ضهره بقوي الهامش الحية وبعض الأحزاب الاخري المؤمنة بدور الحركات المسلحة في التأثير الدولي علي الحكومة ومؤمنة باهمية إبعاد مجموعة اليسار التي فقدت التعاطف الشعبي والجماهيري .. وماهو معلوم بالضرورة أن حركات التمرد القديمة والحديثة هي المجموعة التي نقلت الصراع السياسي من داخل السودان الي المنصات الإقليمية و الدولية وجلبت الحصار الإقتصادي وألفت أجندة الأزمات والصراع السياسي للسودان مع ما أصطلح بتسميته المجتمع الدولي .. ومن المتوقع حمدوك يوافق علي حل الحكومة الانتقالية وتكوين حكومة كفاءات جديدة .. لا احد يستطيع ان يزاود علي حركات دارفور التي نفذت عملية الزراع الطويل وتحركت من أم جرس وحتي امدرمان وقدموا تضحيات وبطولات كبيرة نتفق او نختلف معهم لكنهم قدموا ثورة مسلحة عنيفة .. اما الأمين داؤود فهو قاد التمرد بشرق السودان حتي سلام جوبا .. وبهذا نستطيع أن نقول ان العساكر أصبحوا أذكي واشطر من المدنيين المناوئين لهم لذلك نجحوا في تشكيل هذا التحالف المتنوع وتركوا النشطاء ومجموعة الأربعة في السهلة متوترين من كل شئ .. إن الحرية والتغيير النسخة القديمة كانت جامدة وغير قابلة للحوار والتحرك نحو الآخر وحصرت نفسها في اجندة محددة ولذلك في تقديري ان الحاضنة الجديدة سوف تنجح وحتعبر وتنتصر لانهم أكثر إنسجاما ويعرفون طبيعة مشاكل الهامش والحضر ويمكن عن طريقهم اخماد نيران كثيرة باطراف السودان المختلفة وتحقيق إستكمال ملف التصالح مع المجتمع الدولي بشكل نهائي .. هؤلاء أصحاب المصلحة الحقيقية واصحاب القضية الذين مات من اجلها الكثيرين وهم المفوضين يعبروا عنها في كل المحافل الداخلية والخارجية وهم الذين استجابوا لنداء تسليم البندقية والإنضمام الي ركب السلام وتحقيق الإستقرار … ومتوقع يقودوا حوار شامل مع كل المساهمين في التغيير لإستكمال هياكل السلطة التنفيذية والسياسية ومؤسساتها ومحاورة القوي التي تعارض الحكومة من أجل العبور إلي الضفة الأخري ..