منطقة جبرة جنوب الخرطوم حبست أنفاسها أمس نتيجة نقل الإرهاب النوعي إليها والمواجهة المسلحة بين الأجهزة الأمنية والخلية الإرهابية التي سيطرت علي عدد من المباني ووضعت سكانها رهائن وليست هناك مبالغة إن تم النظر إلي عملية جبرة الإرهابية كونها نقلة نوعية عالية الخطورة وإن لم تصعد أعمدة الدخان والحرائق الناتجة جراء العملية في المنطقة المأهولة بالسكان وتعتبر جبرة المنطقة التجارية العامرة بالأسواق والمطاعم ويتردد عليها المستأجرين خطورة عملية جبرة ليست في آلية تنفيذها أو عدد ضحاياها بل في إختيار السودان كهدف للإرهاب والإعداد لتنفيذ عمليات فيه بعدما كان دولة عبور .. إن السودان معروف نقطة إستراتيجية عالية الاهمية للجماعات الدينية لانه المدخل لعمق افريقيا وحلقة وصل بين الشرق والغرب والشمال والجنوب لكن طريقة جهاز الأمن ومراقبته لهم وعدم إتخاذ الجهاز خيار المواجهة جعل السودان منطقة تعايش وليس هدفا لتنفيذ عمليات وحتي عندما يتم القبض عليهم لم يكن العنف ضمن الخيارات والاليات المستخدمة وكان المنهج هو اسلوب الحوار وبالتالي ان اسلوب المواجهة الحالي ربما يفتح نيران وفصلا جديدا شديد الخطورة وأكثر تهديدا والحل هو إعادة قوة جهاز الامن وسلطاته الفنية والتقنية والإدارية في الكشف عن أدوات الأرهاب والمتفجرات والسيارات المفخخة فالأمر ليس هينا كما يظن البعض ولابد من إرجاع سلطات جهاز الأمن وتقديراته الخاصة في مراقبة وتتبع تدفق المهاجرين ومحاربة التجسس والعمالة والتخابر ولابد من إسكات الأصوات التي لا تري في جهاز الأمن الا بمقدار خلافاتها السياسية ولا ينظرون لأهميته في الأمن القومي وحماية مقدرات البلاد ولا يعطون ما حدث بجبرة قيمته وأنه حدث كبير ومؤلم وضحاياه من العسكريين والمدنيين جميعا أبرياء ولا يمكن وضعه حادثا معزولا عن ممارسات بعض الناشطين في الحكومة المدنية وإستفزازاتهم السياسية والإجتماعية والدينية التي باتت مهدد للأمن القومي .. بالمناسبة كم عدد المعارضين لوجود الجهاز ويطالبون بإضعافه وحله من جملة سكان السودان الذين يحفظون لجهاز الامن فضله وأدواره العظيمة ويتضررون من غيابه ..? أمر آخر مهم النظر إليه وهو أن معظم الأزمات والتطرف والعمليات الإرهابية التي شهدتها دول اليمن والعراق وليبيا ودول أخري في العالم بدأت بإستهدافات محلية محدودة أغلبها في المساجد وكان بعضها بمرجعيات طائفية ومعادلات إرهاب داخلي وكان الكثيرين لحظتها يشككون فيها وفي تأثيرها رغم أنها أسقطت في بعض عملياتها المئات من الضحايا والمصابين وضغطت بقوة علي المعادلات الأمنية لتلك الدول فيما سمي وقتها بإرهاب المساجد والشعائر لكنه تطور حاليا لأزمات محلية وإقليمية ودولية تعقدت وسائل وطرق حلها والتخلص منها .. واليوم ذات الأزمات وتمظهرات الخلايا الإرهابية وعملياتها وصلت أسوار وحيطان عماير الخرطوم ولازال كثير من السياسيين والنشطاء المحليين يشككون رغم روايات شهود العيان والمارة وسكان الحي .. لا أدري متي يصدق البعض هل حتي يرونا نرزح في الجحيم جراء الحرائق التي تندلع وصعوبة إنقاذ الضحايا وما شابه ذلك من توابع العمل الإرهابي .. إن أشد ما أخشاه أن يدفع هذا التشكيك السودانيين لعدم الإلتفات إلي الحديث عن وجود إرهابيين ودواعش في السودان والتخطيط لتنفذ عمليات إنتحارية ويأتي ذات المشككين يوما ما ويصبون جام غضبهم علي السلطات الحكومية والأجهزة الأمنية وإخفاقاتها في توفير الحماية للمدنيين بالعاصمة ويصل بنا التشكيك مرحلة التساهل ويقع الفأس علي الرأس وتنطبق علينا الآية الكريمة : ( كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ فَنَادَوا وَّلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ ) صدق الله العظيم ..