✍️ د.الرشيد محمد ابراهيم الرشيد
أحداث متسارعة في السودان ياخذ بعضها بتلابيب بعض فيها الواضح والمبهم تدفع في اتجاه تشكيل بيئة امنية وسياسة جديدة في البلاد لا تقابلها رؤية عميقة في الاستيعاب والتحليل توازي ميكنيزم وديناميكية الأحداث مما دفعني لكتابة هذا المقال مصحوبا بقناعة تامة بأن الأخطار والثورات العظيمة توحد وجدان الشعوب وتعيد ترتيب الأولويات والملفات ومع تواتر عمليات تفكيك الخلايا الارهابية في الخرطوم وما يترتب عليها من أفعال واحداث وجب رفع مستويات الحس والغيرة تجاه الأمن الوطني الذي يتشارك فيه الجميع علي معيار فسطاس المواطنة عطاءا وكسبا وتجردا ونكران ذات.
وذلك من واقع الحوجة للامن والطمأنينة والسكينة لكل أفراد الشعب السوداني كما أن الإجراءات التي يتخذها جهاز المخابرات العامة والاجهزة الأمنية الاخري من أجل الحفاظ علي أسرار الدولة وتامين افرادها ومنشاتها ومصالحها الحيوية في الداخل والخارج تقتضي رفع مستوي الوعي العام باليقظة والحذر وربما المهارة في التعامل مع التهديد الأمني الماثل. باعتبار ان الأمن هو حالة ذهنية ونفسية وعقلية وانه احساس قبل أن يكون تدابير وإجراءات مادية ملموسة (security is astate of mind) وفي هذا يجب استيعاب مفهوم الأمن بسعة أفق اكبر وهنا يقول روبرت ماكنمار (ان أمن الدول يرتبط ارتباطا وثيقا بالتنمية والرفاهية الاجتماعية) اي القدرة للقضاء علي الجوع والفقر وهو عامل مهم علي مواجهة الأحداث والطوارئ دون اضطراب وسوف نستكمل المفهوم الاستراتيجي الجديد للامن عندما نتحدث عن مصادر التهديد وكيفية درء تلك المهددات وتحويلها الي فرص ومكاسب من حيث الوسائل والأدوات.
اما الارهاب بنسخته الحالية فهو يصنف ضمن المشاكل والقضايا الدولية العابرة للحدود في مستويات الأمن الوطني والاقليمي والدولي حتي نفهم الأحداث في سياقاتها الصحيحة وما وضع السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب ورفعه منها الا تدليل علي فاعلية هذا الملف فالمطلوب والمامول ان توظف قضية الارهاب للدخول الي دائرة الاهتمام الاستراتيجي الدولي واستراتيجية محاربة الارهاب لا ان يتخذ كذريعة للشقاق وانقسام مكونات الدولة فذلك نتيجته أضعاف عناصر قوة الدولة الشاملة العسكرية منها والسياسية والاقتصادية وبالتالي تقديم اغلي هدية للعناصر الإرهابية والجماعات المتطرفة لأنها المستفيد من ضعف كيان الدولة وهدم اركانها وما غزي قوم في عقر دارهم وهم علي خلاف الا زلوا هوانا وضعفا من لباس الجوع والخوف والمرض فالخطر الذي يحيط بالبلاد الان يفرض السمو وليس الانحطاط.
مصادر تهديد الأمن القومي السوداني
يلاحظ في ذلك تعدد وتنوع أنماط مصادر التهديد للامن القومي السوداني بغية أحداث خلل في مسيرة الدولة بما فيها من قضايا الانتقال السياسي ومسار التحول الديمقراطي.
التهديد العسكري والامني ومن مظاهره :
* وجود مليشيات وتشكيلات مسلحة داخل المدن والحاضر.
* وجود تنافس ضار بين بين مكونات الحكومة والائتلاف الحاكم.
* عدم القدرة علي تعبئة الامكانيات والموارد المدنية والعسكرية.
* انخفاض المستوي التقني في المعدات والاجهزة.
التهديد السياسي
* ضعف المشاركة الشعبية في النظام السياسي (تغييب البرلمان الانتقالي) مما ادي الي تعميق الشعور بعدم الانتماء للوطن (نموزج شرق السودان).
* وجود تأثير ضار وضغوط من جماعات المصالح علي النظام والحكومة الحالية.
* ضعف السلطة التنفيذية وأداء مجلس الوزراء.
* تناقض الاهداف وعدم وضوحها والتضاد بين مؤسسات الدولة نموزج (لجنة إزالة التمكين ونزاعها مع السلطة القضائية وهزم مبداء فصل السلطات).
* الاستقطاب والصراع الاجتماعي والفئوي الحاد فضلا عن انتشار خطاب الكراهية المهنية والسياسية والجهوية.
التهديد الاقتصادي
* الفقر وتدنئ مستوي المعيشة وحالة العوذ والضنك وضمور الناتج القومي.
* انتفاء العدالة في توزيع الثروة ووجود فوارق طبقية هائلة في المسارات والقطارات والسفارات والموانئ والعمارات الشواهق والمدن.
* ضعف وشح الطاقة والمواد الاولوية للصناعات الخفيفة والثقيلة راجع آثار انقطاع التيار الكهربائي وأثره في الصحة والتعليم وارتفاع نسبة البطالة والجريمة.
* عدم الاكتفاء من المواد الاستراتيجية.
* ضعف وغياب الرقابة الحكومية علي الحركة الاقتصادية في المصارف والمؤسسات وغياب مبداء المساءلة والمحاسبة (حواصل الصادر وتهريب المعادن وارجاع سفن الصادر).
التهديد الاجتماعي ومن مظاهره.
* الاستلاب ونشر ايدلوجيات وعادات وتقاليد اجتماعية وسلوكية ضارة بالمجتمع والواقع أوضح وابلغ من الشرح كما أن الحيا من الإيمان.
* كسب جماعات سياسية موالية للاجنبي.
* إثارة النعرات القبلية وإدارة النزاعات وليس حلها.
* تنافر التركيبة الاجتماعية واشعال الحروب الأهلية (تقسيم الكتلة النيلية والغرب ).
* تصدير اللاجئين وسوء إدارة الوجود الأجنبي بالبلاد.
وسائل تحقيق الأمن
الشئ بضده يعرف وحتي لا نكرر الدواء دائما من نفس بيئة المرض ولكن اكتفي ببعض الأشياء الرئيسية المجمع عليها وهي :
العدالة الاجتماعية
الحرية
القيادة والقدوة الحسنة
مكافحة الجوع والفقر.
توزيع الثروة والسلطة
المشاركة السياسية
التعاون ونبذ الفرقة
التحرر من الخوف.
حسن إدارة التنوع. والتعدد.
كما يمكنني إضافة اقتراح بتكوين وقيام مجلس للامن القومي يتولي التنسيق وأحكام الربط بين الدوائر الأمنية ويغطي موضوعات ومجالات الأمن بالمفهوم الاستراتيجي الجديد بما فيه من عناصر قوة قوة الدولة الشاملة
وعلي أبناء الوطن ان يعلموا ان الوحدة قوة والفرقة ضعف وان العدل قوة والظلم ضعف وان التعدد والتنوع قوة وليس ضعف وان التعاون قوة والخلاف ضعف وان السودان فيه متسع للجميع وأكثر.
د.الرشيد محمد ابراهيم