الرحيل المر …..دومة ود سليمان معقل الصالحين أم مسكن الشياطين
………………..………………..………………
حينما أتاني نبأ مغادرة ورحيل الدومة الي حيث الفناء وقفت برهة محاولا لملمة دموعي التي إنسكبت مصحوبة بآهات الوجع …..إتكأت علي جدران غرفتي بعد أن أغلقت بابها وأطفأت سراجا كان يحاول جاهدا تبديد ظلمة المكان ….مجموعة من الذكريات إبتدأت تحتشد في ذاكرتي وكأنها حدثت بالأمس القريب ….ثلاثة عقود تمضي من عمر الزمان ولا أكاد اغيب عنها سوي أيام ثم أعود لأحتضنها بأعيني عقب صلاة كل فجر فهي أول ما تقع عليه العيون ساعة الإستيقاظ إذ لا يفصلني عنها سوي منزل جدي الحاج عثمان علي سليمان أمد الله في أيامه ….. وبطولها الفارع وأذرعها الممتدة أكاد أراها تتدلي علي سريري ….لملمت شعث أفكاري وامتطيت سيارتي مسرعا الي حيث أشيعها الي دار الخلود مخافة أن تقبر دون أن أراها وأحتضنها فقد شهدت مولدي وطفولتي الشقية وأول شبابي …..لي معها كثير من القصص والتفاصيل والحكايات المدهشة كنت أحاول مرارا أن أصعد حتي الوصول لقمتها لأري ماذا يلوح هناك في الأفق البعيد ….كانت لنا سكنا ووطنا ودارا وصديقا وفيا مخلصا صدوقا ……حينما دنت وإقتربت ساعة رحيلي من منزلنا الي حيث نسكن ونقيم الآن ….تقدمت نحوها بعد أن أرخي الليل سدوله والتفت يمنة ويسري حتي لا يراني أحد فيظن أن بي جنونا …..إحتضنتها بحب وصوت نحيبي يعلو معلنا عن لحظات الفراق وكأنه سرمدي بلا رجعة حدثتها كثيرا وإجتررت معها كثير من الذكريات الصادقة ونبيلة حدثتها وكأنها تسمعني حد الإصغاء أحسست أنها تبادلني الحزن وكثير من الإشتياق كدت أسمع همهمات الفراق وألم الفقد عندها ….يالويلي من حبيب قد مضي لاح كالضؤ المطل وإنزوي…
وجدت نفسي أقطع الطريق مسرعا وأتوقف قبالتها فتنهمر الدموع ومعها نحيب وٱمتطيت ظهرها وأهلي من حولي يتحلقون حولها وهي ترقد في شموخ وكبرياء وكأنها ماتت واقفة تأبي الخضوع والإنكسار تحدث الناس عن ماضي تليد وتاريخ عريق….
التفت نحو جدي الحاج عثمان قائلا كم عمرها ومن زرعها هنا ….صمت الجميع بعد أن توجهت أنظارهم نحوه فأجاب عمرها يتجاوز المائة عام وعمري الآن ثمانية وثمانون عاما وجدتها كما هي فقد شهدت طفولتنا وبواكير الصبا اما من زرعها فيقال انه رجل يدعي الحاج عبدالله وأضاف قائلا شاهدت أبي ومعه الشريف بركات يتلون عندها وبصفة مستديمة كتاب الله عقب صلاة المغرب من كل يوم ….أما الخال عمر الصديق خير والخال محمد الطيب محمد سليمان والأستاذ أسامة محمد الحسن بخيت فقد شهدت الدومة طفولتهم حيث كانت مرتعا للعبهم وأنسهم ….مولانا معتصم البشير حدثنا بحب عن ذكرياته هناك وقال شهدت الدومة كثير من التفاصيل والأحداث المهمة في تاريخ العيلفون فقد زارها بصحبة عمنا الحاج محمد علي سليمان عدد من الشخصيات المعروفة في البلاد مثل مأمون بحيري والبرير وآل كمير وقد كانت متنفسا لطلاب المدرسة الوسطي والتي تبرع عمي الحاج محمد علي سليمان بداره مقرا لها….ويواصل مولانا حكايته مع الدومة عندما يأتي فصل الخريف تتزين الدومة وتكتسي بحلة خضراء ونلمح ثمار الدوم يتدلي من أغصانها وتصدر أصوات وكأنها تلعب مثلها ومثل الصغار وسرعان ما تتغير هذه الأصوات الي أصوات غامضة وكأنها زمجرة مما أثار حولها العديد من الأقاويل وكثير من الروايات التي تنسج قصة تواجد الجن علي قمتها ……يصمت مولانا بعد نهاية عبارته التي تحدث عن قصص وغموض لا يزال يحتاج الي من يفك شفرته ويحدث الناس عن سر طالما سعي أهل العيلفون لمعرفته بعد أن حامت وتحلقت وأحيكت الروايات حول الدومة وأنها مرتع وسكن للجن .. فقد حكي الكثيرون انهم شاهدوا اناس يعتلون الدومة وفي لحيظات يغيبون وقال آخرون أن الدومة تقذفهم بالحجارة ليلا وأدعي آخرون انهم سمعوا اصوات الفنانين يصدحون بالغناء من دومة ود سليمان وكثير من القصص و الروايات التي تجعل من الدومة قصة تستحق التأمل والبحث والتنقيب بإعتبارها معلما بارزا من معالم المنطقة وإرثا تاريخيا حاضرا في حياتنا فإستحقت بهذا البذخ أن تدون في صحائف وصفحات تاريخ العيلفون مثلها وبقية الموروثات العريقة والقيمة ….وأترجل من علي عليائها ملوحا بيدي و أكاد أسمع همسها وهي تردد وطن النجوم أنا هنا ….وأرد عليها هامسا زعموا سلوتك ليتهم نسبوا الي الممكن ….فالمرء قد ينسي المسئ المفتري والمحسن …..والخمر والحسناء والوتر المرنح بالغنا ……ومرارة الفقر المذل بلا ولذات الغني ….
لكنه لكنه لكنه مهما سلا هيهات يسلو الموطن ….هيهات يسلو الموطن.
………………..………………..………………
حينما أتاني نبأ مغادرة ورحيل الدومة الي حيث الفناء وقفت برهة محاولا لملمة دموعي التي إنسكبت مصحوبة بآهات الوجع …..إتكأت علي جدران غرفتي بعد أن أغلقت بابها وأطفأت سراجا كان يحاول جاهدا تبديد ظلمة المكان ….مجموعة من الذكريات إبتدأت تحتشد في ذاكرتي وكأنها حدثت بالأمس القريب ….ثلاثة عقود تمضي من عمر الزمان ولا أكاد اغيب عنها سوي أيام ثم أعود لأحتضنها بأعيني عقب صلاة كل فجر فهي أول ما تقع عليه العيون ساعة الإستيقاظ إذ لا يفصلني عنها سوي منزل جدي الحاج عثمان علي سليمان أمد الله في أيامه ….. وبطولها الفارع وأذرعها الممتدة أكاد أراها تتدلي علي سريري ….لملمت شعث أفكاري وامتطيت سيارتي مسرعا الي حيث أشيعها الي دار الخلود مخافة أن تقبر دون أن أراها وأحتضنها فقد شهدت مولدي وطفولتي الشقية وأول شبابي …..لي معها كثير من القصص والتفاصيل والحكايات المدهشة كنت أحاول مرارا أن أصعد حتي الوصول لقمتها لأري ماذا يلوح هناك في الأفق البعيد ….كانت لنا سكنا ووطنا ودارا وصديقا وفيا مخلصا صدوقا ……حينما دنت وإقتربت ساعة رحيلي من منزلنا الي حيث نسكن ونقيم الآن ….تقدمت نحوها بعد أن أرخي الليل سدوله والتفت يمنة ويسري حتي لا يراني أحد فيظن أن بي جنونا …..إحتضنتها بحب وصوت نحيبي يعلو معلنا عن لحظات الفراق وكأنه سرمدي بلا رجعة حدثتها كثيرا وإجتررت معها كثير من الذكريات الصادقة ونبيلة حدثتها وكأنها تسمعني حد الإصغاء أحسست أنها تبادلني الحزن وكثير من الإشتياق كدت أسمع همهمات الفراق وألم الفقد عندها ….يالويلي من حبيب قد مضي لاح كالضؤ المطل وإنزوي…
وجدت نفسي أقطع الطريق مسرعا وأتوقف قبالتها فتنهمر الدموع ومعها نحيب وٱمتطيت ظهرها وأهلي من حولي يتحلقون حولها وهي ترقد في شموخ وكبرياء وكأنها ماتت واقفة تأبي الخضوع والإنكسار تحدث الناس عن ماضي تليد وتاريخ عريق….
التفت نحو جدي الحاج عثمان قائلا كم عمرها ومن زرعها هنا ….صمت الجميع بعد أن توجهت أنظارهم نحوه فأجاب عمرها يتجاوز المائة عام وعمري الآن ثمانية وثمانون عاما وجدتها كما هي فقد شهدت طفولتنا وبواكير الصبا اما من زرعها فيقال انه رجل يدعي الحاج عبدالله وأضاف قائلا شاهدت أبي ومعه الشريف بركات يتلون عندها وبصفة مستديمة كتاب الله عقب صلاة المغرب من كل يوم ….أما الخال عمر الصديق خير والخال محمد الطيب محمد سليمان والأستاذ أسامة محمد الحسن بخيت فقد شهدت الدومة طفولتهم حيث كانت مرتعا للعبهم وأنسهم ….مولانا معتصم البشير حدثنا بحب عن ذكرياته هناك وقال شهدت الدومة كثير من التفاصيل والأحداث المهمة في تاريخ العيلفون فقد زارها بصحبة عمنا الحاج محمد علي سليمان عدد من الشخصيات المعروفة في البلاد مثل مأمون بحيري والبرير وآل كمير وقد كانت متنفسا لطلاب المدرسة الوسطي والتي تبرع عمي الحاج محمد علي سليمان بداره مقرا لها….ويواصل مولانا حكايته مع الدومة عندما يأتي فصل الخريف تتزين الدومة وتكتسي بحلة خضراء ونلمح ثمار الدوم يتدلي من أغصانها وتصدر أصوات وكأنها تلعب مثلها ومثل الصغار وسرعان ما تتغير هذه الأصوات الي أصوات غامضة وكأنها زمجرة مما أثار حولها العديد من الأقاويل وكثير من الروايات التي تنسج قصة تواجد الجن علي قمتها ……يصمت مولانا بعد نهاية عبارته التي تحدث عن قصص وغموض لا يزال يحتاج الي من يفك شفرته ويحدث الناس عن سر طالما سعي أهل العيلفون لمعرفته بعد أن حامت وتحلقت وأحيكت الروايات حول الدومة وأنها مرتع وسكن للجن .. فقد حكي الكثيرون انهم شاهدوا اناس يعتلون الدومة وفي لحيظات يغيبون وقال آخرون أن الدومة تقذفهم بالحجارة ليلا وأدعي آخرون انهم سمعوا اصوات الفنانين يصدحون بالغناء من دومة ود سليمان وكثير من القصص و الروايات التي تجعل من الدومة قصة تستحق التأمل والبحث والتنقيب بإعتبارها معلما بارزا من معالم المنطقة وإرثا تاريخيا حاضرا في حياتنا فإستحقت بهذا البذخ أن تدون في صحائف وصفحات تاريخ العيلفون مثلها وبقية الموروثات العريقة والقيمة ….وأترجل من علي عليائها ملوحا بيدي و أكاد أسمع همسها وهي تردد وطن النجوم أنا هنا ….وأرد عليها هامسا زعموا سلوتك ليتهم نسبوا الي الممكن ….فالمرء قد ينسي المسئ المفتري والمحسن …..والخمر والحسناء والوتر المرنح بالغنا ……ومرارة الفقر المذل بلا ولذات الغني ….
لكنه لكنه لكنه مهما سلا هيهات يسلو الموطن ….هيهات يسلو الموطن.