هذه هي أميريكا..
لا تدعم الفاشلين…والساقطين..
تتخلى عن حلفائها فور استشعارها فشلهم…وسقوطهم..
تخلت عن حليفها شاه إيران..
ودعمت خصمه الخميني…بل وطلبت من فرنسا نقله إلى إيران..
فنقلته بطائرة خاصة…مع حماية خاصة..
فهذه هي أميريكا ؛ تبدو متسقة – دوماً – مع سياستها البراغماتية..
والتي هي مستقاة – أصلاً – من فلسفة البراغماتيزم..
فلسفة فيلسوفيها وليم جيمس…وجون ديوي..
وهي فلسفة خلاصتها أنه ما من حقائق مطلقة في هذا الكون قائمة بنفسها..
بمعنى أنها منفصلة عنك ؛ عن عقلك…وعن منفعتك..
وحتى حقيقة الذات الإلهية يُنظر إليها من زاوية فلسفة البرغماتزم هذه..
هكذا يقول فيلسوفا أميريكا هذان..
وهكذا يحذو حذوهما الأمريكان جميعهم ؛ فمن الفلسفات ما يُؤثر في الشعوب..
وشعب ألمانيا كانت قد أثرت فيه فلسفة نيتشة..
فسرت في عقل كل ألماني – آنذاك – فكرة أنه (سوبرمان) قياساً للآخرين..
أي إلى بقية شعوب العالم..
علماً بأن فلسفة نيتشة ذاتها تأثرت – على نحوٍ ما – بفلسفة مواطنه هيغل..
ثم أثَّرت فلسفة هيغل هذه على كارل ماركس..
فكانت المادية الجدلية التي تأثر بها لينين…ومن ثم غالب الشعب الروسي..
وانداح التأثير هذا إلى عقول خارج الحدود..
وعقب بيان البرهان – الشهر الماضي – راهن (القحتاويون) على أمريكا..
وأعني جماعة قحت…ومنسوبيهم…وتابعيهم..
فقلت لبعضهم أن أمريكا – لو كنتم لا تعلمون – باركت خطوة برهان هذه..
وكنت قد أشرت لهذا في خاطرة على صفحتي بالفيس..
قلت لهم إنها باركت…وأيدت…ودعمت…وبصمت ؛ فلم يصدقوني كعادتهم..
واستدلوا على صحة موقفهم بتصريحاتٍ أمريكية رافضة..
وعبثاً حاولت إقناعهم بأن هذه محض (بوليتيكا) تجيد أمريكا لعبها جيداً..
فخطوة البرهان – حسب فلسفتها هذه – ذات نفعٍ لها..
ولها في ذلك تقديراتها البرغماتية التي قد لا تُفصح عنها بالضرورة..
ومنها استشعار الفشل…والسقوط..
والذي قد يُؤدي إلى فشل رهانها على حليفها – أياً كان – ومن ثم سقوطه..
فهي لا تعرف العواطف في علاقاتها…وإنما المنافع..
فكذلك فعلت مع حليفها حسني مبارك ؛ ودعمت خصومه الإسلامويين..
ودعمت مرشحهم للرئاسة مرسي..
ثم تخلت عن إخوان مصر – ومرسيهم – فور استشعارها الفشل والسقوط..
فور استشعارها ذلك من تلقائهم..
ودعمت المنقلِب عليهم ؛ السيسي..
ومن قبل تخلت عن حليفها نميري…تخلت عنه دون وخزٍ من ضمير سياسي..
بمجرد استشعارها فشله…فسقوطه..
ودعمت ثورة أبريل…ورموزها..
وقبل فترة تخلت عن حلفائها في أفغانستان ما أن استشعرت فشلهم وسقوطهم..
وهذا آخر مثال برغماتي من جانبهم..
أو – بالأصح – هو قبل الأخير ؛ قبل تخليها عن قحت هنا في السودان..
وأثبتت الأيام صدق حجتنا تلك..
وآخرها ترفيع مستوى تمثيلها الدبلوماسي – في بلادنا – إلى درجة سفير..
وذلك بعد أكثر من عقدين من الزمان..
فهذه هي أميريكا ؛ صادقة مع نفسها…ومخلصة لفلسفتها..
لا تتردد في التخلي عن حلفائها..
فور أن تشعر أنهم فاشلون..
وساقطون !!.