صلاح الدين عووضه يكتب.. وصفة ثورية !! أو سمها سحرية..
وأبذلها هنا اليوم لوجه الله..
أو – وأستغفر الله وأتوب إليه – لوجه الحاجة…أو الضرورة…أو الشيطان..
والضرورات تبيح انعدام الأخلاقيات..
فهذا هو العرف السائد هذه الأيام ؛ كعرف (تمكنَّا) في عهد الإنقاذ الأول..
وأول خطوة في الوصفة هذه أن تكون سليطاً..
أن تكون سليط اللسان ؛ فيكون بينك وبين طيب القول ما بين السماء والأرض..
وكلما زادت سلاطة لسانك هذه ازددت ثورية..
أما إذا فجرت في الخصومة فأنت ثوري لا يُشق له غبار ؛ وتستحق تمكيناً..
سواء في وزارة…أو لجنة تفكيك…أو مكتب حمدوك..
ويا حبذا لو أضفت إلى صفتك الثورية هذه التلويح بسبابتك في الهواء..
ثم رددت مع التلويح هذا مفردة (بوت)..
فأنت بهذا تكون في مصاف جعفر حسن الذي بز ابن القذافي تهديداً بالأصبع..
أو تركب على سرجٍ واحد مع الفكي..
أو تقول لأشد أعضاء لجنة التفكيك فحشاً في القول : وماذا تكون أنت بجانبي؟..
هل وصفتي هذه تجرح خواطر الثوريين؟..
لا ؛ إنها تجرح – فقط – خاطر كل سارق للثورة من الثائرين هؤلاء..
فهم المعنيون بوصفتنا – أو كلمتنا – هذه اليوم..
وبلادنا لم تشهد طوال تاريخها السياسي – منذ الاستقلال – مثل هذه الظاهرة..
ظاهرة الانحطاط بلغة الخطاب السياسي..
ثم ملازمة هذه الصفة البذيئة لخصلة أخرى وهي احتكار صكوك الغفران..
الغفران السياسي ؛ أنت ضدنا فأنت – إذن – فلول..
أما إن كنت معنا – وذا لسان منفلت – فأنت حاصل على ديباجة ثوري..
وينطبق الأمر هذا حتى على البرهان..
البرهان نفسه الذي فرحوا به من بعد سلفه ابن عوف الذي ثاروا ضده..
وتواثقوا معه…وباركوا رئاسته عن طيب خاطر..
وما فتئوا يصرحون بانسجامهم معه…وأنهم يعملون معه في تناغمٍ تام..
بل ووصفوا شراكتهما معاً بأنها سمنٌ على عسل..
ثم صار البرهان هذا نفسه – وبقدرة قادر – كوزاً…فلولاً…عدواً..
وعلى الجميع أن ينظر إليه بمنظارهم هذا ذاته..
حتى أهل الصحافة عليهم أن يضبطوا موجتهم على الموجة الجديدة هذه..
عليهم أن يكونوا قطيعاً تابعاً لهم..
تماماً كما ارتضوا هم أن يكونوا قطيعاً تابعاً لمن اختطف منهم ثورتهم..
ثم عبث بها…وبهم…وبمصير السودان كله..
وكلمة عبث هذه وردت في تقريرٍ سري كان سبباً في تغيير موقف أمريكا..
تغيير من (ضد) خطوة البرهان إلى (معها)..
وخلاصته : هؤلاء يعبثون ؛ يعبثون بالثورة…والبلاد…ومصالحنا نفسها..
وكان من نتاج هذه المباركة الترفيع الدبلوماسي..
فلأول مرة تفكر أمريكا في اختيار سفيرٍ لها في السودان بدلاً من قائمٍ بالأعمال..
وذلك بعد تخفيض له دام لأكثر من عقدين..
ومن عجائب هذه العقلية الثورية انتقاد كل من كان ينتقد حمدوك قبل البيان..
أما بعد بيان البرهان فإن من يشيد به فهو خائن..
ومع اتهامه بالخيانة هذا فيضٌ من شتائم يقشعر لها بدن تاريخنا السياسي..
وأريد أن أعترف هنا أنا الفلول ركن أركان حرب..
بأن خطوة البرهان هذه لو كانت انقلاباً لهاجمناه بمثل هجومنا على البشير..
بل وعلى نحوٍ أعنف…وأشرس..
وذلك لأنه جاء محمولاً على أكتاف الثورة…ولولاها لما كان رئيساً الآن..
ولكن خطوته كانت مهمة لتصحيح المسار..
هذا المسار الثوري الذي انحرف به سارقوه تجاه مضارب شهواتهم الذاتية..
فعاثوا في الثورة – ومال الدولة – فساداً..
واقتسموا المناصب بينهم كما يقتسم (الهمباتة) غنائمهم داخل مضاربهم..
أو كما جاء في التقرير السري ذاك : هؤلاء يعبثون..
ونعرض وصفتنا السحرية هذه لمن أراد أن يتعلم منها كيف يغدو ثورياً..
فهي وصفة سحرية – ثورية – مجربة..
ولكن بعد تحذيرٍ يشابه تحذير الملكين ببابل هاروت وماروت كما في القرءان..
فقد كانا يعلمان الناس السحر..
ولكن بعد أن يقولا لمن أراد تعلمه منهم (إنما نحن فتنةٌ فلا تكفر)..
ونحن نقول الآن أن وصفتنا هذه فتنة..
فلا تفجر !!.