Site icon اسفير نيوز

الخبير الإستراتيجي ع. م. ابراهيم مادبو يكتب.. مجموعة أصدقاء السودان أهلاً بالسودان السوري

1️⃣ لطالما قلت أن السودان سيلحق بسوريا وكان البعض يكذّب قولي ذلك ويرفع عقيرته صائحاً بكل سذاجة أن السودان ليس سوريا، وكان يمكن له بكل بساطة أن يعود القهقري ويقرأ تاريخ الثورة السورية وبالتأكيد كان سيجد عنوان أسمه مجموعة أصدقاء سوريا، وهو مؤتمر تمخض عن تكوين المجموعة تم انعقاده في تونس في 24 فبراير 2012 ضم مجموعة من الدول والهيئات في محاولة لإيجاد حل للأزمة السورية، بعيداً عن مجلس الأمن وضع خطين تحت كلمة *بعيداً عن مجلس الأمن*، ثم توالت الاجتماعات، حيث عُقد الاجتماع الثاني في اسطنبول في 1 إبريل 2012م، والثالث عُقد في باريس في 16يوليو 2012م، ثم تتابعت الاجتماعات، حيث عقد الاجتماع التالي في 11 ديسمبر 2012م في مراكش، ثم بتاريخ 22 مايو 2013م، تم عقد مؤتمر في العاصمة الأردنية عمان، وفي 22 يونيو 2013م تم الأجتماع في الدوحة، وبعدها عقد المؤتمرالمؤتمر في روما بتاريخ 8 سبتمبر 2013م، وأخيرا إجتمع في باريس في 13 يناير 2014م تمهيدا لانعقاد مؤتمر جنيف 2 والذي أنجب أكثر من جنيف جديد.

2️⃣ بدأت مجموعة أصدقاء سوريا عملها بتهدئة المعارضة السورية ومحاولة كسبها بالتأكيد على دعم المعارضة المعتدلة وإلتزامها بالعمل مع المعارضة السورية ضد بشار الأسد، ودعت إلى تشديد العقوبات ضد النظام السوري، وفي 2013م أصدرت المجموعة عبر مؤتمر عمان بياناً قوياً تؤكد فيه أن *”لا دور للأسد في مستقبل سوريا”* وتم تسليح المعارضة السورية ودخلت سوريا مرحلة النزاع المسلح والخراب والتدمير، وبعد مضي عام من الإحتراب والدمار عادت المجموعة وأصدرت تصريح في العام 2014م بأن *”لا حل في سوريا سوى الحل السياسي”* وأن مباحثات جنيف2 تمثل *”السبيل الوحيد للوصول إلى حل سياسي في سوريا”*.

3️⃣ كشفت السنوات التالية لعمل مجموعة أصدقاء سوريا عن عدم توافر رؤية استراتيجية واضحة لدى المجموعة والدول التي تدعمها وأن الرؤية الوحيدة المتوفرة هي كيفية تحقيق مصالح تلك الدول، وبدا واضحاً غياب أي حل سياسي أو عسكري في الأفق، ودخلت سوريا ضمن نادي *”النزاعات التي لا يمكن حلها”*، وعندما إنفضح أمر المجموعة وبات العالم يعلم أنها منظومة هجينة اجتمعت على إضعاف نظام الأسد أو إسقاطه وتفتيت سوريا لتحقيق مصالح متباينة خاصة بالدول التي تتشكل منها عضوية المجموعة، سرعان ما بدأت بالانحسار والتراجع والتفكك ودبت الخلافات بين أعضاء المجموعة نتيجة لتقاطع مسارات المصالح وتضارب الأجندة الخاصة بكل طرف مع الطرف الثاني، وبعد أن كانت المجموعة تضم في بداية التأسيس أكثر من 100 دولة تقلصت بمرور الزمن إلى أقل من 10 دول وهي: الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وتركيا والسعودية والإمارات وقطر، ولا زالت تتقلص مع نشوب الخلافات حول تعريف ماهية وطبائع الصراع السوري، وحول طريقة تقسيم المصالح والنفوذ على الأراضي والمناطق السورية وتزامن ذلك مع دخول تركيا كلاعب جديد وضاغط وتقدمها وتموضعها داخل بعض المناطق السورية.

4️⃣ نتيجة لفشل المجموعة في إنجاح مؤتمر جنيف 2 تراجع اهتمام الغرب بسوريا وساهم نشوب “الأزمة الأوكرانية”، في تمدد هذا الإنحسار والتحول عن سوريا، وكانت نتائج عمل المجموعة كارثية تمثلت في دخول *”الجهاديين”* والحركات الإسلامية المتطرفة وسيطرتهم على مناطق واسعة من سوريا، وأدى ذلك إلى التدخل الإسرائيلي والأمريكي تحت زريعة تهديد أمن “إسرائيل” والمصالح الأمريكية وتأثير ذلك على الدول المجاورة خاصة العراق ولبنان وأصبحت أسرائيل وأمريكا ثيمتان أساسيتان في النزاع السوري، حتى أسفرت صفقة نزع السلاح “الكيماوي” مع نظام الأسد عن ترميم شرعية النظام السوري، وعن تقارب الولايات المتحدة وروسيا بعد الهجوم الكيماوي الذي نفذه النظام في 21 اغسطس على غوطة دمشق ضد مجموعات يشتبه في أنها تتبع لبعض الحركات الإسلامية المتطرفة، الأمر الذي يُعد من قبيل حفظ أمن إسرائيل، ويبقي الشعب السوري عارياً في مواجهة آلة القتل العسكرية الجوية والصاروخية والمدفعية التقليدية الإسرائيلية، وكان هذا هو المكسب الوحيد الذي حققته مجموعة أصدقاء سوريا لإسرائيل وهو إضعاف الجيش السوري وتدمير سوريا بالكامل وتقوية نظام بشار الأسد، وظهر ذلك في تماهى مجموعة أصدقاء سوريا مع خطاب الأسد حول موضوع “الإرهاب”، والذي أصبح صفة وتوصيف للمعارضة السورية، التي بدأت سلمية وتحولت إلى مسلحة بتشجيع من مجموعة أصدقاء سوريا ويبدو أن هذا كان مقصدهم، وبعد أن تحقق هذا المقصد بدأت المجموعة تفقد حماستها المتعلقة بإسقاط النظام السوري وأسفرت عن وجهها الحقيقي، وتركت قوى المعارضة السورية تواجه الأسد الذي استطاع القضاء عليها ولكن بعد أن خسرت سوريا الكثير وتنامت أطروحات “الجهاديين”، بين الشعب السوري، وظهرت مزيدا من التوجهات نحو الراديكالية والتطرف، وتكاثرت في ذات الوقت التوجهات العلمانية وتعاظمت الفوضى وعم الفساد في ظل نزاع مسلح طويل الأمد بدأ ياخذ أشكالا هويات دينية ومذهبية وسياسية وجهوية ومناطقية خطيرة، وتلاشى دور مجموعة اصدقاء سوريا بفعل الخلافات التي عصفت بين أبرز الأعضاء في مجموعة “أصدقاء سوريا” التي عملت على تشتت قوى المعارضة السورية السياسية والعسكرية، فالأركان الأساسية ممثلة في السعودية وقطر دخلت في مرحلة من التوتر والنزاع والصراع أسفر فيما بينهم وتمت المقاطعة مع الدوحة، وأصبح العالم يتفرج حائراً على المجموعة – *الجات فزع وبقت وجع* – والتي تحولت إلى منظومة يمكن تعريفها وتوصيفها بحلف “الأصدقاء” و”الأعداء” الذي لم يصمد طويلاً فمات وأمات معه سوريا، وهاهو يتم نفخ الروح فيه من جديد ليعود بأسم أصدقاء السودان، ليميت السودان المغلوب على أمره بما كسبت أيدي بنيه، أيها السادة رحبوا معي بمقدم مجموعة أصدقاء السودان ونذكركم أن موعد تربيط وتجهيز *البقج* قد حان.

Exit mobile version