(1)
سيظل على خطأ فادح تماماً كُل من يظن أن هيمنة المكون العسكري بقيادة البرهان حالياً على مفاصل السلطة هي الطريق الآمن لاستقرار البلاد والوصول إلى محطة الإنتخابات بنهاية الفترة الإنتقالية، وذلك لسبب بسيط ،هو أن العسكريين والمدنيين في مجلس السيادة الحاليين ليسوا جهة محايدة بل جزء من صراع مرير مُخضب بالدماء والمرارات والغبن… الفترات الإنتقالية في كل تجارب العالم تقودها جهات محايدة والآن هذه الصفة ليست متوفرة لا في البرهان ولا أعضاء مجلسه السيادي من العسكريين والمدنيين، ولا في حكومة تسيير الأعمال التي عينها البرهان كما عين المدنيين في مجلس السيادة، ولهذا ستظل المواجهة في أوجها والنتيجة هي المزيد من سقوط الضحايا من أبناء السودان وتعقيد المشهد على نحو عقيم وتضييق الخناق على المتسلطين…
(2)
حكومة الأمر الواقع الحالية والتي تأسست بناءً على إنقلاب 25 اكتوبر 2021 فرضت حلولاً أمنية وسارت عليها وظنت أن تلك هي الحلول المثلى للخروج من الأزمة ، وأقصت شركائها المدنيين وانقلبت عليهم وتجاوزت الوثيقة الدستورية ، وبهذا اعطت خصومها السياسيين وكل الأحرار جميع المبررات لمقاومتها خاصةً أنها فقدت خاصية الحياد المطلوبة في أي سلطة إنتقالية بعد أن أصبحت طرف من أطراف الصراع ومتهمة بعمليات قتل الثوار السلميين…
(3)
أجهزة السلطة الإنتقالية ومؤسساتها مثل القاضي لابد أن تتسم بقدر كبير من الحيادية وتقف على مسافة واحدة بين المتخاصمين والمتنافسين والأنداد والغرماء والفرقاء، فالقاضي لايصلح أن يكون خصماً بأية حال، ومهمة السلطة الإنتقالية خطيرة وحساسة لا تتحمل حتى مجرد الشكوك والشبهات في حياديتها دعك أن تكون خصماً وجلاداً ومتهماً مسؤولاً عن بعض أعمال قتل المتظاهرين السلميين حتى ولو من باب المسؤولية التقصيرية…
(4)
إن قضية مقتل 74 ثائراً معظمهم بالرصاص الحي خلال ثلاثة أشهرٍ فقط وإصابة المئات لهو كافٍ لتنحي السلطة الحالية عن إدارة الفترة الإنتقالية وإفساح المجال لأخرى محايدة يتم تشكيلها من عناصر ليست لها علاقة بالفرقاء المتصارعين ولا الأحزاب ولا النظام المخلوع… السلطة الحالية تظل مسؤولة مباشر عن إزهاق أرواح 74 شهيداً من المتظاهرين السلميين…لماذا قتلتهم، أو لماذا تساهلت مع قاتليهم ولم تحاسبهم، أو لماذا قصرت في حمايتهم… أما مجزرة فض الإعتصام فتلك حكاية أخرى…
(5)
الوفود الإسرائيلية والأمريكية والغربية عموماً تحج عندنا في الخرطوم هذه الأيام ليس من أجل سلامة واستقرار السودان ولا لدعم الفترة الإنتقالية لكنها ـ أي الوفود ـ تبحث عن نقاط ضعف الذين بيدهم السلطة الآن لتوظيفها في خدمة أجندتها والضغط بها لتحقيق غاياتها ولعلها قد وجدتها في مسلسل القتل ، فكلما قتلت السلطة الإنتقالية وسفكت المزيد من الدماء وضعت نفسها في يد تلك الوفود الإنتهازية، ولاشك أن تلك الوفود تعطي الضوء الأخضر لمزيد من إزهاق الأرواح لتسهيل مهامها وتنفيذ أجنداتها على أكمل وجه مثلما فعلت مع صدام وغيره ، ولكنّ هل يدرك الذين يتحكمون في شفرة القتل انتهازية تلك الوفود….الـلهم هذا قسمي في ما أملك..
نبضة أخيرة
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الـله، وثق أنه يراك في كل حين.