أو الله قادر..
ولكن حين تُنطق كما في عنواننا أعلاه فهي تُصوب تجاه فعلٍ بشريٍّ على سبيل التعجب..
أو بمعنى آخر : أنت فعلت ذلك؟…سبحان الله..
وإن لم يكن هذا هو دقيق المعنى فهذا – على الأقل – ما كانت تعنيه جدتنا فاطمة محمود..
وكمثال على ذلك تعليقها على ما فعلته – ذات مساء – في المدرسة..
ففي ذياك المساء – وكان مساء مهرجان لا أذكر مناسبته – غنيت…ومثلت…وتلوت القرءان..
وكل أفعالي تلك جاءت من باب المصادفة..
فزميلنا المكلف بتلاوة آيات من الذكر الحكيم عند بدء المهرجان تغيب ؛ فتقدمتُ…أو قُدمت..
وزميلٌ آخر كان من المفترض أن يغني فتهيب الموقف..
تهيبه لأنه – فيما يبدو – فوجئ بالعدد المهول من الحضور…بخلاف أولياء الأمور..
فصدحت – أو بالأحرى نهقت – بأغنية (انت كلك زينة)..
وزميلٌ ثالث أقسم – رأسه وألف سيف – ألا يؤدي دوره الذي تدرب عليه في التمثيلية..
تدرب – وُدرِّب – عليه لأكثر من أسبوع..
فأديته عنه بعد تدريب لدقائق معدودة…وأستاذنا المشرف على الأمسية في سباق مع الزمن..
ثم حكيت – فخوراً – لأهل البيت صباحاً…ما فعلته مساءً..
فتعجبوا ؛ سيما وأنهم لم يعهدوني من قبل مطرباً…ولا ممثلاً…ولا مرتلاً لكتاب الله..
وبعد شهر – خلال الإجازة – حكيت لجدتي هذه في البلد ما فعلته..
فلم تزد على عبارة (قادر الله) ؛ قالتها وهي تهز رأسها – مع شبه ابتسامة – كنايةً عن الدهشة..
أو ربما السخرية…لعلمها بعدم امتلاكي مقومات أيٍّ من تلكم الأفعال..
ثم انتكستُ من بعد ذلك ؛ ولكن إلى الأفضل..
الأفضل بالنسبة للآخرين ؛ لأبصارهم…وأسماعهم…ومشاعرهم…وذائقاتهم الفنية..
والآن هنالك من انتكس نحو الأسوأ..
وهذا سبب اجتراري ذكرى تلكم الأمسية المدرسية ؛ والتي كنت فيها (بتاع كله)..
ثم اجتراري ردة فعل جدتنا فاطمة العمدة…كما كانت تُلقب..
فهم كانوا بالأمس قمةً في المسؤولية…والإنسانية…والوطنية…والثوابت الأخلاقية..
وكانوا ذوي ضمائر حية..
وكانوا يحملون هم الوطن…والمواطن…والحاضر…والمستقبل..
وكانوا يعيبون على أهل ذلكم الأمس التمكين…والتبذير…و(التكويش)..
وكانوا ينتقدونهم – بأشد العبارات – على سياستهم في رفع الدعم…وانفصامهم عن الناس..
أو كانوا يبدون لنا – وللتاريخ – كذلك..
حتى إذا ذهب الأمس ذاك – ودان لهم اليوم – بدوا على حقيقتهم..
فرفعهم للدعم أعنف مرارة…وتمكينهم أشد (شتارة)…وتكالبهم على نعيم السلطة أكثر (عوارة)..
ثم انفصامهم عن الناس أدنى (حرارة)..
فهل كان ذلك بالأمس كله تمثيلاً؟..
هل كان تمثيلاً – كما كاتب هذه السطور مساء ذاك اليوم – (بتاع كله)؟..
على الأرحج كان كذلك..
ثم بدلاً من أن يعتذروا – وينزووا – يودون الآن العودة من الأبواب الخلفية..
ما من منفذ يظنون أنه سيوصلهم إلى تلكم العودة إلا سلكوه..
وحتى من اعتذر منهم لم يصدقه أحد…ولا هو صدق نفسه…فالمجرَّب الفاشل لا يُجرب..
هم كالذين قال فيهم الحق (ولو رُدوا لعادوا لما نُهوا عنه)..
لعادوا يمثلون علينا – من أول وجديد – أنهم المنقذون؟…الزاهدون….الوطنيون؟..
قادر الله !!