Site icon اسفير نيوز

فضل الله رابح يكتب.. قطر والجزيرة .. معركة القضاء علي السودان..

مع قطر والجزيرة .. معركة القضاء علي السودان.. كل التقدير للدور الكبير الذي تلعبــه شبكات قنوات الجزيرة الفضائيــة سيما قناة الجزيرة الإخبارية في دعم الشعوب المقهورة عموما وإنتفاضات الشباب ودورها الكبير في التنوير ودعم الحقوق والحريات بالسودان وإنني شخصيا ضد هتاف الساخطين من الجزيرة : ( الجزيرة الخنزيرة )

ـ وضد قرار السلطات السودانية إغلاق مكتب الجزيرة مباشر بالسودان ولكنني بمراجعــة مواقف قناة الجزيرة مع حركة الدورة الطبيعية للإحتجاجات بالسودان وعكس الظروف التي تعانيها كثير من البلدان وفي السودان تحديدا أنها باتت تجنح كثيرا عن الحقيقة وتتعمد صناعة الإثارة وأصبحت جزءا من الإضطرابات والأزمــة بل لم تراع في تغطياتها الجذور الإجتماعيــة وطبيعة الحركة السياسيــة بالسودان وهي تجتهد كثيرا لأجل لي عنق الحقيقة بإستخدام نظريــة وصناعــة إعلاميــة شيطانيــة لتنهي تاريخ وطني مشهود وتبدأ تاريخ آخر مجهول وبإصرار علي تقسيم المشهد بالسودان إلي (عسكري ومدني ) وإبرازه للعالم أجمع هكذا ـ أن السودان به شارعان أحدهما عسكري وآخر مدني يمثلــه قوي الحريــة والتغيير وتسعي الجزيرة لتأكيد رواياتها المعطوبــة من خلال إصرارها دائما علي إستضافــة شخصين أحدهما مدني يمثل الحرية والتغيير والآخر تحت صفــة خبير عسكري وهذا خبث وفعل شيطاني مقصود لترسيخ هذا المفهوم في أذهان الرأي العام وظلت قناة الجزيرة علي هذا المنوال ولم تحيد عنه ولم تتجاهلـه مهما تغيرت الأحداث والمستجدات في السودان ولم تترك القناة المساحة الكافيـة لأي قوي وطنيـة أخري حتي تفصح عن شرعيـة شارع نضال وكفاح آخر لديه أغلبية شعبية وإجتماعيـة ويمتلك إستحقاق في السيادة والسلطة الوطنية .. ومن كرسي المراقبة نجد إن إدارة وصناعـــة الخط الذي تقوم به قناة الجزيرة بشأن السودان يصنعــه ديسك القناة بالدوحــة وتحديدا شخصيات مؤثرة بالقناة مثل فوزي بشري وآخرين تحت غطاء غضب قطر الدولــة من الأوضاع بالسودان وسعيها ومقاومتها لما يحدث فيه ومحاصرة الدور الإماراتي ومخالبــه في السودان .. المؤسف بعد مرور أكثر من (66) عاما من إستقلال السودان قطر اليوم وعبر الجزيرة تقود خط تمزيقه وتفتيته ومدهش حقا أن يكون خط قطر وقناة الجزيرة بهذه السزاجــة وهي تنظر لما يحدث بالسودان من زاويـة وعدســة صراعها مع الإمارات ولم تراع جذور تاريخ العلاقات بين قطر والسودان وتلاحمهما ولم تراع الأدوار الموجبــة التي قامت بها قطر في تسويــة النزاع بدارفور وأدوارها في إعمار ما دمرتـه الحرب بهذا الإقليم ..

إنني أربأ بقطر والجزيرة أن تتناسي كل هذا المجهود وهذا التاريخ وتحصر نفسها في صراخ من أجل إغلاق مكتب الجزيرة مباشر بالخرطوم وهي بذلك تأسر نفسها في مناهضــة شعب كامل مقابل مناصرة كان يمكن أن يقوم بها الشعب السوداني ويقف خط دفاع مع مراسليها ومع إيماني بأهميــة هذا الدور الذي تقوده الجزيرة وأهميــة بسط الحريات لكل الزملاء إلا أنني حزين أن يصبح آلية ومدخلا لإدارة حرب هوائية ومعارك إنصرافيــة ضد السودان كوطن ومعلوم بالضرورة أن مصالح السودان الإستراتيجية هي ليست مصالح العسكريين الذين علي سدة الحكم اليوم وليس هي مصالح السياسيين من قوي الحرية والتغيير المبادة فمصالح السودان أعمق من ذلك بكثير ولذلك أنني أري ما تقوم به قناة الجزيرة وما يحدث عبر شاشاتها يسئ للجزيرة القناة وقطر الدولة وليس خصما وفعلا مؤذيا للسودان وقطر يجب عليها أن تكون حليفا إستراتيجيا للسودان ولا يمكن أن تكون مؤذيا فيروسيا لــه عبر الإعلام لتبدد طاقتـه الإجتماعيـة والعسكريـة من خلال إستغلال الفراغات السياسية والدبلوماسية الحاليـة ..

إن زاوية النظر يجب أن تكون أعمق وبدلا من أن تكون قطر قاسيــة علي السودان عليها أن توجه آلــة قناة الجزيرة لتناقش آفاق الخروج من أزمات الوطن الكليــة سيما قضايا الشباب والبطالــة والإنفجار السكاني في السودان والأزمــة الإقتصاديــة الطاحنــة التي لامست كل شئ في حياة الإنسان السوداني ..

كان المأمول أن تكون قناة الجزيرة آلة تبصير للوطن العربي عموما وأن تثبت لشبابــه كيف أنه كان مخدوعا بشكل جماعي وأن العرض الكامل لما يسمي بثورات الربيع العربي وإحتجاجات تحسين المعاش التي إنخرط فيها الشباب وقادها الجيل المثقف ماهي إلا دعوة حق أريد بها باطل هدفها تدمير الأمة من خلال توظيف موجـة السخط الشبابي والإضطرابات وتهييج غضب المدن والطبقة العمالية التي إجتمعت كلها لتشكل خلفيـة مسرحيـة لنمط الثورات التدميريـة للشعوب ولتسكين مفاهيم في أذهان الجيل الحالي مليئة بطموحات تتخطي الحدود الوطنية لبلدانهم وبكل سهولة عبر وسائل التواصل الاجتماعي والثورة الإلكترونية وإستخدام كل الفنون لأنها لغة مشتركة ومفهومــة في هذا الحرب التدميري الشامل ..

إن قناة الجزيرة كان مأمول منها أن تبصر الوطن العربي وشباب السودان ان سنوات الثورات المزعومــة هي التي خلقت العولمة الثقافية الانتقاليـة الجماعيــة التي حولت الشباب من كونه شبابا مثقفا ولديـه طموح مشروع وعليه تحقيقه عبر آليات ومناهج موضوعية الي ثقافـة شباب محاط بخيبــة أمل كبيرة وإحباط وهي طريقــة ثقافيــة أصبحت تنتقل بسرعــة وسط الشباب عبر إرسال فيديوهات وصور تظهر مشاركات وصراعات هؤلاء الشباب المحبطين مع العسكريين وللأسف الجزيرة تبث هذه المقاطع وهذا الروتين عبر تكنولوجيا المعلوماتيــة وتسهم في إشعال الفتنــة من خلال أحاديث الشباب المحبطين وتفاخرهم بأنهم علي مقربـة من المواجهة سوا في محيط القصر أو القيادة العامـــة ..

هناك جهات تقف خلف هذا التدمير وجعل هذه ثقافـــة عالميــة مشتركة وأثرا إجتماعيا غايــة الخطورة والجزيرة وإخواتها من القنوات الفضائيـــة للأسف سهلة التبليغ بها وإيصال هذا الإضطراب الي أكبر شريحــة مجتمعيـة وشبابيــة وهذا هو مكمن الخطر الذي بات يتنامي كلما إبتعدنا عن إستقلالنا الحقيقي وذهبنا في إتباع وتيرة الزمن المعاصر المتسارع ..

إن سياســـة المستعمر هي توظيف القوي الناعمة المتمثلــة في الاعلام والثقافــة والتكنولوجيا في ضياع حقيقــة تاريخ شعوب العالم الثالث عموما والسودان خصوصا من ذاكرة شبابها وتغييب مؤسسات الوعي وشغلها عن القضايا الجوهرية بحروب إنصرافيــة مثل إنصراف قطر وقناة الجزيرة عن قضايا السودان الحيويـــة ومؤشرات ضياعــه وإصرارها وترصدها لحكايــة الصراع المدني ـ العسكري المتوهم في السودان ..

Exit mobile version