اسحق احمد فضل الله يكتب.. و_الحديث .. (٣)

اخر الليل

0

و الحديث / أستاذ/ لا يعني أننا نأمل في جدوى …. لا

نُحدِّث لأننا نسخة من الرجل التركي يوم الزلزال فالتركي هناك لما يرى طوابق بيته ركاماً يجعله الذهول يمسك بقطعة كبيرة من الزجاج الساقط و يظل يغسل القطعة هذه و يلمِّعها و يغسلها و يلمِّعها ..

و أنت أستاذ تتحدَّث عن المنطق و عن الصاح و الغلط في ما يجري الآن في السودان و تصرخ عن الأشياء هذه الصاح و الغلط و عن لماذا لا تعمل …

و المنطق و الصاح و الغلط / أستاذ/ أشياء تجد الآن في المتحف على يمينك و أنت تدخل هناك …

و حتى لا نُجادلك فإننا نُقدِّم إليك الصور …. الصور فقط دون حكم على شيء

صور السودان و كيف كان … و الأهم من الصور هو ( الصور هذه لماذا كانت)

و الصور لعلها تقول لك لماذا نحن بارکون ..

فالسودان /بالصور /كان هو …

و هو .. و هو ..

و في السودان كان ..

( كانت هناك الجلابية بيضا مكوية و العمامة السويسرية

و السجاير بنسون آند هيدجز و روثمان كنق سايز …. و الجريدة في الأصابع معها ربما كتاب … و دائماً جديد به رائحة الطباعة

و كانت هناك المكتبات و ماركيز و همنجواي و سولزجنتسين

و كان هناك إبراهومة و حسبو و قاقرين و شواطين …

و كان الأفندية يصلُّون العشاء في الجامع الكبير لأنه قريب من (أتينيه) فهناك البيرة الألمانية الرائعة

و كان هناك الطرحة بخمسة قروش و فيلم سيدتي الجميلة يعرض في عواصم العالم و في سينما كوليزيوم

و كان هناك المحجوب و الترابي و بوثديو

و كان هناك بحر الشعراء و صلاح يكتب ( يا مريا )

و الطالب في جامعة الخرطوم حين يبالغ و يلقي التحية على زميلته يسرع إلى الشلة ليقول لاهثاً

: لو شفت يا عبدُ أخوك أتونس جنس و نسة ..!!

و كانت الفرق الأولى في أوروبا /حين تهرب من الشتاء هناك / تأتي إلى السودان لتصارع الهلال و المريخ ..

و كان … و كان …

و كانت هناك قرية آمنة مطمئنة …

و كان هناك الشيوعي (و حديثنا هذا عن السودان و لماذا خرب حديث نموذجه هو الشيوعي )

و في الشيوعي الذي كان هناك … كان هناك عبد الخالق و الجنيد و عبد الله علي إبراهيم و أحمد سليمان ….

و في الشيوعي كان هناك نوع من الناس حين يختلف مع الرفاق يفعل ما فعلوه مع (…..) الرفيق الذي إختلف مع الحزب (جنَّنوه) أصابوه بالجنون فعلاً حتى مشى عرياناً

و كان هناك منهم من يجده أهل الدامر راقداً على وجهه في محراب يبكي بعنف … و بعدها يُسلِّم إصبعه لأولاد الخلوة ليمسكوا بإصبعة هذا و يعلِّمونه الحروف … ألف … باء .. تاء ..

الإغتسال من حياته بعد أن عاش الشيوعية يبلغ هذا و كان هناك من يجدونه يتأرجح من السقف و حبل حول عنقه

و في الخلاف الشيوعي مع الآخرين كانت هناك الكتابات

و الكتابات كانت صراعاً شهياً راقيا مثقفاً و .. و

حتى الخبائث التي يكشفها الصراع كانت راقية إلى درجة أن صلاح يجعل ما كتبه عن الرفيق أنانسي مُقدِّمة لديوانه و الكتابة كانت موجعة إلى درجة أن الحزب يلبد لصلاح … و ما أن مات صلاح حتی حذفوا المقدِّمة تلك ..

و الكتابات كانت بليغة إلى درجة أنه حين يقول صلاح عن رفيق أنه لا تزول الخبائث من روحه حتى تزول شلوخة عن وجهه

و الرفيق يختفي …. و لعله بعدها لا ينظر أبداً في المرايا

…..

صراع إذن في السودان صراع رفاق و صراع حزبيين و صراع مثقَّفين يقودون المجتمع و .. و

و كله سليم

سليم بمعنى أنه كان (جراحاً نازفة) ..

لكن الجراح تلك لم تكن جراحاً متعفنة …. و لا كانت نوعا من الجذام ..

و الأسماء التي نشير إلى بعضها كانت شاهداً … شاهداً على المجتمع و على ما كان فيه …

كل هذا لنشير إلى شيء واحد و هو

أن المجتمع ما كان يقوده هو … الأخلاق …

و لنشير إلى … الشيوعي الآن

و لنقول نحن و كل الشواهد … إن الشيوعي الآن ليس هو الحزب الشيوعي السوداني ….. السوداني …. السوداني) الذي عرفه السودان

و إن المجموعات التي تغلي الآن بإسم الحزب الشيوعي لا هي حزب و لا هي الشيوعي

و المجموعات هذه كل حقيقتها هي أنها جماعات من الشباب الذي لأعوام لا يجد عملاً … و حقيقتها هي أنها تسوق هؤلاء الشباب بالأسلوب المعروف تماماً الآن و تفعل بهم ما تفعل

………

أستاذ

نلتقط الجهات في السودان واحدة بعد واحدة

و نُحدِّث عن لماذا أصبحت ما أصبحت

و نجعل الجهات هذه حروفاً نكتب بها وصف السودان الآن

و ماذا …. و لماذا …

اترك رد