خذها مني..
أسمع كلام الذي يُبكيك..
لا كلام الذي يُضحكك ؛ ولو أعجبك..
والعبارة هذه قلناها للبشير كثيراً – كثيراً جداً – أواخر عهد نظامه..
إشفاقاً على الشعب ؛ لا عليه..
فلم يسمعها منا…ما كان يسمع إلا ما يُعجبه..
وقلناها من بعده – إثر سقوطه الذي توقعناه – لجماعة قحت..
إشفاقاً على الثورة ؛ لا عليهم..
فالحكمة قد تأتي حتى من أفواه المجانين ؛ كما يقولون في الأمثال..
وأيضاً لم يسمعوها منا..
فتوقعنا سقوطهم – كتوقعنا سقوط البشير – فسقطوا..
فنحن بتنا نخشى من أنفسنا…وعليها..
نخشى ما يأتي من تلقائها من توقعات…ونخشى عليها مما قد يقع من تبعات..
وتتمثل – التبعات هذه – في مظنة علم بما نتوقعه..
ومساء الأول من أمس سألني الزميل هيثم عن توقعاتي لنتيجة لقاء القمة..
وأعني هيثم موسى…سكرتير تحرير صحيفتنا هذه..
فقلت له أن توقعاتنا محصورة في الجانب السياسي…ولا تمتد إلى الرياضي..
وهي نتاج قراءات للواقع…واستقراءات منه..
أما في الجانب الرياضي فليس لدينا سوى (أمانٍ عذبة تتراقص حيالي)..
ورغم أماني النفس هذه أتوقعها تعادلية..
المهم يا سيد برهان : عليك بالباسم قبل أن يجعل الأمور تنقلب عليك..
قبل أن تتجهم…والتجهم عكس التبسم..
والباسم – أو الضاحك – هذا هو جبريل إبراهيم…والذي هو مبسوط دوماً..
حتى وإن بكى الشعب كله – ألماً – فهو مبسوط..
والشعب الآن يتألم…..يتأذى….يتجهم ؛ وسيادته مبسوط على الآخر..
يضحك……ويتبسم……ويتلذذ..
وكذلك كثيرون ممن كانوا قبله…في المنصب ذاته…وعلى الكرسي نفسه..
ثم يشتركون معه – أو يشاركهم هو – تبلد الشعور ذاته..
وتشمل الحالة هذه مسؤولين كثراً ؛ وكأنها قدرٌ من أقدارنا السودانية..
وأقصد حالة الانفصام عن الناس…وعن الواقع..
ما أن يجلس أحدهم على كرسي (لو كنت المسؤول) حتى يضحك..
يضحك…ويتبسم…و(يزغطط)..
ثم ينسى الشعب…وأحواله…وأحواله هو نفسه قبل جلوسه على الكرسي..
فالضاحك هذه – أو الباسم – خطرٌ على الناس الآن..
وخطرٌ عليك أنت ذاتك – يا برهان – إن لم تنتبه إلى مكمن الخطورة فيه..
فهو قد دفع بالناس إلى أقصى حدود الاحتمال..
إلى الحد الذي ليس بعده سوى مفارقة محطة فضيلة التحمل…و التجمل..
محطة :
هي النـفس ما حملتها تتــحـملُ
وللــدهـر أيــامٌ تجـور وتـعــدلُ
وعاقبةُ الصبر الجميــل جمـيلةٌ
وأفضل أخلاق الرجال التفضلُ
هي المحطة التي إن فارقها شعب السودان – غاضباً – فلن يعود إليها إبداً..
لن يعود إلا بعد أن يحقق هدفه..
وهدفه هو زوال الحكم القائم ؛ ما دام غير مبالٍ بهم…وبمعاشهم…و بآلامهم..
والآن – يا برهان – جبريل يجعل حكمكم كذلك..
فاسمعها مني قبل فوات الأوان…وكم تعبت معي العبارة المسكينة هذه..
عبارة بعد فوات الأوان…وتعبت أنا معها..
أبعد الباسم – أو الضاحك – هذا فوراً من كرسي وزارة المالية..
وأجلسه على أي كرسٍ آخر..
حتى ولو تصيره نائباً ثالثاً لك من بعد حميدتي ؛ ليزداد ضحكاً على ضحك..
فقط فليبعد عن المالية ؛ عن الناس ومعاشهم..
فما عادات في عقول الناس – وجيوبهم – قدرةٌ على التحمل ؛ و التجمل..
وخير أخلاق الرجال التجمل..
يا برهان !!