زرت نهار أمس معرض “اكسبو 2020″ بأمارة دبي الجميلة، كل العالم حضور وكأنه قرية صغيرة من صلب رجل واحد، الغالبية العظمى من الدول لا تعرض صور ماضيها وحاضرها بل تركز على مستقبلها.. أما السودان في هذه اللوحة العالمية الفريدة فشيء رابع غير الماضي والحاضر والمستقبل.. شيء أشبه بـ”الغياب عند الحضور”.
إستمعنا من الأستاذة الفاضلة “نبوية محجوب” مفوضة جناح السودان بـ”اكسبو”، وهي المسؤولة المختصة بحكم وظيفتها الرفيعة في وزارة التجارة بالسودان.. ولا أريد أن أحملها وزر ماحدث ولا يزال يحدث لكن مجمل ما قالته كأني بجناح السودان تحول من معرض صور ومنتجات السودان إلى “أعذار السودان”.. فالمرافعة الاعتذارية التي تفضلت بها نبوية هي في الحقيقة “حال البلد” .. بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى.
حسب ما قالته السيدة نبوية أنهم تسلموا من وزارة المالية في السودان 2.5 مليون دولار، إضافة إلى 10 ملايين بالعملة السودانية.. مع تبرعات مع شركتين سودانيتين في مجملها حوالى 130 ألف دولار.
حقيقة الذي يزور جناح السودان –خاصة الأجانب- لن يفهم مطلقاً ماذا يريد السودان أن يقول للعالم، ليست هناك رؤية ولا فكرة معروضات لبعض الأجهزة كمثال لاختراعات سودانية و صور أخرى عن جبل مرة ربما هي الحسنة الوحيدة للجمال الآخاذ الذي لا يمل الناظر اليه ، وقد أبدع من التقط صوره، بينما أخرى للثروة الحيوانية السودانية وقد ظهرت فيها ماشية هدها طول الترحال كأنما تشكو للعالم بهزالها إهمالنا لها و “كفرنا” بالنعم المهداة لنا.
الأستاذة نبوية قالت أن السودان سبق له المشاركة في معارض إكسبو السابقة في الصين ثم ألمانيا ثم إيطاليا، معنى هذا إن لنا خبرة ويفترض أن السودان مدرك لمعنى المشاركة في هذه المحافل العالمية التي لا تتكرر إلا كل خمس سنوات.. وأن ملايين الأعين التي تزور معرض إكسبو ترسم صورة ذهنية للسودان وشعبه من واقع ما تراه، وللدقة ما لا تراه..
معرض إكسبو 2020 في دبي تشارك فيه كل دول العالم تقريباً، صغيرها وكبيرها، وقد ضخت فيه الإمارات أموالاً ضخمة لأنها تدرك أن ملامح المستقبل ترسم هنا، وفعلاً يبدو المعرض وكأنه خيال مرسوم في الخيال.. بتنظيم دقيق ملفت للنظر، وأفواج لا تنقطع من دول العالم كافة تعبر البحار والمحيطات لزيارته.. وبحكم العلاقة الوثيقة مع السودان أفسحت الإمارات موقعاً ومساحة مميزة لجناح السودان، و كان يفترض أن ينجز السودان فيها أعظم لوحة مهما صرف فيها من مال فهي تأتي بأضعافه .. فهذا المعرض فرصة نادرة تجمع أعين العالم وسمعه في موقع واحد.. ولدينا في السودان الكثير الذي نريد أن نقوله للعالم ويراه بعينيه ليأتي ويستثمر.. ولكن!! ما أكثر “لواكن” البلد الملكون حتى في إكسبو.
صحيح أن السودان حالياً يعاني من حالة الـ”لا” توازن في غياب الحكومة التنفيذية ورئيس الوزراء ومؤسسات التشريع والرقابة والعدالة.. لكن الأصح أن العمل بدأ لمعرض إكسبو قبل خمس سنوات..
والأغرب من كل هذا زيارات المسؤولين السودانيين التي لا تنقطع .. من وزراء وولاة ومديرين وموظفين وحتى سكرتارية مكاتبهم وحرسهم الخاص ..وفود تكلف السودان أضعاف ما أهدره في جناح السودان.. وكلها زيارات مدفوعة الثمن من حر مال فقر شعبنا المدقع..
لا أعرف لماذا تتكلف الدولة كل هذا المال لنعرض للعالم جناح “اعتذارات” السودان.