إني لا أشك في أن القحاتــة إستخدموا البلاغين رقم (5984) والمتهم فيـه البروفيسور ـ ابراهيم غندور وآخرين و رقم (38) المتهم فيه أنس عمر وآخرين في سبيل إلهاء الشعب السوداني وتخديره وفي سبيل بناء مجد الحكم والعدالـة الجديد المزيف إلا أن أذهان القحاتـة ولجنـة التمكين السياسيـة لم تستعب ان (الني ) للنار فإنهمكوا في تلفيـق التهم علي طريقـة الجاهليين السياسيين والقانونيين علي كل من خالفهم الرأي .. وفي الجلسة السابعـة الماضيـة التي نظرت فيها المحكمة في قضية البلاغ (38) أنكر المقدم عبدالله سليمان أي صلـة له بهذا البلاغ وقال انه لم يتحر فيه ولم يعرف عنه حاجة ودخل في مغالطـة مشهودة مع الشاهد عماد الحواتي حيث ضرب عبدالله سليمان علي وتر أن الحواتي كان مصدره وسط الخليــة فيما ضرب الحواتي علي وتر آخر وهو أن عبدالله سليمان هو من أملأ عليه وهدده وساومـه بملفات حتي يقول كل الذي قالـه في يوميات التحري .. ومع إشتداد عود القضيـة وقرب الوصول إلي خلاصاتها خرج النزاع من نزاع بين المتهمين في البلاغين والشاكيين الي صراع بين النيابـة وعبدالله سليمان من جهة وعماد الحواتي من جهة أخري حيث أخذت القضية شكلا جديدا وبات هذا الشكل ينمو ويتطور كل جلسة بشكل درامي مثير وبهذا يحفظ للقضاء السوداني توازنـه ولم يظهر حتي الآن ميوله لأي طرف ولم نر محاولـة من القاضي لصناعـة بينات وبذلك هو ملزم عند الحكم بما سجلـه بخط يده من بينات وأي تعبير ورد في يوميـة التحري لا يعني ان يكون بينـة أو مستند يدين المتهمين فالبينة عند الحكم هي التي تؤخذ أمام القاضي وليس سواها .. إن جلسة غد الخميس الساعة العاشرة صباحا والمخصصة للبلاغ رقم (5984) ستأخذ ألباب الحضور وكل المتابعين لمسار القضية وستبرز الحالـة الحقيقية التي تشكلت من البلاغين والدوافع والمظاهر التلفيقية لها وذلك حينما تواجـه المحكمة المقدم عبدالله سليمان وعماد الحواتي في حيثيات البلاغ اعلاه وجها لوجه والتي أقر عبدالله سليمان في الجلسة السابقة بأن له صلـة مباشرة بهذا البلاغ ويعرف تفاصيلـه وكان يفترض يتحري فيه وهو متابع تسلسل قضيته ومعروضاتها لكن واضح ان هذه الجلسة ستكون مدهشـة لجهـة ان وكيل النيابة وعبدالله سليمان متوقع يجتهدان لتلبيس عماد الحواتي تهم البلاغين رغم انه شاهد في بلاغ أنس عمر والاخرين ومتهم في بلاغ غندور والآخرين واذا تمت تبرءة المتهمين في البلاغ (5984) فالقاضي سوف يبرئ الحواتي معهم لا محالــة وفي المقابل سيحاول وكيـل النيابـة وعبدالله سليمان توريط الحواتي بانه قدم معلومات كاذبـة ومضللـة للسلطات ولكن قانونيا لن تنفع هذه المحاولـة الا في حالـة واحدة وهي فتح بلاغ آخر منفصل وهذا لن يتم الا بعد أخذ إذن القاضي ولا اعتقد أن القاضي سوف يسمح بذلك نزولا للقاعدة القانونيـة التي تقول : ( المتهم لا يجبر علي تقديم بينات تدينــه) ـ والفرصـة الوحيدة التي كان يمكن ان تنفعهم وتنقذهم وهي عندما قدم الحواتي شهادتـه في البلاغ رقم (38) أنس عمر وآخرين وأنكر كل أقوالـه وماونسب اليه واقر بانه مقهور ومرعوب وهو يدل بتلك الشهادات حينها كان هناك فرصـة أن يقول وكيل النيابـة امام القاضي أن هذا الشاهد أصبح شاهد عدائي وفي هذه الحالـة المحكمـة ستأذن للإتهام أن يطرح أي أسئلـة علي الشاهد بخلاف الحالـة الأولي التي هو شاهد فيها حيث لا يجوز فيها قانونيا طرح أي أسئلـة تجريمية أو إيحائية غير مباشرة علي الشاهد .. وكيل النيابـة وعبدالله سليمان فوتا هذه الفرصة وبات وضعهما في هذه القضية ساخر جدا وبات الحواتي بالنسبـة لحالتهما بطلا بدلا من وضعه من وجهة نظرهم التي يريدون ان يضعوه في وضع الخائن وتلبسه كل تفاصيل البلاغين وتبعاتهما وإدانتـه وإن تم تأليف روايات أخري لتبرير حكايـة السلاح والعربـة المقبوضـة والخليـة والقناصــة وهلمجرا .. علي العموم إن القاضي لا علاقـة له عند النطق بالحكم في النظر للطلب بفتح بلاغ آخر فهو يصدر حكمـه بناءا علي البلاغ وحيثياتـه الراهنة أمامه وليس من مهمامه النظر في البلاغ وفقا لما هو غير ملزم به وهي حيثيات يوميـات التحري .. عموما هي وثبـة للمراجعات وتحقيق العدالة وإحجام وتحجيم الباطل ويبدو إن قضية غندور وأنس أنها حفرة عميقـة جدا لن تكتفي بعدد قليل من الساقطين داخلها وإن إحتقرها البعض عندما كانوا تحت تأثير سكرة الحكم والسلطـة لكنهم اليوم علموا أنهم كانوا علي باطل وتجهيل .. وقديما كان الأمويون يفخرون بالحجاج ويعدونه من أبطالهم الأفذاذ .. جاء عمر فقال عن الحجاج : ( لو ان الامم تخابثت يوم القيامة… فأخرجت كل أمة خبيثها ثم أخرجنا الحجاج لغلبناهم) .. ورد عمر جيوشه في الثغور فعطل الفتوح التي وردت تخترق أوربا من الشرق والغرب فخالف بذلك أسلافـه من بني أميـة في سياسـة الفتوح لانه كان يشهد ان تلك الفتوح لم تكن في سبيل الدين فهي قد ارتدت كلها تطلب الثروة والسبايا والعبيد وصارت مربحة للأمراء والولاة علي البلدان ..كان عمر يعتبر العدل الداخلي اهم من التوسع الخارجي .. الآن الشعب السوداني أدرك أن ثورة ديسمبر لم تكن من أجل الحريــة والسلام والعدالـــة ..