محمدين محمد يكتب.. قدسية المكان والزمان والرسالة ما بين صفعة الأوسكار والحذاء الطائر وخمارة السنهوري
الاسبوع الماضي شهد حدثأ عالميأ آثار كثيرأ من الجدل واللغط بين ناقد له أو مؤيد له، وهو قيام الممثل المشهور ويل سميث بطل سلسلة (الاولاد الاشرار) بصفع زميله مقدم حفل الأوسكار الممثل الكوميدي كريس روك في رد علي مزحة علق فيها كريس علي صلعة زوجة سميث (جيدا) فيما ما اعتبرها سميث سخرية غير مقبولة تجاه زوجته (جيدا سميث) المصابة بداء الثعلبة، والذي جعلها تفقد شعرها في صراعها ضد هذا المرض. فقام سميث من مقعده وتوجه الي المسرح حيث يقف روك وقام بصفعه وعاد الي مقعده وهو يكيل السباب مطالبأ زميله بالتوقف عن ترديد اسم زوجته بفمه اللعين أو هكذا. لاحقا اعتذر سميث عن ما قام به من رد فعل عنيف تجاه زميله، وذلك بعد استلامه لجائزة الأوسكار عن بطولته في فيلم (الملك ريتشارد) الذي جسد فيه شخصية والد بطلتي التنس الأمريكيتين، سيرينا وفينوس ويليامز.
رد الفعل الصادم الذي قام ويل سميث طغي علي نجاحه واستحقاقه للاوسكار لأول مرة طوال مسيرته الفنية، وبدلأ من أن يكون الحديث مسلطأ علي نجاحه هذا وقصة الفيلم الذي يتحدث عن نموذج رائع لنجاحات ونضالات السود في امريكا. تحول الاعلام والكل للحديث عن الصفعة.
*كلمة حكيمة قالها الممثل المخضرم (دينزيل واشنطون) لسميث أعادته الي رشده، حيث قال له:- (كن حذرأ، في قمة مجدك سيأتيك الشيطان).*
*تحويل التركيز الاعلامي من موضوع مهم الي اخر ثانوي، يسحب البساط من الاول هي امور يقوم بها البعض لتحقيق هدف ما. لعل هذا ما أرادته الصحفية صفاء الفحل وهي تقذف بحذاءها تجاه منصة قيادات الحرية والتغيير- التوافق الوطني، في منبر وكالة سونا للأنباء يوم أمس الثلاثاء ٥ ابريل. حيث أرادت توجيه التركيز الاعلامي من المؤتمر الصحفي الي الحذاء الطائر، وبالتالي يعتبر الامر لا صلة له بالصحافة وحرفيتها من قريب أو بعيد، وكان الاولي لها ان تقدم نفسها بأي صفة أخري غير انها صحفية.*
*هذا الحدث وحدث آخر سنأتي للحديث عنه لاحقأ يشيران الي وجود أزمة حقيقية في ممارسة الحرية ويكشفان كذلك عن سوء استخدام المنصات الاعلامية من قبل البعض، والأكثر شناعة ان من يتجاوز خطوط حريته لينتهك حرية غيره هو من العاملين في بلاط الصحافة، وهنا يمكن استدعاء مقولة الفيلسوف الفرنسي فولتير: «قد أختلف معك فى الرأى، ولكنى مستعد أن أدفع حياتى ثمناً لحقك فى التعبير عن رأيك». وهي تمثل خير نموذج لحق الجميع في ابداء اراءهم الفكرية دون خوف أو خشية التعرض للعنف اللفظي أو الجسدي.
*الحدث الأول الذي شهده المؤتمر الصحفي لقوي الحرية والتغيير- التوافق الوطني في منبر سونا بالامس الثلاثاء ٥ أبريل من الصحفية صفاء الفحل، بالقاء حذاءها علي قيادات من الحرية والتغيير- التوافق الوطني، وهو امر وبعيدأ عن تهليل البعض وترحابهم به هو فعل عنيف ينبغي ادانته بغض النظر الي الخلاف الفكري أو الحزبي. وهو في وجه منه يشير الي الإفلاس الفكري والعجز عن مقارعة الحجة بالحجة، فلا مسوغ اخلاقي أو مهني يمنح الحق للصحفية صفاء بالقاء حذاءها في أوجه قيادات سلاحها الكلمة والمايكرفون.*
*اذا سلمنا ان للصحفي أو الصحفية انتماءات خفية او علنية او ميول سلبية أو إيجابية تجاه مكون أو تنظيم ما، فإن مهنية الصحافة تمنع الإفصاح علنا عن هذه الميول، والا تكون الصحافة قد فقدت حياديتها وباتت حينها ايدولوجية.*
*والذي يدعو للعجب انها تحدثت باسم الشعب السوداني وهو شعب قد يقف الكثيرون منه ضد الفعل الدخيل والمستنكر الذي اتت به. إضافة الي ان زعمها بأن قذف الموجودين في المنصة بالحذاء هو رسالة الشعب السوداني هو ادعاء غير موضوعي وغير صادق فالشارع السوداني منقسم مثل مكوناته السياسية والمدنية حول قرارات البرهان في ٢٥ أكتوبر من العام الماضي.*
*هذا الفعل وبطريقته الاستعراضية سيأتي بنتائج سلبية للمعسكر الذي اعلنت انتماءها اليه بهذه الطريقة الغريبة في التعبير عن الرأي الآخر، خاصة في اليوم الذي يسبق التظاهرات التي اعلنت عنها وتدعمها قوي سياسية ومدنية تقف علي النقيض من قوي الحرية والتغيير- التوافق الوطني.*
*ما تحتاجه صفاء هو الاعتذار العلني عن ما قامت به في منبر سونا وهو امر لا يؤرخ لها بايجابية ولا يمجد بوصفه كفعل ثوري ينبغي الاقتداء به، بل هو في حقيقته فعل عنيف واعتداء استغل قدسية المكان والحدث والصفة الوظيفية لتمرير أجندة سياسية بامتياز.*
*الحدث الثاني ما كتبه احد أنصار تظاهرات ٦ ابريل في رد علي قيام المصلين في مسجد السنهوري بالمنشية بطرد احد أنصار قحت من المسجد بسبب دعوته لهم للخروج لدعم التظاهرات المعلنة. حيث كتب علي منصة الفيسبوك ما يلي:-*
*(شاهدت الفيديو بتاع الشاب الدعى لمظاهرات ٦ ابريل قدام مسجد سيدة السنهوري، و شاهدت جحافل الرعاع و هم بطردو و يهللو بطرده و تم وصم الشاب بأنه قحاتي!*
*عليه اول ما النظام دا يسقط حانقدم مقترح بتحويل المسجد دا لي بار و لا نادي تعري ليلي و لا عزاء لي الرعاع). ورد عليه آخر بأنهم سيمارسون فيه الفاحشة.*
*طبعا يختلف الأمر قليلأ عن ما قامت به الصحفية المحترفة (صفاء الفحل)، اذا تعتبر منصة الفيسبوك من ضمن منصات الاعلام الجديد أو الاعلام البديل أو اعلام المواطن، الذي يتميز عن الاعلام المحترف بأنه بلا قواعد أو قوالب صحفية محددة، لأن من يكتبون عليه هم مواطنين عاديين لا صلة لهم بالاحتراف أو حرفة الاعلام.*
*المنشور المذكور وجد استنكارأ واسعأ بحكم استفزازه المتعمد للمساجد باعتبار رمزيتها المقدسة لدي عامة المسلمين، وهي كذلك لغة عنيفة لا تعترف بالأخر وتسعي الي نفيه واقصائه من الوجود وتغيير محرابه المقدس الي خمارة أو مكان دعارة. هي ايضأ رسالة سالبة في لحظات ما قبل تظاهرات ٦ ابريل، المردود ايضأ سيكون سالبأ، فلا الكاتب راعي مشاعر المتظاهرين المسلمين ولا قدسية المكان (المسجد)، ولا قدسية الزمان ( شهر رمضان المعظم). ما كتب دعوة لممارسة الفعل العنيف للتغيير المختلف عليه، وهو لا صلة له بالحريات التي طالبت بها ثورة ديسمبر، والتي من بينها حرية المعتقدات خاصة في بلد يعتبر الإسلام فيه هو دين الأغلبية.*
*اساءة استخدام حرية التعبير هو انتهاك للحرية والنتيجة ستكون مدمرة جدأ اذا كانت تتم باسم الدفاع عن الحريات!*