مسؤولون أميركيون.. روسيا تجند مرتزقة من سوريا وليبيا للحرب في أوكرانيا
يعمل الكرملين على حشد التعزيزات العسكرية لدخول مرحلة جديدة من الحرب في أوكرانيا، بما في ذلك حشد عناصر من “المرتزقة” من كل من سوريا وليبيا وجورجيا، وذلك بعدما انسحبت القوات الروسية من الشمال، وبات تركيز العمليات على شرق البلاد وجنوبها، وفقاً لما نقلته صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية عن مسؤولين عسكريين واستخباراتيين.
وقال المسؤولون في وزارة الدفاع الأميركية “البنتاجون”، إن موسكو أرسلت 75% من قواتها القتالية البرية الأساسية في بداية الحرب في فبراير الماضي.
إلا أن مسؤولين عسكريين واستخباراتيين آخرين أشاروا إلى أن جزءاً كبيراً من هذه القوات، البالغ قوامها أكثر من 150 ألف جندي، أصبح الآن بمثابة “قوة مُستهلَكة”، بعد معاناتها من مشكلات لوجيستية، وتراجع الروح المعنوية لدى الجنود، والخسائر الفادحة التي تعرضوا لها بسبب المقاومة الأوكرانية التي ظهرت بشكل أكثر قوة مما كان متوقعاً.
وذكر المسؤولون أن هناك عدداً قليلاً نسبياً من القوات الروسية التي يمكنها سد هذه الثغرة، إذ سحبت موسكو ما يصل إلى 40 ألف جندي، كان قد تم نشرهم حول كييف وتشيرنيغوف، وهما مدينتان في الشمال، بهدف إعادة التسلح والإمداد في روسيا وبيلاروسيا المجاورة.
مرتزقة من سوريا وليبيا
ويندفع الكرملين إلى شرق أوكرانيا مستخدماً مزيجاً من المرتزقة الروس والمقاتلين السوريين والمجندين الجدد وقوات الجيش الروسي النظامية الموجودة في جورجيا وأقصى شرق روسيا.
وتساءل المسؤولون والمحللون الأميركيون، ما إذا كانت هذه القوات ستكون قادرة على التغلب على أخطاءها في الأسابيع الستة الأولى من القتال، وإنجاز مجموعة أضيق من أهداف الحرب في منطقة أصغر من البلاد.
ومع تعثر غزو موسكو لأوكرانيا، سلَط المسؤولون الأميركيون والأوروبيون الضوء على أخطاء الجيش الروسي والمشاكل اللوجستية التي واجهها، وذلك على الرغم من أنهم حذروا من أنه لا ينبغي الاستهانة بقدرة موسكو على إعادة تجميع صفوفها.
ويعتقد المسؤولون أن التحول في تركيز الجيش الروسي يهدف إلى تصحيح بعض الأخطاء التي أدت إلى فشله في التغلب على الجيش الأوكراني الذي ظهر بشكل أقوى بكثير، وأكثر ذكاءً مما اعتقدت موسكو في البداية.
لكن المسؤولين قالوا إنه لم يتضح بعد مدى قدرة روسيا على حشد قواتها لتجديد هجومها، مشيرين إلى وجود دلائل مبكرة على أن سحب القوات الروسية والمرتزقة من جورجيا وسوريا وليبيا يمكن أن يؤدي لتعقيد مهام الكرملين في تلك البلدان.
تركيز القوات
وذكر بعض المسؤولين أن روسيا ستحاول استخدام المزيد من المدفعية الثقيلة، كما يرى مسؤولو الاستخبارات الغربيين، أنها “ربما تأمل في تجنب المشكلات اللوجيستية التي عانت منها قواتها في هجومها الفاشل على كييف، من خلال تركيز قواتها في منطقة أصغر جغرافياً، وتقريبها من طرق الإمداد”.
فيما توقع مسؤولو استخبارات أوروبيون آخرون، أن “إعادة تنظيم الصفوف وإعادة التمركز سيستغرق من أسبوع إلى أسبوعين قبل أن تتمكن موسكو من شن هجوم كبير آخر في شرق أوكرانيا، التي يقاتل الانفصاليون المدعومون من روسيا فيها منذ 8 سنوات”.
وأشار المسؤولون الغربيون إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يرغب في تحقيق شكل من أشكال الانتصار بحلول 9 مايو المقبل، وهو اليوم الذي عادة ما تحتفل فيه روسيا بنهاية الحرب العالمية الثانية من خلال موكب يوم النصر في الميدان الأحمر.
وقال مسؤول استخباراتي غربي بارز لـ”نيويورك تايمز”، إن بوتين يرغب في تعزيز سيطرته على منطقتي دونتسك ولوغانسك بشرق أوكرانيا، وإنشاء جسر بري إلى شبه جزيرة القرم بحلول أوائل مايو.
فيما لفت دبلوماسي أوروبي ومسؤولون آخرون إلى أن موسكو نقلت بالفعل أصولها الجوية إلى الشرق استعداداً لتجديد الهجوم على الجيش الأوكراني، كما أنها زادت من قصفها الجوي لتلك المنطقة في الأيام الأخيرة.
دروس وإخفاقات
ويرى المسؤولون الغربيون والأوروبيون أن الجيش الروسي تعلم درساً رئيسياً واحداً على الأقل من إخفاقاته في كييف، وهو الحاجة إلى تركيز القوات بدلاً من نشرها، لكنه يحاول إيجاد قوات إضافية، حسب مسؤولين استخباراتيين.
وقال مسؤولون استخباراتيون أوروبيون، إن تعداد القوات الإضافية التي تضم مقاتلين من سوريا والشيشان وكذلك المرتزقة الروس يقدر بالمئات وليس بالآلاف.
كما قال أحد مسؤولي المخابرات الأوروبية إنه يتم استخدام الوحدات الشيشانية لـ”بث الخوف”، مشيراً إلى أن هذه الوحدات لا تضم أفضل المقاتلين كما أنها تكبدت خسائر فادحة، ولكنهم استخدموا في القتال في المناطق الحضرية وفي “أقذر المهام”، بحسب قوله.
وذكرت الصحيفة أن المرتزقة الروس من ذوي الخبرة القتالية في سوريا وليبيا يستعدون الآن للقيام بدور نشط بشكل متزايد، في مرحلة من الحرب تقول موسكو إنها على رأس أولوياتها وهي القتال في شرق البلاد.
مسؤول أميركي بارز أفاد بأن عدد المرتزقة الذين تم نشرهم في أوكرانيا من مجموعة “فاجنر”، وهي قوة عسكرية خاصة لها صلات بالرئيس الروسي، من المتوقع أن يزيد عن ثلاثة أضعاف العدد الذي كان موجوداً في الأيام الأولى للغزو.
وأشار المسؤول إلى أن “فاجنر” ستنقل أيضاً المدفعية والدفاعات الجوية والرادارات التي استخدمتها في ليبيا إلى كييف.
ووفقاً للصحيفة، فإنه يمكن أن يتجه مئات المقاتلين السوريين إلى كييف، وهو ما سيكون بمثابة رد للجميل بعد مساعدة موسكو للرئيس السوري بشار الأسد في سحق المتمردين في الحرب الأهلية المستمرة في بلاده منذ 11 عاماً.
وذكر مسؤولون للصحيفة أن فرقة مكونة من 300 جندي سوري على الأقل، وصلت بالفعل إلى روسيا لتلقي تدريبات، ولكن لم يتضح بعد ما إذا كان سيتم إرسالها إلى أوكرانيا أو متى سيتم إرسالها.
وكان بوتين قد وقَع مؤخراً مرسوماً لاستدعاء 134 ألف مجند، ويقول المسؤولون إن تدريب هؤلاء المجندين سيستغرق شهوراً، إلا أن موسكو قد تختار دفعهم إلى الخطوط الأمامية مباشرة مع إعطاءهم القليل من التعليمات أو دون أي تعليمات على الإطلاق.