بعد أن أصدر رئيس مجلس السيادة الإنتقالي الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان قراره بإعفاء لقمان أحمد محمد من منصبه مديراً للهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون ، و تكليف إبراهيم البزعي مديراً . وردّ لقمان احمد ، في تصريح صحفي (لنبض السودان) بقوله :(لا أعلم حتى الآن بقرار اقالتي وسمعت به بالوسائط ولا أعلم ماهو السبب.)
اقالة لقمان تنهي جدل طويل ومطالبات بالرحيل كانت صريحة ومبطنة ظلت تصدر ممن ينتقدون لقمان ويؤكدون على ضعف أدائه في إدارة الهيئة القومية من مجموعة غالبها من منسوبي الهيئة من الإعلاميين والفنيين والإدايين وترتكز أغلب دفوعات هؤلاء من الناقدين للقمان حول الأمور الحقوقية الخاصة بالأجر أو التثبيت في الوظائف المختلفة و الزيادات المطلوبة في الأجور في وقت تتصاعد فيه الأزمة الاقتصادية التي تمسك بخناقهم وبخناق ميزانية الهيئة نفسها وما يسببه ذلك في عدم توفير مطلوبات العمل المختلفة ، ونجد بين ناقدي لقمان من داخل حوشي الإذاعة التلفزيون أولئك الذين وضعوا في سلة أنصار العهد السابق فأصابتهم سهام الفصل من لجنة التمكين أو تمّ تهميشهم وتقليص دورهم المهني. وصعد في مساحاتهم آخرون بعد قرار المحكمة العليا بإعادتهم مرة أخرى للعمل ونقد هؤلاء الموجه إلى الكرسي الذي يجلس عليه لقمان تطابقت فيه آثار الأزمة الاقتصادية مع الموقف السياسي في الصراع المكشوف بين أنصار النظام البائد وبين طلائع الثورة داخل الهيئة القومية .
السوشيال ميديا
ومن السهام الناقدة التي ظلت تترصد لقمان بعد عودته مواصلته العمل كمدير للهيئة بعد إجراءات الخامس والعشرين من اكتوبر الماضي والانقلاب الكبير الذي حدث في طبيعة الرسالة الإعلامية في الأجهزة القومية ، فقد أصبح المراسل العالمي بين عشية وضحاها أحد داعمي حكم العسكر خصوصاً بعد ما راج من معلومات ظلت تشير الى وجود نظاميين يراقبون الرسالة الإعلامية التي تخرج من أثير الإذاعة القومية والتلفزيون وإنهم يتمتعون بصلاحيات وفيتو على المادة الإعلامية وعلى قرارات لقمان نفسه ، هذا النقد السياسي المركز وضع لقمان في سلة داعمي الانقلاب والمساهمين في تثبيت أركانه وكانت جبهة هذا الهجوم هي منصات مواقع التواصل الاجتماعي ونجومها المؤثرين من المناهضين للإنقلاب من أهل السياسية والناشطين .
مسألة وقت
ولابد أن السلطات التي دان لها أمر الحكم بعد 25 أكتوبر هي نفسها قد وضعت لقمان تحت شبكة الإقصاء والإبعاد من المنصب ولكن بعد حين ، فرجل كلمقان يقف على مخزون وافر وتجربة كبيرة في كبريات وسائل الإعلام الغربي الموغلة في الليبرالية والمتحركة في مساحات شاسعة من التحرر والانعتاق ، رجل بهذه المواصفات المهنية لابد إنه راقد فوق راي ولا يمكن أن يكون قد اختار التعايش مع أوضاع الكبت والفيتو والتضييق ، من ذلك فإن القرار كان متوقعاً وراجحاً وربما ممهوراً ينتظر الوقت المناسب .
صراع داخلي
المدير المقال لقمان لاشك إنه كان يعيش في صراع داخلي كبير ببقائه في المنصب خصوصاً بعد أن اختار الدكتور حمدوك المغادرة مستقيلاً وكشف عنه الغطاء كما كشف عن كثيرين جعلوا من عودته المبرر والدافع للبقاء في المناصب ، وحتى لا نظلم الرجل نقول إنه آثر البقاء لفعل شيء وتقديم رسالة تخدم الثورة وأهدافها بحسب المساحة المتاحة رافعاً شعار فن الممكن كشعار سياسي ومهني في وقت واحد ، وربما كواليس العمل داخل الهيئة وطبيعة اتخاذ القرارات وإصدار التوجيهات قد دارت معارك بين لقمان ونفسه أو مع ضيوفه غير المرحب بهم من أصحاب الرتب العسكرية .
نتيجة طبيعة
رحيل لقمان من هذا المنصب في ظل كل هذه تحديات داخل الحوشين وخارجهما والتي أحاطت به إحاطة السوار بالمعصم من مختلف الجهات هي أمر متوقع وطبيعي لدرجة أصبح معها عسيراً أن يتم تقييم الرجل وقياس مدى النجاح والفشل خلال تجربته وتحديد مصدر الطلقة التي أنهت وجوده على كرسي الإدارة في وقت تعددت من حوله البنادق وتعدد القناصون .