تم إتخاذ قرار في الجمعية التأسيسية في جلستها بتاريخ 25/11/1965م، بحل الحزب الشيوعي. وتعديل الدستور لطرد نوابه من البرلمان ، والنواب الشيوعيون الذين تم طردهم هم:
حسن الطاهر زروق، عزالدين علي عامر، محمد ابراهيم نقد، عمر مصطفى المكي
، الرشيد نايل، الطاهر عبدالباسط،، عبد الرحمن الوسيلة، احمد سليمان، جوزيف قرنق. تتذكروا الحادثة دي سببها شنو؟ سببها انه في طالب اسمه شوقي محمدعلي صعد منبر ندوة الاسلاميين في معهد المعلمين وعرف نفسه بإنه شيوعي وسب بيت النبوة بقوله أن الزنا كان يمارس في بيت النبوة وذكر حادثة الإفك التي تعرضت لها السيدة عائشة رضي الله عنها هنا استغل الاسلاميون والإتحاديون وناس حزب الأمة سقطة الطالب وسلوكه الفردي وتآمروا على الحزب الشيوعي وطردوا نوابه من البرلمان بعد أن عدلوا الدستور وكان للحادثة عواقبها فيما بعد وهي كانت إحدى دوافع إنقلاب مايو الذي دبره الشيوعيون مع نميري كردة فعل للإقصاء الذي تعرضوا له.
الملاحظ في تلك الحادثة أنه تم إخراجها من سياقها الإجتماعي الفكري الي المتاجرة بها في سياق سياسي بغيض وتصفية حسابات مع خصوم سياسيين، ولم يعتذر الإسلاميون ولا الاتحاديون ولا ناس حزب الأمه عن هذا التجاوز حتى بعد إعلان القاضي بعد عام واحد فقط بطلان تعديل الماده الخامسة (مادة الحريات) في الدستور.
تمضي الأيام ويأتي محامي يدعي شوكت وهو ضمن هيئة الدفاع عن المتهم البشير رئيس المؤتمر الوطني السابق ومعاونيه ويقوم بسب العقيدة في رمضان ويتفوه بألفاظ عنصرية في حق مدير التلفزيون السابق الأستاذ لقمان أحمد صحة الفيديو من عدمه هذا لا يعنيني بقدر مايعنيني مضمون الألفاظ وردة فعل الناس حولها خاصة السياسيين منهم.
أولا مع سوء ممارسة الاسلاميين طيلة فترات حكمهم أن يتم تعميم سلوك فردي على تيار كامل هذا يعني أننا غير منصفين ولم نستفيد من تجارب التاريخ التي خلفت كوارث عديده لم نتعافي منها الي الآن.
ثانيا إخراج القضية من إطارها الإجتماعي وتقزيمها في محامي عنصري وتنظيم سياسي واحد والمتاجرة بها سياسيا هذا فيه عدم وعي أو هروب من الواقع الحقيقي لمجتمع تنتشر فيه العنصرية بشكل كبير وبدل تسييس القضية كان يفترض المطالبة بمحاكمة علنية للمحامي الذي بدرت منه تلك الألفاظ حتى يصبح عبرة لمن يعتبر والمطالبة بصياغة قوانين رادعة تردع من يقدم على مثل تلك الألفاظ ثم البحث عن إيجاد حلول جذرية يستهدف بها المجتمع لأن شوقي لم يسقط فجأة من السماء ولا الإسلاميين وفدوا من الهملايا بل هم أبناء وبنات هذا المجتمع الذي يهرب من أي نقد بناء أو تحليل علمي وعقلاني لعيوبه ومشكلاته.
ثالثا : لم يستفز نخبة الساسة في الخرطوم وأتباعهم كل الإبادات التي حدثت بدوافع عنصرية في الماضي حيث لم تمنعهم مظاهر الدماء ولا آهات الثكالي من ملاطفة الكيزان وجنجويدهم بل ومشاركتهم في كراسي السلطة لسنوات أستغرب أن تستفزهم الألفاظ ولا تحرك ضمائرهم الأفعال!!
ولسه الناس بتموت في دارفور وكردفان والنيل الأزرق وفي ناس بتعتبر البشير جلدها ومابتجر فوقه الشوك وفي ناس رافضه تسليم البشير للجنائية وفي ناس بيهتفوا باسم زعيم أكبر مليشيا مجرمة وعنصرية في تاريخ السودان!! نحنا أكبر شعب بيمارس نفاق مع ذاته.
حادثة أخرى تفسر تناقضاتنا وإخراجنا للقضايا من مساراتها المفترضه وعدم وضع إعتبار للعواقب:
تتذكروا مها سليمان التي هتفت في موكب لندن بعبارات
أولاد الكلب هدول عسكوري وناس أردول
أولاد الكلب عديل مناوي وناس جبريل
نختلف أو نتفق مع المذكورين أعلاه في سلوكهم السياسي والذي يجب أن يتم نقده في إطاره السياسي لا الشخصي والإجتماعي وعندما انتقدت تلك الهتافات التي وجدت ترحيبا من كثير من الناشطين السياسيين السطحيبن رفضوا نقدي لهذه الهتافات وخونوني بل وصل الأمر للإحتفاء بصاحبة الهتاف رغم أنني تحدثت حينها عن ضرورة المحافظة على نقاء الخطاب الثوري حتى لا يساهم في تشويه صورة الثورة وينعكس سلبا على المجتمع وقلت حينها ماذنب آباء من وصفوهم بأولاد الكلب والبعض منهم تحت الثري وهل سلوك مناوي وجبريل واردول السياسي مبرر لأن نسيئ لآبائهم؟ وماجريمة إخوان وأخوات وأبناء وبنات وعمات أردول وجبريل ومناوي الذين لا يتعاطون السياسة أصلا أن يساء لآبائهم؟ وهل نحن في حوجة لأن نربي أجيالنا الناشئة على أدبيات الشتم والسب؟
لك مطلق الحرية أن تنتقد كما تشاء لكن بأدب ووعي لأن مايصدر منك يمثلك ويصف شخصيتك وتكوينك النفسي وتربيتك، والعنصرية والبذاءات لن تعالجها هتافات جوفاء مثل ياعنصري ومغرور كل البلد دارفور حتى وإن صدرت من أنبياء فإنها تظل أمنيات حالمة لا تقدم ولا تؤخر مالم نعترف بعطبنا الإجتماعي ونوجد معالجات جذريه.
فتح الرحمن يوسف سيدأحمد – باريس