:: 14 أكتوبر 2021، وكان د. عبد الله حمدوك رئيساً للوزراء و الأخ الأستاذ لقمان محمد أحمد مديراً للتلفزيون، انتقدت الأخير ببضعة أسطر منها بالنص: (عزيزي لقمان.. التطبيع مع إسرائيل، قضية شرق السودان، صراعات الحاضنة السياسية، قرارات المحكمة العُليا، العجز عن استكمال هياكل الدولة، انتقال السُلطة للمدنيين.. و.. و.. هناك الكثير من قضاياالمرحلة التي يجب أن تشغل التلفزيون بالنقاش الحُر، وذلك بخارطة برامجية جادة ومسؤولة، تستوعب الرأي والرأي الآخر، بدلاً عن برامج النُشطاء السطحية وذات الإتجاه الواحد..!!)
:: وكان من الطبيعي أن يتقبل لقمان تلك الأسطر الناقة بصدر رحب.. فالرجل الخلوق الذي تجمعني به مواقع التواصل ومجموعاتها، يتمتع بقدر وافر من الوعي و رحابة الصدر.. وكثيراً ما رصدته في منابر التواصل وهو يناقش هذا ويحاور ذاك حول قضايا التلفزيون، فوجدته صبوراً وحكيماً وشجاعاً، ولكنه كان يبدو كمن ألقوه في اليم مكتوفاً من الأيدي، مع التحذير: (إياك إياك أن تبتل بالماء).. لقد حمّلوه – باسم التغيير – ما لا يُطاق، دون أن يُملكوه أدوات التغيير، ربما بمظان أن التغيير هو فقط تغيير مذيع بمذيع، ثم مذيعة بأخرى، و هكذا..!!
:: لقمان طرح خطة التغيير الشاملة للإذاعة والتلفزيون – نحو الأفضل- بكل وضوح، بحيث يكون التغيير جذرياً وعميقاً، وليس سطحياً وهتافياً، أو استبدال تمكين بتمكين آخر.. ولكن نشطاء حكومة حمدوك لم يستوعبوا (خطة لقمان)، مثل عجزهم عن استيعاب الكثير من أمور الدولة وشؤون المجتمع، وأفسدوا خطته.. لو استوعبوا خطة لقمان، لساعدوه بإصلاح القوانين في العام الأول من عمر حكومة حمدوك، بحيث تؤدي القوانين الجديدة إلى هيكلة الهيئة وتحويلها من هيئة حكومية مقيّدة بقيود الخدمة المدنية إلى هيئة مساهمة عامة وذات استقلالية..!!
:: ثم أن لقمان كان يُعاني الأمرين في حوش الهيئة، ولم يكن يعمل فقط بين مطرقة العسكر وسندان المدنيين، كما يظن المشاهد الكريم و المستمع الأكرم، بل كان يعمل بين مطارق أجندة نشطاء الحاضنة السياسية المتنافرة وسندان العسكر وفلول الدولة العيمقة ومن تكدسوا في الحوشين بلا عطاء أو إنتاج.. كلهم كانوا ضد خطته الإصلاحية، وكلهم كانوا يرمونه – من وراء أجندتهم الحزبية و الذاتية- بساقط القول والفعل، وكلهم كانوا يجتهدون في إفشاله وإبعاده، و لكنه كان صبوراً وحكيماً وصادقاً في إحداث (التغيير الإيجابي)، وليس تغيير ثيران مستودع الخزف (الحل في البل)..!!
:: على كل، مثل الملايين التي (ساقوها بالخلاء)، صدّق لقمان خطب النشطاء و بيانات العسكر، وظن أن مرحلة ما بعد الثورة هي (مرحلة الدولة)، ومرحلة المؤسسات المستقلة التي تبنيها الكفاءات المهنية بحياد ونزاهة.. صدقهم، ثم وافق على إدارة دفة الإذاعة والتلفزيون، ليتفاجأ بكل ما هو قبيح في عالم السياسة والإعلام.. شكراً لقمان، ستظل سفيراً لبلدك وشعبك و الإعلام المهني والمسؤول، أينما ذهبت.. لقد اجتهدت، فأصبت و أخطأت مثل كل الناس، ولكنك تميزت بالصبر على المكاره و (السُفهاء)، وهم كُثر ، و ما سُفهاء مقطع الفيديو إلا مجرد نماذج ..!!
alyoumaltali.net