اسفير نيوز” الراكوبة
شد وجذب بين الأمم المتحدة والنظام العسكري في السودان، فيما تقترب الخرطوم تدريجيا من روسيا. الحديث يدور حول تحالف ومصالح مشتركة بين قيادة الجيش وموسكو، والمجتمع المدني السوداني يخشى من عودة السودان إلى العزلة.
أجرى محمد حمدان دقلو ، المعروف باسم حميدتي، قائد قوات الدعم السريع ونائب رئيس مجلس السيادة السوداني محادثات في موسكو مع كبار مسؤولي الحكومة الروسية، بمن فيهم وزير الخارجية سيرغي لافروف.
في بداية شهر أبريل 2021، هدد رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان بطرد المبعوث الخاص للأمم المتحدة متهما إياه بتجاوز صلاحيات تفويضه. وقال البرهان في كلمة ألقاها خلال حفل تخرج عسكري “نحن نرى تطاوله بالأمس يتحدث ويكذب” في إشارة للممثل الخاص للأمم المتحدة في السودان فولكر بيرتس. وأضاف “نحن نقول له إذا تجاوزت التفويض سنخرجك خارج السودان”.
تهديد البرهان جاء بعد أيام من تقديم بيرتس تقريرا لمجلس الأمن عن الجهود المبذولة في السودان، حيث علق على الاضطرابات الاقتصادية في البلاد والعنف ضد المحتجين وأولويات الانتقال إلى إجراء انتخابات. بيرتس حذر من أن السودان يتجه “نحو الانهيار الاقتصادي والأمني” ما لم تتم العودة إلى المرحلة الانتقالية التي تم الاتفاق عليها بعد إسقاط البشير.
تهديد البرهان والصيغة القاسية التي استعملها ضد بيرتس دفعت الأمم المتحدة رسميا إلى دعوة الجيش السوداني إلى وقف “خطاب الكراهية”.
في الأثناء، بدأ السبب وراء تصعيد البرهان بالظهور، إذ بينما يدير الجيش السوداني ظهره لخريطة الطريق المفترضة لبناء نظام ديمقراطي تحت إشراف الأمم المتحدة، صار البلد يقترب خطوة خطوة نحو الحليف القديم صاحب النظام الاستبدادي، روسيا.
صداقة قديمة وتقارب جديد
محمد النعيم ناشط سوداني مقيم في لندن يقول لـDW: “بعد قمة سوتشي عام 2017 بين الرئيس بوتين والرئيس السابق للسودان عمر البشير قال البشير إن السودان سيصبح مفتاح روسيا في أفريقيا”.
اتفاق عام 2017 بين روسيا والسودان تضمن إنشاء قاعدة عسكرية بحرية لروسيا على البحر الأحمر والتي بدأت بالحصول على زخم أكبر الآن، وكذلك السماح لشركة مجموعة فاغنر سيئة السمعة بالتعدين وتصير الذهب إلى روسيا. ووفقا للمعلومات تشكل صادرات الذهب نحو 70 بالمئة من إجمالي الصادرات بكميات متفاوتة بين 26 و30 طنا سنويا. علاوة على أن صادرات الذهب كانت قد استبعدت من العقوبات الدولية على السودان بعد الإطاحة بنظام عمر البشير عام 2019.
المبعوث الأممي إلى السودان فولكر بيرتس (10/1/2022)المبعوث الأممي فولكر بيرتس حذر من أن السودان يتجه “نحو الانهيار الاقتصادي والأمني” ما لم تتم العودة إلى المرحلة الانتقالية التي تم الاتفاق عليها بعد إسقاط البشير.
تقارير كثيرة أشارت إلى نقل ذهب بطريقة غير مسجلة بواسطة طائرات خاصة. صحيفة “تيليغراف” الإنكليزية تتحدث عن أن ذهب السودان ساعد من تخفيف العقوبات المفروضة على روسيا بسبب حرب أوكرانيا. ولذا فليس من المستغرب أن تصبح السودان وروسيا حليفان.
في 24 شباط/ فبراير – اليوم الذي شنت فيه روسيا هجومها على أوكرانيا – أجرى محمد حمدان دقلو، المعروف باسم “حميدتي”، قائد قوات الدعم السريع ونائب رئيس مجلس السيادة السوداني الذي يرأسه البرهان، محادثات في موسكو مع كبار مسؤولي الحكومة الروسية، بمن فيهم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافرو
قلق من عودة العزلة الدولية
تقول كريستين فيليس روهرس من منظمة فريدريش – إيبيرت الألمانية في العاصمة السودانية الخرطوم، “الواقع أن زيارة حميدتي كممثل للنظام السوداني، بغض النظر عن زيارته كممثل أو قائد لقوات الدعم السريع، تثير قلقا في المجتمع المدني. ويحتمل أيضا داخل الجيش”.
الخوف من عودة السودان إلى العزلة الدولية بعد الانقلاب، أصبح واضحا، مثلما كان عليه الحال في فترة حكم البشير بين عامي 1993 و2019. “التقارب مع روسيا التي أصبحت منبوذة دوليا، أطلق جرس إنذار”. تقول كريستين فيليس روهرس لـDW.
إضافة إلى ذلك يرى تيودور مورفي، مدير قسم أفريقيا في المركز الأوروبي لدراسة العلاقات الخارجية، أن ” حميدتي كان يغازل روسيا بشدة وكانوا يتجاوبون بشكل إيجابي لمبادراته”. ويرى مورفي أنه على الرغم من المنافسة بين حميدتي والبرهان وخشية البرهان من أن يتفوق عليه حمديتي، إلا أن الاثنين منفتحان للتعاون مع روسيا. ولذا يرى مورفي أن المجتمع المدني هو “الحماية الحقيقية الوحيدة ضد النفوذ الروسي في السودان، لأن أيديولوجية المجتمع المدني تعارض أي دور لروسيا”، على حد قوله.
ارتفاع نسبة الفقر
وفي ظل هذه الظروف تزداد صعوبات الحياة لأكثر من 45 مليون إنسان في السودان. فقد قتل مئات المتظاهرين منذ الانقلاب في شهر أكتوبر/ تشرين الثاني الماضي. كما أدى الارتفاع المستمر للأسعار، والعقوبات الدولية، ووقف تمويل البنك الدولي وكذلك صندوق النقد الدولي، إلى تفاقم الوضع في البلاد.
تزداد صعوبات الحياة لأكثر من 45 مليون إنسان في السودان (20/2/2022)