تعود تفاصيل القضية إلى سيطرة أحد منسوبي الأمن الشعبي (طبيب)، يدعي علي وداعة، على الاستثمار في الصيدلية الداخلية لمستشفى الأنف والأذن والحنجرة منذ العام (٢٠٠٦)، والذي حظي بامتيازات تتمثل في إعفائه من ترخيصها كصيدلية تجارية استثمارية، لما تربطه من علاقة بوزير الصحة السابق في العهد البائد، مأمون حميدة، وبالتالي سخرت له كل التسهيلات، وتم إعفاؤه من كافة الاشتراطات القانونية لإدارة الصيدلة والسموم، بالرغم من انتهاء عقده منذ أربعة أعوام، وفتح بلاغ بنيابة حماية المستهلك بناء على مخالفات أثبتها تقرير صادر من إدارة الصيدلة والسموم، وصدور قرار بأيلولة الصيدلية لإدارة المستشفى.
تحقيق – لبنى عبد الله
كل ذلك تم في الفترة الانتقالية، ولكن عقب الانقلاب صدر قرار بإعادة الصيدلية للطبيب منسوب الأمن الشعبي، بالرغم من تأكيد تجاوزاته، مع غموض القضية. وتجميد البلاغات التي ظلت حبيسة الأدراج، واختفاء ملفات التجاوزات بوزارة العدل في ظروف غامضة. تفاصيل القضية في المساحة التالية:
أهمية المستشفى
يعتبر مستشفى الأنف والأذن الحنجرة المركز المرجعي الحكومي الوحيد في السودان، يقوم بتقديم خدمات متخصصة، تشمل: الطوارئ، الحالات الحرجة، والعمليات الباردة على مدار (٢٤) ساعة. وتعمل المستشفى بطاقتها القصوى بالرغم من الخلل الواضح في النظام الصحي وضعف الدعم المخصص لها، بالإضافة لظروف جائحة كورونا، وأيضاً التحديات التي تواجه المرضى والكوادر الطبية العاملة أثناء سير المواكب الاحتجاجية التي تتجه عادة صوب القصر الجمهوري.
السعة الاستيعابية
يستقبل قسم الحوادث حوالي (٥٠٠) مريض يومياً، وتستقبل العيادة المحولة حوالي (٢٠٠) مريض يومياً، كما يستقبل قسم العمليات الطارئة ما بين (٥ – ١٠) عمليات مجانية يومياً، ويتم إجراء حوالي (٣٥) عملية باردة يومياً، كما يوجد عدد (٨٠) سريراً بالعنبر العام، وخدمات الجناح الخاص.
أصل الحكاية
يقول مصدر مطلع- فضل حجب اسمه- إنه في يناير من العام (٢٠٢٠)، خاطب مدير عام مستشفى الأنف والأذن والحنجرة المدير العام لوزارة الصحة ولاية الخرطوم لتقنين وضع الصيدلية بناء على توجيه المستشار القانوني للوزارة، والذي بدوره خاطب لجنة إزالة التمكين. ويواصل المصدر بقوله: “في أقل من شهر، أصدرت اللجنة قراراً بإخلاء الصيدلية، شمل بخلاف الصيدلية إخلاء عدد (٣) عقارات تتبع للمستشفى: كافتيريا، بقالة، ومبنى إداري مستأجر من مستشفى الفيصل. عقب وصول الخطابات قام جميع المستأجرين بتنفيذ القرار، وتم إمهال مستأجر الصيدلية أسبوعين، لكنه لم ينفذ، بالرغم من أن طلب الإخلاء كان عقب انتهاء عقد إيجار الصيدلية التجارية الداخلية لمستشفى الأنف والأذن والحنجرة وعدم قانونية وجوده للعمل بها، حيث سعت إدارة المستشفى ممثلة في المستشار القانوني لوزارة الصحة ولاية الخرطوم لمخاطبة دائرة الإخلاءات بوزارة العدل لـ (٣) مرات متتالية، لكن المسؤولين عبر الإدارة المختصة بالعدل كانوا يخطرون المستشار القانوني باختفاء الملفات بمبررات ضعيفة وغير مقنعة، الأمر الذي جعل المستشار القانوني يذهب ويعيد تصوير المستندات والمخاطبات مرة أخرى بغرض اتخاذ إجراء قانوني لتقنين وضع الصيدلية وإخلائها، لتتم إدارتها عبر مدير عام المستشفى، ويعود ريعها لصالح المواطن السوداني بتحسين الخدمات”.
ولكن، ووفقاً لمصدر مطلع “ظلت القضية مجمدة بسبب اختفاء الملفات والمستندات المتعلقة بها، مما أثار الشكوك حول تعمد ذلك”. يضيف المصدر: “الأمر الذي جعل المستشار القانوني يعيد تصوير المخاطبات والمستندات بهدف تمليكها لوزارة العدل لتنفيذ القرار وإعادة الصيدلية لإدارة المستشفى ولكن دون جدوى”
في ذات السياق، أكد مصدر مطلع أن مدير عام وزارة الصحة ولاية الخرطوم، دكتور محجوب تاج السر، قام بتكوين لجنة مختصة بهدف زيارة الصيدلية، وعمل تفتيش ومراقبة، وكشفت اللجنة العديد من التجاوزات والمخالفات المتمثلة في وجود أدوية غير مسجلة وأدوية مهربة وخلافه.
ووفقاً لمتابعات (الديمقراطي)، رفعت إدارة الاستثمار بوزارة الصحة ولاية الخرطوم تقريراً يفيد بعدم تقنين وضع العقار. وأوضحت أن مستأجر الصيدلية من أصحاب الحظوة والنفوذ إبان العهد البائد، حيث يتبع لدائرة الأمن الشعبي بالقطاع الصحي، ومن الموردين لصيدليات مستشفى الزيتونة ويستبشرون، وصديق شخصي للوزير السابق مأمون حميدة الذي دعمه بقوة، بالرغم من قرارات المدراء المتعاقبين على المستشفى، والتي كانت ترى وبالإجماع ضرورة تشغيل موقع الصيدلية لصالح المستشفى بدلاً عن الإيجار لمستثمر من خارج المستشفى.
لجنة إزالة التمكين في الصورة
يضيف المصدر الذي تحدث لـ(الديمقراطي) -فضل حجب اسمه- أن كل تلك التجاوزات دفعت المدير العام لوزارة الصحة ولاية الخرطوم السابق في الفتر
أن كل تلك التجاوزات دفعت المدير العام لوزارة الصحة ولاية الخرطوم السابق في الفترة الانتقالية لمخاطبة لجنة إزالة التمكين، عقب كتابة تقرير عن التجاوزات. ويواصل المصدر موضحاً أن لجنة إزالة التمكين أصدرت قراراً في أبريل من العام (2021) بإخلاء العقار (الصيدلية) فوراً لتكون أيلولته لإدارة المستشفى، لكن بالرغم من المحاولة الصورية لاعتقال منسوب الأمن الشعبي لمدة (٦) أيام وإطلاق سراحه، لم يتخذ إجراء قانوني عادل وواضح ضده.
المفاجأة
يواصل المصدر بقوله إن مدير عام وزارة الصحة ولاية الخرطوم، دكتور محجوب تاج السر، في فترة الحكم الانتقالي، وعبر الإدارة العامة للصيدلة والسموم بوزارة الصحة ولاية الخرطوم، أرسل لجنة للمستشفى بغرض إجراء عملية تفتيش ومراقبة للصيدلية الداخلية بالمستشفى وفقاً لاختصاصاتها في أداء واجبها في الرقابة على الصيدليات بالمستشفيات، ورصدت تلك اللجنة عدداً من المخالفات بصيدلية مستشفى الأنف والأذن والحنجرة المتمثلة في تجاوزات لقوانين إدارة الصيدلة، ودونتها في تقرير كشف عدم وجود صيدلي بالإضافة إلى ضبط أدوية منتهية الصلاحية، وأدوية أخرى غير مسجلة، وأدوية مهربة، وأدوية تتبع للعلاج المجاني تمنح للمريض مجاناً. المخالفة الأخطر وجود عقاقير مخدرة بالصيدلية التجارية بالمستشفى، عقب ذلك وجه مدير عام الوزارة المستشار القانوني بفتح بلاغ لدى نيابة حماية المستهلك.