عبد الماجد عبد الحميد يكتب .. كلمة السر في تنامي التيار الاسلامي السوداني
ينسي كثير من الإسلاميين السودانيين أن كلمة السر في تنامي تيارهم الإسلامي وتغلغله في أوساط النابهين من أبناء وبنات السودان الذين صاروا لاحقاً نجوماً ورموزاً في حقل السياسة والعمل العام ، ينسي كثير من الإسلاميين أن كلمة السر في هذا التحول والتغلغل الحميد هو قدرتهم علي إدارة الحوار الداخلي بينهم بشفافية وشجاعة تمنح كُلّ واحدٍ منهم الحق الكامل في التعبير عن رأيه وقول مايراه صحيحاً دون خوف من أمير أو شيخ أو مجموعة التأمين أو شُلّة المعلومات!!
• وماينساه كثير من الإسلاميين أن حركتهم الذكية تراجعت وتقزّمت عندما ضاقت مجالس شوراها بأراء الصادقين وسيطر علي منافذ القرار والمراجعة بداخلها الأمنيون والموظفون التنفيذيون وهم مجموعة من الذين تم تفريغهم لمتابعة الشؤون الإدارية والتنظيمية الراتبة فصاروا بطول الزمان عناصر أساسية تأمر وتنهي ..بل وتتحكم في كيفية اتخاذ القرارات المصيرية بدءاً من تصعيد الكوادر ..وإنتهاءاً بتحديد مواقف الإسلاميين من قضايا استراتيجية لايصلح لها من يشغلون المواقع الإدارية مع كامل التقدير لهم ..ولكنهم فعلوا ..ويفعلون ..قديماً ..وحديثاً ..ولايزالون يفعلون!!
• خسرالتيار الإسلامي السوداني كثيراً عندما ضاقت مواعين الشوري وتنامت فوبيا الخوف والهلع من الكلمة الناصحة والعبارة الناقدة وصار المنادون بالإصلاح أشراراً تجب محاربتهم والتضييق عليهم ليس داخل المؤسسات التنظيمية والشورية وحسب، بل حتي في مؤسسات الدولة التي يعملون بها وأماكن رزقهم التي يعتاشون منها!!
• وعندما ضاقت مواعين الشوري وضاق الموظفون التنفيذيون والأمنيون بالنصيحة ، تعددت منابر وأحزاب جديدة وتناسلت مجموعات عديدة خرجت جميعها من تحت قبة الشوري التي نسي كثيرون أنها مؤلمة قبل أن تكون ملزمة كما كان يردد الشيخ الترابي عليه رحمةٌ من الله ورضوان ..
• لن أنسي ماقاله لي الدكتور غازي صلاح الدين ذات لقاء صحفي أجريته معه لصحيفة ألوان( ردّ الله غربتها) بعد واقعة المفاصلة الشهيرة ..سألته: هل يضيق الشيخ الترابي بالشوري؟..أجاب د. غازي : لا ..الشيخ الترابي لايضيق بالشوري ..لكنه في ذات الوقت يستخدم الشوري (لتمرير) مايراه صحيحاً .وضرب غازي مثلاً لتوضيح فكرته بقوله:(إذا أراد الترابي تحريك (كباية شاي) من موقعها فإنه يحركها بأصابع آخرين دون أن تمتد إليها يده وذلك بعد أن يستمع لأكثر من رأي حول ضرورة تحريك كباية الشاي من موقعها!!).
• ومما أحدثه كثيرون من تلاميذ الشيخ الترابي أنهم يقومون بتكسير كباية الشاي إن رأت الأغلبية تحريكها ورحت مجموعة صغيرة داخل نفس المؤسسة غير ذلك!!
• لا أدري من أين جاء بعضهم بفقه تأجيل مناقشة القضايا والمشاكل والكوارث التي سقطت بسببها تجربة الإنقاذ وانهارت بفعل فاعلين لايزال بعضهم يعمل داخل ذات المؤسسات التنظيمية التي استخدمها لاسقاط حكومة وتجربة الإسلاميين في الحكم؟!
• ولا أدري لماذا يخشي بعضهم الدعوة إلي تمكين قواعد الإسلاميين من متابعة ومعرفة الأسباب الداخلية والخارجية التي أسقطت تجربة ثلاثين عاماً علي رأس هذه العضوية التي ظلت تقدم الغالي والنفيس دون كللٍ أوملل ..وهي ذاتها(العضوية)التي يتم استخدامها وحشدها لتنفيذ أجندة تراها مجموعة قيادية تستكثر علي الجماهير العريضة حق تقليب ومراجعة أوراق النقد الذاتي!!
• لن تجد مسيرة الإسلاميين في السودان عافية إن لم تتم المراجعة الأمينة لحصاد تجربة الثلاثين عاماً التي أسقطها الذين صادروا حق الأغلبية الصامتة في الرأي ..والرأي الآخر !!
• لن تتجاوز مسيرة الإسلاميين عقبات السقوط المجلجل بالهروب إلي الأمام برأسين أحدهما قائد بإسم الحركة الإسلامية وثانيهما تابع بإسم المؤتمر الوطني !!