Site icon اسفير نيوز

تسمح للمغتصب بالزواج من ضحيته.. جدل في العراق بسبب “المادة 398 “

اسفير نيوز  __ وكالات

ناشطات عراقيات يعتبرن أن القانون العراقي يمنح المغتصب فرصة للإفلات من العقاب

تروي الناشطة، نور جبار، بكثير من الألم قصة قريبة لها، قالت إنها تعرضت لاعتداء جنسي وهي بعمر الخامسة عشر، في قرية زراعية غربي العراق.

وتقول نور لموقع “الحرة” إن قريبتها كادت أن تتعرض للقتل على يد أهلها، الذين اعتبروا أن “شرفها تلوث” على الرغم من كونها ضحية.

 

وتضيف “كانت في المستشفى تتلقى العلاج من إصابات الاعتداء، وحاول أحد أشقائها أن يقتلها لولا تدخل كبار السن، الذين أقنعوه بأن يتزوج المعتدي، وهو بعمر 40 عاما، من الضحية”.

 

لم تصل قضية قريبة نور، التي فضلت عدم ذكر اسمها، إلى المحاكم العراقية أو الشرطة، وتقول إن هناك “عشرات الحالات المماثلة التي تنتهي بأحسن الأحوال بتزويج الطرفين، لكنها تنتهي في الغالب بمقتل الفتاة بمسمى الدفاع عن الشرف”.

 

وحتى لو وصلت القضية إلى القضاء العراقي، فإن “المتهم لا يزال بإمكانه الاستفادة من حكم مخفف في حال تزوج بالضحية”، وفقا للمحامي العراقي، حسين السعدون.

 

ويسمح القانون العراقي بالحكم بـ”ظرف مخفف” في حال تزوج الجاني من الضحية، يصل إلى السجن عاما أو أقل بدلا من الحكم الذي يصل إلى السجن المؤبد أحيانا، في حال حصول عدم الزواج.

 

وأثارت تصريحات العضو في نقابة المحامين العراقيين، صفاء اللامي، فُهمت على أنها دفاع عن هذه المادة القانونية الكثير من الجدل مؤخرا، وصلت إلى اتهام القانون العراقي بأنه “يسهل جريمة الاغتصاب”.

 

وفي تصريح تلفزيوني قال اللامي إن “المادة القانونية ضرورية”، ودافع عن القانون، وهو ما يبدو أن القانونيين العراقيين يختلفون بشأنه.

 

 

وتقول الناشطة هند حسين لموقع “الحرة” إن تصريحات اللامي “صبت الزيت على النار”، مضيفة أن المادة القانونية “تسمح لمرتكب الجريمة بالإفلات من العقوبة، كما يزيد تعقيد الأزمة بالنسبة للضحية، التي هي في كثير من الأحيان قاصر أيضا”.

 

وتضيف أن “اللامي تحيز للقانون من خلال اعتباره ضمانا لحياة المرأة الضحية ضد التهديدات العشائرية”.

 

وحاول موقع “الحرة” الاتصال باللامي، وهو رئيس لجنة حقوق الإنسان في نقابة المحامين العراقيين للاستفهام عن تصريحاته، لكن لم يحصل على رد.

 

رفض نسوي للقانون

وبحسب الخبير القانوني، علي الربيعي، فإن المادة 308 “تنسف عقوبة الاغتصاب” من خلال طرح فكرة زواج المعتدي من الضحية.

 

وقال الربيعي لقناة “الحرة” إن “الضحايا يجبرن على الزواج بتأثير من الضغوط العائلية”.

 

وتقول ناشطات نسويات عراقيات إن “هذه المادة إهانة لكل امرأة عراقية”.

 

وبحسب الناشطة، إسراء سلمان، وهي مدافعة عن حقوق المرأة، فإن “المادة تجعل للرجل الحق بالاغتصاب وهو على ثقة من أن القانون سيزوجه الفتاة في النهاية”.

 

وتضيف سلمان لقناة “الحرة” إنه “فعليا لا توجد عقوبة رادعة”.

 

 

وتقول المحامية، وسن العتابي، إن “النساء أضعف حلقة اجتماعية، وكان يجب على القانون أن يمنع الضغط على الضحايا لا أن يؤسس له إطارا قانونيا”.

 

وتضيف العتابي لموقع “الحرة” أن “النساء سيكن بين خيار الحياة مع من اغتصبهن كزوجات، أو تلقي الأحكام العشائرية وغضب الأهل الذين يعتقدون أن رفض الفتاة للزواج عار عليهم، أو مواجهة الموت، أو مواجهة الوصمة الاجتماعية”.

 

وتؤكد العتابي “بالنسبة لضحية الاغتصاب، التي تحتاج أصلا إلى الدعم والرعاية والتمكين لتجاوز أبشع محنة يمكن أن تتعرض لها امرأة، فإن كل هذه الخيارات سيئة جدا”.

 

الاغتصاب في القانون العراقي

وتشير المادة 393 من قانون العقوبات العراقي إلى العقوبة “بالحبس المؤبد أو المؤقت” بحق كل من “واقع انثى بغير رضاها”، وتعتبر الجريمة مشددة في حال كان الضحية غير بالغ لـ18 عاما، أو إذا كان الجاني من أقارب الضحية أو متولي تربيته أو من كان له سلطة عليه، أو إذا كان موظفا حكوميا أو رجل دين أو طبيبا، أو كان الفعل جماعيا باشتراك أكثر من معتدي، أو إذا أصيبت الضحية بمرض تناسلي نتيجة الاعتداء.

 

كما تشدد العقوبة، بحسب الخبير، حسين السعدون، في حال مقاومة المجنى عليها، أو إذا حملت أو أزيلت بكارتها نتيجة الفعل.

 

لكن الحكم المخفف يمكن أن يحدث في حال طبقت المادة 398 من القانون ذاته والتي تنص على إنه “إذا عقد زواج صحيح بين مرتكب احدى الجرائم الواردة في هذا الفصل وبين المجني عليها عد ذلك عذرا قانونيا مخففا”، بحسب السعدون.

 

ويقول السعدون إن كلمة “الزواج الصحيح” تعني استحصال موافقة المدعية على الزواج، وإلا فإن الزواج لا يعقد ويتلقى المتهم العقوبة كاملة.

 

لكن من ناحية أخرى، يعتقد المنتقدون للمادة أن الضحية قد توافق في كثير من الأحيان على الزواج من الجاني، لأنها تكون تحت الضغط والتهديد من قبل عائلتها.

 

غاية المشرعين من المادة

ويقول السعدون إن “هذه المادة مهمة جدا، ولا يمكن التخلي عنها”، مضيفا أن “المادة اشترطت موافقة الضحية على الزواج، وهذا ركن مهم لا يجوز تجاهله خلال انتقاد القانون”، مضيفا أن “الكثير من دعاوى الاغتصاب هي ليست اغتصابا بمعنى ممارسة الجنس القسري، وإنما تلجأ المدعية أو أقاربها إلى المحكمة للضغط على المدعى عليه من أجل الزواج، في حال وجود علاقة جنسية بين الطرفين”.

 

ويقول السعدون، وهو محام يدفاع، إن “أغلب قضايا الاغتصاب لا تصل إلى المحكمة أساسا، لأنها تنتهي إما بتزويج الطرفين، أو من خلال الأحكام العشائرية السائدة بشكل كبير”، مضيفا “وفي حالة وصولها إلى المحكمة يعني هذا أن الطرفين لم يتوصلا لاتفاق، وبالتالي فإن تزويج الضحية من الجاني لن يحصل”.

 

ويؤكد السعدون “عمليا، هذه المادة غير فعالة بشكل كبير ولا تطبق إلا نادرا”، مضيفا “الحديث عن زواج الطرفين يكون قبل اللجوء للمحكمة”.

 

وتعارض الناشطات العراقيات هذا التبرير، كما يعارضة المدافعون عن حقوق الإنسان الذين يرون أن القانون العراقي مقصر في حماية المرأة من العنف والاعتداءات الجنسية والاغتصاب. لذلك يضغط هؤلاء من أجل نصوصو قانونية واضحة تعاقب الجناة ولا تمنحهم فرصة الإفلات من العقاب.

 

وتشير سجلات مجلس القضاء العراقي إلى حالة حصلت في عام 2007 في إقليم كردستان العراق، ألغت فيها محكمة التمييز حكما بسجن الجاني لعشرة أعوام، وهي مدة “مخففة” أصلا بحسب قرار المحكمة لأنه “رجل كبير في السن وصاحب عائلة”.

 

واستندت محكمة التمييز بقرار تخفيفها الحكم من 10 أعوام إلى عام واحد إلى “عقد زواج مع المجني عليها” التي يقول الحكم إن عمرها كان أقل من 18 عاما وقت حدوث الجريمة.

 

وتقول المادة القانونية ذاتها إنه “إذا انتهى عقد الزواج بطلاق صادر من الزوج بغير سبب مشروع او بطلاق حكمت به المحكمة لأسباب تتعلق بخطأ الزوج او سوء تصرفه وذلك قبل انقضاء ثلاث سنوات على الحكم في الدعوى يعاد النظر بالعقوبة لتشديدها بطلب من الادعاء العام او من المجنى عليها او من كل ذي مصلحة”.

 

وفي أحوال أخرى، بحسب أرشيف القضاء العراقي، حكمت المحكمة بالسجن لعشر أعوام لمدانين بجريمة الاغتصاب.

 

كما حكمت محكمة في بغداد في عام 2019 بالإعدام على متهمين اغتصبا فتاة “تقدم أحدهما لخطبتها وتم رفضه” بالإكراه، بالإضافة إلى قيامهما بدخول دارها عنوة تحت تهديد السلاح، وسرقة مصوغات ذهبية.

 

وخففت محكمة التمييز الحكم إلى السجن المؤبد، مستندة إلى قرار من سلطة الائتلاف (الأميركي) بتعليق حكم الإعدام بالقضايا المشابهة.

 

ولا توجد إحصاءات لحالات الاغتصاب في العراق، لكن منظمات نسوية عراقية تقول إن “أغلب من يسجلن على أنهن فتيات منتحرات هن ضحايا لعمليات قتل بداعي الشرف، ونسبة كبيرة منهن من المغتصبات

Exit mobile version