الجزائر “انتقلت للردع الدبلوماسي”.. تصعيد مع إسبانيا و”ورقة الغاز مطروحة”
أسفير نيوز __ وكالات
دخلت الأزمة الدبلوماسية بين إسبانيا والجزائر منعطفا جديدا بعد تعليق الأخيرة “معاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون”، في خطوة يقول مراقبون إنها لن تكون الأخيرة في التصعيد بين البلدين.
والأربعاء، أعلنت الرئاسة الجزائرية تعليق الاتفاقية التي أبرمت عام 2002 مع إسبانيا بعد تغيير موقفها في ملف الصحراء الغربية لدعم موقف المغرب.
أعلن هذا القرار في ختام اجتماع للمجلس الأعلى للأمن الجزائري برئاسة الرئيس عبد المجيد تبون.
يقول المحلل والإعلامي الجزائري، حكيم بوغرارة، “إنه بعد سحب السفير، وتعليق العمل بمعاهدة الصداقة وحسن الجوار الموقعة في 2002 بين البلدين، انتقلت الجزائر للردع الدبلوماسي”.
وبحسب بوغرارة الذي تحدث لموقع “الحرة” فإن القرار الجزائري يأتي بعد “استمرار رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، في استفزاز الجزائر عبر الحديث عن مقترح الحكم الذاتي كحل منطقي لقضية الصحراء الغربية” وفق تعبيره.
وفي 18 مارس أجرت إسبانيا تغييرا جذريا في موقفها من القضية الصحراء الغربية الحساسة لتدعم علنا مشروع الحكم الذاتي المغربي وأثارت غضب الجزائر الداعم الرئيسي لجبهة البوليساريو.
وفي بيانها، الأربعاء، قالت الرئاسة الجزائرية إن “نفس هاته السلطات التي تتحمل مسؤولية التحول غير المبرر لموقفها منذ تصريحات 18 مارس 2022 والتي قدمت الحكومة الإسبانية الحالية من خلالها دعمها الكامل للصيغة غير القانونية وغير المشروعة للحكم الذاتي الداخلي المقترحة من قبل القوة المحتلة، تعمل على تكريس سياسة الأمر الواقع الاستعماري باستعمال مبررات زائفة”.
بالنسبة للمعارض الجزائري، وليد كبير، فإن قرار السلطات الجزائرية تعليق اتفاقية الصداقة هو “قرار انتحاري”، بحسب تعبيره.
ويضيف كبير في حديث لموقع “الحرة” أن القرار مثل قرارات أخرى مثل وقف أنبوب الغاز المار عبر المغرب، وهدفها دفع إسبانيا إلى التراجع عن تغيير موقفها، وهو ما استبعده”.
وغداة التحول في موقف مدريد، استدعت الجزائر سفيرها لدى إسبانيا وأعلنت شركة المحروقات الوطنية سوناطراك رفع أسعار الغاز الذي تسلمه الجزائر لإسبانيا.
وفي أبريل وصف الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، التحول في موقف إسبانيا تجاه قضية الصحراء الغربية بأنه “غير مقبول أخلاقيا وتاريخيا”.
وفي الوقت الذي اكتفت الحكومة الإسبانية بالتعبير عن أسفها من الخطوة، لا يستبعد مراقبون أن تكون هناك خطوات تصعيد أخرى من الجزائر.
سيناريوهات التصعيد
وقالت مصادر دبلوماسية إسبانية إن “الحكومة الإسبانية تأسف لإعلان الرئاسة” الجزائرية، مضيفة أن إسبانيا “تعتبر الجزائر دولة مجاورة وصديقة وتكرر استعدادها الكامل للاستمرار في الحفاظ على علاقات التعاون الخاصة بين البلدين وتنميتها”.
يستبعد بوغرارة في حديثه لموقع “الحرة” استعمال الجزائر لـ”ورقة الغاز” مشيرا إلى أن بلاده في حال “رد فعل” على الخطوة الإسبانية بتأييد مقترح الحكم الذاتي كحل للقضية الصحراوية، مشيرا إلى أنها “ستنتظر ما ستقدم عليه إسبانيا”.
لكن ورقة الغاز تبقى مطروحة، وفق ما يرى المعارض الجزائري، وليد كبير، ويوضح في حديثه “ممكن أن تكون هناك تبعات لهذا القرار باتخاذ خطوات أخرى، قد تتعلق خصوصا بتوريد الغاز عبر الأنبوب الثاني “ميدغاز”.
ويتوقع كبير أن تلجأ الجزائر إلى “تقليص شحنات الغاز المتوجهة إلى إسبانيا”. مشيرا إلى أن ذلك “ستكون له تبعات خطيرة، وسيكون لزاما على الجزائر دفع غرامات لأن العقد المبرم بين الجزائر وإسبانيا يمتد إلى 2030”.
واعتبرت الحكومة الجزائرية أن موقف إسبانيا “انتهاك لالتزاماتها القانونية والأخلاقية والسياسية”، لذك قررت الجزائر “المضي قدما في التعليق الفوري لمعاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون التي أبرمتها في 8 أكتوبر 2002 مع إسبانيا والتي حددت تطوير العلاقات بين البلدين” وفقا للرئاسة الجزائرية.
يكشف وليد كبير في حديثه لقناة “الحرة” أن هناك سيناريوهات للتصعيد مشيرا إلى أخبار تفيد بـ”صدور تعليمات من الجمعية المهنية للبنوك والمؤسسات المالية الجزائرية بمنع عمليات التوطين البنكي الخاصة بالتصدير والاستيراد من وإلى إسبانيا وسيدخل الإجراء الجديد حيز التنفيذ بداية من يوم غد الخميس 09 يونيو”.
وتنص المعاهدة الإسبانية الجزائرية على تعزيز الحوار السياسي بين البلدين على جميع المستويات وتطوير التعاون في المجالات الاقتصادية والمالية والتعليمية والدفاعية.
ويتوقع الإعلام الإسباني المزيد من التصعيد من الجزائر في القادم من الأيام، وقال مدير شركة إسبانية تحتفظ بعقود موقعة مع الجزائر، وفضل عدم الكشف عن هويته، لصحيفة “إلبايس” إن قرار تعليق اتفاق الصداقة هو تصعيد جديد من الجزائر”.
ويشكك المسؤول الإسباني في حديثه للصحيفة أن تلغي الجزائر العقود الطويلة الأجل التي وقعتها مع شركات الطاقة الإسبانية. لأن ذلك من شأنه أن يبعث برسالة خطيرة جدا مفادها أنها بلد لا يمكن الاعتماد عليه”
لكن بالمقابل، يقول المسؤول الإسباني ” ما يمكن أن تفعله هو تصعب الاستيراد على الشركات الإسبانية”.
تم توقيع معاهدة الصداقة مع الجزائر بعد تسع سنوات من التوقيع عليها مع المغرب في يوليو 1991، ونشرت في الجريدة الرسمية للدولة بعد عامين. وتشير النقطة الرابعة من المبادئ العامة للاتفاق المبرم مع الجزائر إلى “الامتناع عن التهديد باستعمال القوة أو استعمالها”. وخامسا، إلى “التسوية السلمية للنزاعات”.
يذكر أن مسألة الصحراء الغربية، المستعمرة الإسبانية السابقة التي تعتبرها الأمم المتحدة “منطقة غير مستقلة”، سبب خلاف منذ عقود بين المغرب – الذي يسيطر على 80 بالمئة منها – وبين انفصاليي جبهة البوليساريو المدعومين من
الحرة