ما الذي تملكه أمريكا والسعودية من كروت ضغط على أطراف النزاع السوداني؟
تقرير __ أسفير نيوز
يقترب شهر يونيو من انتصاف أيامه، دون أن تفلح كل الوساطات في إحداث تقارب بين قوى الثورة السياسية والمكون العسكري.
فالشقة لم تزل بعيدة بعد، الا من بصيص تقارب تقود دفته كل من السعودية والولايات المتحدة الأمريكية، اللتان استطاعتا إقناع قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي، الجلوس مع العسكر، الأمر الذي وجد استهجان واسع من قبل قوى الثورة ولجان المقاومة وتجمع المهنيين، فيما اعتبره آخرون “عقلانية سياسية” تصب في مصلحة البلاد لانتشالها من وهدتها.
ومع ارتفاع وتيرة الجدل، سيما عقب تتالي اللقاءات بعد جلسة الخميس بكافوري، وتعليق الحوار المباشر التي تقود الآلية الثلاثية المشتركة بين الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة والايقاد، تترى الأسئلة حول ما تملكه الدولتان من كروت ضغط على أطراف النزاع السوداني؟
حماية المصالح
أدوار جديدة تلعبها كل من الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية في حل الأزمة بالبلاد، تحت مظلة الآلية الثلاثية المشتركة بين الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة والايقاد، وقد نجحت المساعي في إقناع الفرقاء في الجلوس على طاولة واحدة تمهيدا لترتيبات كيفية إنهاء الأزمة، وقد ارجع مراقبون الحرص السعودي الأمريكي على استقرار السودان لأجل حماية مصالحها في السودان، ومن هذا الواقع كان الإصرار في ضرورة التقارب.
وتعتبر الولايات المتحدة الأمريكية السودان محور مهم لحفظ استقرار المنطقة، فضلا عنها اصرارها لعدم فقده، سيما في ظل وجود تقارب سوداني روسي واتفاقية إنشاء قاعدة روسية في البحر الأحمر، وهو ما يمثل بعبعا مخيفا لها
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد صادق في 16 من نوفمبر 2020 على إنشاء قاعدة بحرية روسية في السودان قادرة على استيعاب سفن تعمل بالطاقة النووية، قبل أن يعلن مسؤولون بالحكومة تجميد الاتفاقية لحين قيام المجلس التشريعي.
وتحدد الاتفاقية إمكانية بقاء 4 سفن حربية كحد أقصى في القاعدة البحرية، ويحق لروسيا أن تنقل عبر مرافئ ومطارات السودان “أسلحة وذخائر ومعدات” ضرورية لتشغيل تلك القاعدة في ميناء بورتسودان الاستراتيجي.
ومدة الاتفاقية 25 عاما قابلة للتمديد 10 سنوات إضافية، بموافقة الطرفين.
كروت ضغط ومخاوف
وكانت قد اثارت تصريحات نائب رئيس مجلس السيادة محمد حمدان دقلو “حميدتي” الأخيرة عقب عودته من روسيا بشأن القاعدة مخاوف الأمريكان، عندما اكد عدم وجود مشكلة في إقامة قواعد عسكرية روسية أو غيرها من الدول، على البحر الأحمر، إذا كانت تحقق مصلحة السودان، ولا تهدد أمنه القومي، وقالت صحف أمريكية أن العزلة قدمت السودان لروسيا على طبق من فضة.
وذات المخاوف من القاعدة تنتاب المملكة العربية السعودية. ويعتقد متابعون أن في مقابل هذه المخاوف كروت ضغط ما تمتلكه الدولتان ساعدت في اقناع الاطراف الجلوس.
وعلى الرغم من تشديد قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي رفض اي عملية سياسية تضمن بقاء العسكر، وذلك طبقا لما أعلنته عبر بيان عقب اللقاء، الا ان مصادر إعلامية كشفت عن لقاء ثان جمع المكون العسكري مع قوى الحرية والتغيير، ما اعتبرته قوى الثورة الرافضة للحوار نكوص مركزي التغيير عن اللاءات الثلاثة.
جلوس رغم اللاءات الثلاث
ويبرر من جانبه المجلس المركزي للحرية والتغيير اللقاء مع المكون العسكري من باب الجلوس والاستماع الأمر الذي دعاهم للموافقة.
وبحسب عضو المجلس محمد الهادي لـ”الراكوبة” فان المكتب التنفيذي تداول حول الدعوة وقرر قبولها.
وأنتقد في الأثناء الاتهامات التي طالتهم مؤكدا ضرورة الجلوس قائلا : كان لابد لنا أن نجلس ونستمع، “إذا عايزين منهم تسليم السلطة فلابد من الجلوس معهم”.
وأضاف أن الحرية والتغيير لن تكون في السلطة، لكن سوف تشارك في المجلس التشريعي
وظلت قوى إعلان الحرية والتغيير المجلس منذ انقلاب ٢٥ أكتوبر ترفع شعار اللاءات الثلاثة “لا شراك، لا تفاوض، لا شرعية” مع العسكر.
في وقت باءت فيه كل المبادرات بالفشل، ومع انطلاق مشاورات فولكر للحل سلمت رؤيتها الكاملة الرافضة لشرعنة الانقلاب، والتي تتمثل في انهائه والتأسيس لوضع دستوري ذو مشروعية شعبية، على أن يكثون هدف العملية السياسية هو تأسيس سلطة مدنية كاملة تختارها قوى الثورة والتغيير وفقاً لترتيبات دستورية جديدة تنأى بالمؤسسة العسكرية عن الحكم وتقر إصلاحات جوهرية تضمن التحول الديمقراطي المدني.
كروت سياسية اقتصادية
ويرى خبراء استراتيجيون أن كل من الولايات المتحدة الأمريكية والسعودية يمتلكون كروت ضغط على السودان تتمثل في كروت (اقتصادية _ سياسية)، قادرة من خلالها اقناع الأطراف حل الازمة السودانية.
وبحسب المحلل والسفير السابق الرشيد ابوشامة، فإن المملكة العربية السعودية لديها أثر كبير في الوضع الحالي، فضلا عن اثرها على البرهان ومجموعته العسكرية من خلال مساعدات كثيرة.
وجزم الرشيد خلال حديثه لـ “الراكوبة” على امتلاك أمريكا مفاتيح الضائقة الاقتصادية في السودان.
وقال أبو شامة، َإن أمريكا لديها دور كبير على السودان، هذا بخلاف تأثيرها على بقية الدول الأوروبية في التعامل مع السودان، وتابع: “أطراف الصراع تعلم أنه حال تم توقيف المعونات وعاد السودان إلى عزلة فإن النتائج ستكون كارثية وهو ما دعاهم للجلوس معاً”.
وأضاف: “أمريكا تملك كرت ضغط سياسي واقتصادي، وقبول الجلوس أمر حكيم”
.
الراكوبة