Site icon اسفير نيوز

عميد. م /ابراهيم مادبو يكتب.. ثم ماذا بعد الثورة؟

 

*1/* أعتقد أن الأوضاع السائدة حالياً في السودان، أصبحت تتطلب ماهو أكبر من الثورة، للإجابة على سؤال: متى وكيف يمكن أن يتحقق التغيير الشامل؟ ولو في حده الأدنى.!!

 

*2/* نحن في حاجة إلى وقفة صادقة مع أنفسنا، ليسأل كل منا فيها نفسه ماذا يريد؟ وماذا يسعى إليه؟، أليس هو الصالح العام؟ أليس هو مستقبل هذه البلاد التي تتناوبها المحن والشدائد منذ سنوات طويلة؟ ألسنا جميعاً سودانيين رفاق طريق وشركاء مصير واحد؟.

 

*3/* هل أقول بعد كل ذلك أننا نحتاج إلى مصالحة وطنية مع أنفسنا لكي تتخلص خطواتنا من المعوقات النفسية التي تعرقلها والتي نجمت من تناولنا الخاطئ للسياسة، ومفهومنا المبتسر للوطنية؟ فلعل الجميع يدركون تماماً أن مسؤولية هذا الوطن لا تقع على عاتق الحكومة أو السلطات وحدهما، وإنما على عاتق الجميع من الأحزاب والهيئات والكيانات والتجمعات السياسية والمستقلين والسياسيين من كل التيارات، ولعلنا ندرك ذلك ونحن نتساجل ونتحاور ونختلف ونتشاكس ونؤدي أعمالنا ونتشارك في المسئولية الوطنية العامة، ولعلنا «نتذكر» الوطن دائماً لأن الذكرى تنفع «المخلصين» وتنفع بلادنا التي تشقى كل يوم بإختلافنا ومكايداتنا ومؤامراتنا التي لا تقود لإصلاح الحاضر وحماية المستقبل، مستقبل الوطن الذي لم يعد يفكر فيه أحد، وقد انحصر التفكير في المصالح الضيقة وكيفية تحقيق الكسب السياسي بأي ثمن.

 

*4/* لقد بات الوضع يتطلب أن تتحول “الثورة” إلى “صحوة” سلاحها الأسلوب المنهجي الهادئ في إحداث التغيير الشامل والمنشود، “صحوة” تعيد البناء الثوري من الأساس بعد أن إشتد به نخر السوس وتعيد صياغة الأمور في ظل التشظي وإنسداد الأفق السياسي، “صحوة” تعيد تشكيل الحياة السياسية بكل ضمانات المبادئ ووفق الثوابت الوطنية، “صحوة” تمتد إلى كافة الآفاق السياسية، والإقتصادية، والأمنية، والعسكرية، والإجتماعية، والثقافية، والفنية، “صحوة” لا تخرج في النهاية من تحت أي عباءة كانت، وإنما تتقدم العمل الوطني الخالص، ولا أظن أن هناك سوداني يختلف على أهمية وضرورة أن يحدث ذلك، وأن نتحاور كسودانيين في سبيل أن ينجح ذلك، ويجب أن نتفق على حتمية تهيئة المسرح من كافة الأوجه قبل أن نؤدي فوقه دورنا الذي تخلفنا عنه طوال الثلاث سنوات الماضية، وأن نؤمن بما يراه الناظر والمتابع للأحدان من أن السودان ينبغي وقايته وصونه من تأثيرات الصدمات المفاجئة والتحولات المتسارعة التي بدأت تلوح في الأفق، ثم أننا بهذا القدر الواجب من الإحساس بالخطورة نجد أنفسنا بالضرورة في مواجهة متطلبات جوهرية للشعب تتمثل في الحفاظ على سلامة الأقتصاد القومي، وصون الإستقرار الأمني والإجتماعي الذي يعتبر سياج الأمان للوطن.

 

 

*5/* إننا وبدون شك نتهيأ لمرحلة جديدة من تاريخ السودان وليس من المقبول أن ندخلها – وأعين الأقليم والعالم من حولنا – بشعارات وأساليب وأنظمة وتكتيكات تاريخية سابقة ظللنا نتعامل بها من العام 1956م ولم تفلح في وضع السودان حيث يستحق، وبرغم ذلك مازلنا نجرب المجرب ونتداوى بـ “السَّلْفا” و”السُلْفَةً” و”السذاجة”، بينما يجب أن نعمل على أن تكون هذه المرحلة هي مرحلة الدروس المستفادة، وتكريس وتعميق الديمقراطية السياسية الراشدة، وأن يكون هناك عمل طموح لبناء الإنتقال الديمقراطي نحو الحكم المدني، وبطريقة يساهم فيها الجميع، وأن تتوسع حدود آفاق المساهمة الوطنية وإشراك الأغلبية الصامتة، وأن ترتفع أصوات الخبرة، وتفعيل القانون، ويتسنم الخبراء سنام التخطيط الضروري لضمان الوضوح الكامل للأهداف وإستشراف مرحلة «المشروع القومي السوداني الجديد» الذي يهدف إلى بناء السودان ومجتمعه، وإعادة صياغة إنسانه والتحرر من الإضطراب والتخبط والجهل والفساد والإنتهازية والتنميط وشهوة الشائعات، والنزعات والكوامن القبلية والعنصرية، وهي مرحلة لابد أن نشد من أجلها «أوتار أقواسنا» إلى أقصى الحدود كما يقول المثل العربي القديم، وأن نردد مع أبو مُلَيْكة جرول بن أوس بن مالك العبسي المشهور بـ الحطيئة: يا باريَ القوسِ بَرْيا ليس يُحْسنُه

لا تَظْلِمِ القَوْسَ، أَعْطِ القوس

Exit mobile version