الذي يقرا تاريخ السودان والحقب المختلفة التي حكمت هذه البلاد من قبل لا يجد قطيعة و إشتباك بين متظاهرين والشرطة طال أمده إلا في حقبة الحكم الإنتقالي التي نعيش فيها الآن ، التاريخ لم يحدثنا عن أسلوب شيطنة الاخر عند كليهما ، لعل الوضع السياسي الغير مفهوم والمأزوم هو الذي ولد هذا الشقاق ، الثوار يخرجون إلي الشوارع يرفعون مطالب والحكومة تري أنها مطالب من الإستحالة الإستجابة لها وتحرك آلياتهم لقمع هذه المظاهرات
تبدأ هذه التظاهرات سلمية وعندما تقترب من (شروني) تنعدم السلمية ، الشرطة تطلق الغاز المسيل للدموع وهؤلاء يردون بقذف الحجارة عليهم وحرق الإطارات وعمل المتاريس من أجل وقف تقدم الشرطة نحوهم ، بعدها يسود الهرج والمرج ويختلط الحابل بالنابل ويحدث الخراب ويحدث القتل وتحدث الإصابات وتظهر لجنة أطباء السودان التي لاتظهر إلا في هذا الحدث فقط ولا تظهر في أحداث القتل التي تحدث في دارفور ، وعندما تدنو الشمس إلي المغيب يتفرق المتظاهرون ، مسلسل ظلت حلقاته مكررة نفس المادة ونفس الشخصيات ونفس المنتج ونفس المخرج ونفس المشهد
مسلسل( توم اند جيري) الذي يحدث بين الشرطة والثوار من المنتصر؟ لايمكن تحديده لكن يمكن تحديد بدقة من الخاسر ، الخاسر هو الوطن الذي بهذا المسلسل يتسبب في فقد ضحايا بلغ عددهم أكثر من مائة شاب واصابات وفقد في صفوف الشرطة ، الخاسر هو الوطن لأن ممتلكاته تتعرض للنهب ومن بقي منها يتعرض للإتلاف ، الخاسرون هم ذوي المفقودين والمصابين من الطرفين
هنالك مسافة كبري بين المتظاهرين والشرطة كل يوم تزداد بعدا ، الثوار يرون أن من حقهم الخروج في مظاهرات سلمية، الشرطة تقول أنها تنفذ واجبها ، كليهما يتمسكان بمواقفهما وهكذا يكون السجال داخل الملعب الذي يشاهده المواطن المغلوب علي أمره لكنه لايصفق له أبدا ويكره هذا المشهد ويتحسر عليه وعلي ما وصلت إليه حال البلاد
فك الإشتباك بين الشرطة والمتظاهرين يحتاج إلي وضع سياسي يتقبله كل الأطراف ولا يستثني أحدا ولا يقصي جهة ما أيا كان شكلها وحجمها ، الشقة تضيق وتنتهي بين الشرطة والثوار إذا إلتزم المتظاهرون بما أعطاه لهم القانون بالتظاهر السلمي وعدم الإنحراف عنه و إتباع الطرق السلمية ، لاتوجد دولة يتم تتريس الشوارع فيها ولا حرق الإطارات إلا في هذه البلاد ، لا يوجد سياسي يشجع علي إشعال اللساتك و إشتعال من يحرقونها إلا سياسيي السودان !
علي الشرطة أن لا تتبع أسلوب القمع المفرط تجاه المتظاهرين و إستعمال ادني حد من التعامل ضد المتظاهرين ، تقريب المسافة بينهما يأتي بأن تبسط الدولة الحريات وتحترام الرأي الاخر وعدم التضييق وبسط الحريات السياسية كاملة دون نقصان والوصول إلي توافق شامل في شكل الحكم ، فك الإشتباك هو أن يقود العقلاء منهم الركب المتعقل لا ( ركوب الراس المتعنت) وتوصيل رسائلهم عبر طرق مختلفة سلمية وعدم الانجرار نحو جهة حزبية معينة تحضنهم وتدعمهم وتشكل طينتهم بالشكل التي تريد
فيا أيها الشرطة… ويا أيها الثوار مانراه الآن ماهو الا الخراب والتسبب في رجوع هذا الوطن إلي الوراء ، وما يحدث من قتل انتما سبب فيه وإن كان هنالك طرف ثالث ، ومايحدث من تعب للمواطنين الذين لايستطيعون المرور بسهولة عندما يكون هنالك موكبا انتما السبب في ذلك ، أقول لكما بكل صدق ليس فيكما كسبان لكن انتما الخاسران والخاسر الأكبر هو الوطن ، ويجب تتطيب النفوس واعلموا أن اسلوب (الديك يحارب الديك) غير مقبول .