Site icon اسفير نيوز

الطاهر ساتي يكتب.. استثمار الساحل ..(2) _________________

:: مارس العام 2015، فيما كان النظام المخلوع يبحث عن دريهمات يسد بها (فجوة الميزانية)، كانت أخبار العرب تتحدث عن منصة استثمارية بين مصر و الإمارات بقيمة عشرين مليار دولار، لتأسيس مشاريع استراتيجية مشتركة في قطاعات، منها الصناعات التحويلية، الطاقة التقليدية والمتجددة، التكنولوجيا، الأغذية، العقارات، السياحة، الرعاية الصحية، الخدمات اللوجستية، البنية التحتية وغيرها.. !!

:: و في ذات أسبوع أخبار المنصة الاستثمارية المشتركة، وعلى شرف الاحتفال بعيد وطني، سألت أحد سفراء الخليج عن أسباب تقزيم استثماراتهم بالسودان في ( البرسيم)، و عدم الاستثمار في مشاريع استراتيجية تخدم الشعوب، رغم توفر الموارد؟.. فطلب بعدم نشر حديثه، فوعدته بذلك، فشرع يتحدث عن مراكز الفساد بالسلطة و بؤر المتاعب بالمجتمع، وعن أزمة الطموح وضعف الخيال، وبأننا نتحدث ونحلم كثيراً ولا نبادر بالأفعال ..!!

:: وضرب مثلاً بمشروع الجزيرة ،سائلاً : هل أعدت حكومتكم دراسة جدوى لمشروع استراتيجي بحجم مشروع الجزيرة، وعرضت علينا أرض خالية من الموانع ومتاعب الأهالي وملاحقتهم لنا بالمحاكم والمعاول، فرفضنا التمويل و الشراكة العادلة؟ و..و..و..كان يتحدث بألم عن قضايا الاستثمار في بلادنا، ونستمع بألم أيضاً.. وقد صدق الرجل، فالاستثمار يؤمن بما يراه، وليس بما يسمعه من خُطب و (أحلام يقظة)..!!

:: واليوم، فيما نفت موانئ أبوظبي اتفاقها حول مشروع لإنشاء ميناء في السودان، وأن الأمر في مرحلة ( مناقشات مبدئية)، في ظل سعيها المستمر لدراسة و تقييم مشاريع جديدة، قال رئيس مجموعة دال، أسامة داؤود عبد اللطيف : الإمارات ستبني ميناءً جديداً على البحر الأحمر في إطار حزمة استثمارية تبلغ قيمتها ( 6 مليارات دولار)، منها تكلفة مشروع الميناء (4 مليارات دولار)، و المشروع مشترك بين مجموعة دال وم وانئ أبوظبي..!!

:: ومع اختلاف النصوص، فالمعنى من التصريحين ( واحد)، وهو الرغبة في إستثمار مشترك بموافقة السلطات السودانية.. والشاهد، منذ الإعلان عن رفع اسم بلادنا من قائمة الإرهاب، كثيرة هي الشركات الأجنبية التي (تجس النبض)، وتتلمس الخطى، بحثاً عن موطئ استثمار، وهذا يعني أن فرص الاستثمار في بلادنا تشغل عقول المستثمرين .. وهذا ما حدث بعد نيفاشا، بحيث شهدت البلاد أكبر توافد للمستثمرين في تاريخ السودان، و لكنهم شردوا سريعاً ..!!

:: و بعد الثورة، كان يجب إزالة أسباب تشريد المستثمرين.. ولكن الحكومة ( زادت الطين بلة) بواسطة لجنة إزالة التمكين، و التي ساهمت – بغير وعي – في تشريد المستثمرين و تجميد المشاريع .. فالخطأ كان فادحاً، لأن رفع اسم بلادنا من قائمة الارهاب كان يجب أن يكون مدخلاً لجذب المستثمرين، بحيث تكون تهيئة المناخ مسؤولية مشتركة بين الحكومة والمجتمع و الإعلام .. و لكن شردوهم بالترهيب والإبتزاز و التهريج في ( منبر سونا)..!!

:: وعلى كل حال، نرجع لمشروع أبوظبي و دال المثير للجدل..وبغض النظر عن أطراف الشراكة، فالاستثمارات الكبيرة – كالموانئ وغيرها – بحاجة إلى استقرار سياسي، ثم دولة مؤسسات ذات شفافية عالية و قوانين العادلة ..و.. يتواصل ..!!

Exit mobile version