أسامه عبدالماجد يكتب.. عسكريون سفراء .. ليه لأ
¤ لم يات رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان بما هو مستغرب او جديد بتعيينه عدد من كبار الضباط الاكفاء سفراء .. حتى تصرخ قحت وتحدث كل تلك الضجة على الخطوة المتعارف عليها عالميا .. ولا يحمل القرار جديدا حتى يحاول ان يضفي عليه سفراء ضبابية.
¤ في محطات خارجية بعينها تحتاج الدولة الى تحطيم سياسة الاختفاء خلف الابواب المغلقة .. التي ينتهجها كثير من الدبلوماسيين .. لا يوجد انسب من العسكريين للقيام بتلك المهمة .. لهم قدرة فائقة على تحقيق مصالح البلاد بأقل قدر من الضجة.. ولهم القدرة على وزن الحديث بذات الدقة المتناهية التي يفككون فيها الالغام او يزرعوها.
¤ الحاق عسكريين بالخارجية لا يعني عسكرة الدبلوماسية باي حال .. والا ماكانت سائدة في جل ان لم يكن كل دول العالم باستثناء قلة منها .. وبالنظر للولايات المتحدة ، التي ترى قحت انه لا مثيل لها في الحكم المدني .. تكاد تكون البلد الاولى في العالم التي ترفد الملعب الدبلوماسي بلاعبين عسكريين.
¤ تخطت الادارة الامريكية تعيين عسكريين سفراء وسمى الرئيس جورج بوش الابن ،الراحل كولن باول وزيرأ للخارجية.. وهو قائد وحدة الطيران في حرب فيتنام .. وكان يقود الطائرة بنفسه ويقصف قرى ومدن فيتنام حتى انه اصيب .. لكن كل العالم يعرف الرجل بحربي العراق .. في مطلع التسعينات كان رئيس هيئة الاركان المشتركة للجيش الامريكي.. وقاد عملية عاصفة الصحراء (تحرير الكويت)
¤ وفي 2003، عندما كان وزيرا ،أطلق الكذبة الكبري بامتلاك العراق اسلحة دمار شامل.. ودمروا على اثر ذلك اقوى البلاد العربية .. وعمل باول مستشارًا للأمن القومي.. اما الجنرال الثاني الذي تولى حقيبة الخارجية هو مايك بومبيو في ادارة الرئيس السابق دونالد ترامب .. وهو خريج الاكاديمية العسكرية الامريكية وضابط امن معروف .. كان مديرا لوكالة الاستخبارات المركزية ، وكان عضواً بمجلس النواب.
¤ واصل ترامب سياسة اسلافه وسمى الجنرال جون ابي زيد سفيرا في المملكة السعودية.. وهو مثل كولن يعرفه كل العالم .. حيث كان قائداً للقيادة الأميركية الوسطى التي تغطي الشرق الأوسط أثناء غزو العراق في 2003.
¤ وعين ترامب ضابط متقاعد (دوغلاس ماكغريغور) سفيرا لبلاده في المانيا .. بل ان الادارات الامريكية المتعاقبة دفعت بعسكريين في مناصب مدنية مرموقة .. عين ترامب العميد المتقاعد جون كيلي وزيرا للأمن الداخلي.. وبعدها سماه كبير موظفي البيت الأبيض، (مثل وزير شؤون الرئاسة) لدينا.. كيلي شارك في عمليات عسكرية خارج بلاده وكذلك ابنه ضابط ، انهى لغم حياته في افغانستان.
¤ كما ان اربعة من الرؤساء الذين مروا على البيت الابيض كانوا عسكريين .. في مقدمتهم اول رئيس امريكي جورج واشنطن الذي كان قائدا للجيش اثناء الحرب الثورية الامريكية .. وقاد التمرد الذي انتهى بإعلان انفصال بلاده عن بريطانيا.. ثم اللواء جيمس جارفيلد .. الذي شارك في الحرب الأهلية في جيش الاتحاد.. والجنرال يوليسيس غرانت نصير السود.. ودوايت أيزنهاور وهو ضابط مرموق.. كان قائدا عاماً في جيش بلاده خلال الحرب العالمية الثانية، وقائدا أعلى لقوات الحلفاء في أوروبا.. وهو أول قائد أعلى لحلف الناتو
¤ كما ان رؤساء الولايات المتحدة يحرصون على تسمية مبعوثين خاصين من ابناء المؤسسة العسكرية .. ابرزهم – وكان بين ظهرانينا- الجنرال طيار سكوت غرايشن الذي عمل في القاعدة العسكرية الامريكية في السعودية منتصف التسعينات .. كما اشرف على مئات العمليات القتالية التي قام بها سلاح الجو الأميركي خلال غزو العراق.. وبعد رحلة الدم اوفده الرئيس باراك اوباما مبعوثا للسلام في السودان.. وكذلك جنرال قوات البحرية أنتوني تشارلز الذي عمل مبعوثا خاصا للولايات المتحدة إلى فلسطين واسرائيل.
¤ كما تسنم ضابط متقاعد منصب رئيس الوزراء في بريطانيا وهو هارولد ماكميلان .. اما في القارة السمراء مئات من العسكريين التحقوا بالسلك الدبلوماسي .. وعشرات منهم حكاما لبلادهم .. وفي دول الجوار يكاد يكون جميع الزعماء عسكريين عدا ليبيا.
¤ وفي الجارة مصر يعتبر الفريق محمد حافظ إسماعيل أحد اشهر العسكريين .. الذين تقلبوا في المناصب الدبلوماسية .. حيث عمل سفيرا لبلاده بالاتحاد السوفيتي ثم وزيرأ بمجلس الوزراء ومديرا لجهاز المخابرات العامة .. ثم سفيرا لمصر لدي فرنسا وأيرلندا.. وبعدها في ايطاليا ومالطا وبريطانيا وختم حياته وكيلا لوزارة الخارجية.
¤ وكذلك المحلل السياسي المعروف الفريق
السفير حسين هريدى.. أحد ضباط سلاح المدفعية بالجيش المصري الذي شارك في حرب أكتوبر 1973 ووصل الى منصب مساعد وزير الخارجية.. وفي الشقيقة البحرين عين ضابط الجيش الفريق د. عبد اللطيف بن راشد الزياني قبل عامين وزيرا للخارجية وكان قبل سنوات مديرا للامن ببلاده.
¤ الشاهد ان العسكرية والدبلوماسية وجهان لعملة واحدة .. وتعاني الدبلوماسية السودانية من فوضى وبطء تحتاج لرفدها بعسكريين .. خاصة ان علاقات السودان ببعض الدول لن تستقيم الا بمسار عسكري .. ولا تفسير لدي لانتقاد سفراء انضمام عسكريين الى صفوفهم الا خشية المزاحمة… وتاخير فرصة الخروج من البلاد الى محطة خارجية.
¤ في تقديري معظم المهام الخارجية ذات طابع عسكري وامني مثل تعزيز السلام في المنطقة ..
العمل المشترك لمكافحة الإرهاب ودعم عمليات المساعدة الإنسانية وانشاء التحالفات بناء على القوة.. وحال لم تكتمل تلك المسائل لن تنجح مهام متابعة شؤون الرعايا ولا جذب الاستثمارات.
¤ ومهما يكن من امر قدمت قحت د. مريم المنصورة وزيرة للخارجية وهي تحمل رتبة رائد في قوات التجمع المعارض.