اسفير نيوز __ وكالات
تستعد السعودية لاستقبال الرئيس الأميركي، جو بايدن، والتي تثير نتائجها المرتقبة “قلق روسيا” الحليفة المقربة من الرياض، بحسب تصريحات رسمية صدرت من موسكو، في وقت رجح محللون تحدث معهم موقع “الحرة” أن تعتمد الرياض سياسة متوازنة في هذا الإطار.
وفي تصريحات الأربعاء، كشف المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، عن مخاوف موسكو من تسبب “دبلوماسية النفط” للرئيس الأميركي بـ”قلب السعودية ضد روسيا”، خلال زيارته للشرق الأوسط.
وردا على ما إذا كان الكرملين يعتقد أن الزيارة يمكن أن تشكل تهديدا للمصالح الروسية، قال بيسكوف، “موسكو تأمل بألا تتخذ السعودية أي مواقف ضد روسيا”.
ووصف الكاتب والمحلل السياسي السعودي، مبارك آل عاتي، زيارة بايدن للسعودية، بـ”المهمة والمفصلية” التي سيكون لها تأثيرات إيجابية على المنطقة بشكل عام و”استقرار الأمن والسلم” بالمجتمع الدولي.
هل يجب أن تقلق موسكو؟
في مقال رأي نشرته صحيفة “واشنطن بوست”، حول الزيارة المرتقبة للشرق الأوسط، قال بايدن، إن “مواجهة العدوان الروسي يحتاج للعمل لاستقرار أكبر في المنطقة”، مضيفا لهذا “علينا التعامل مباشرة مع دول يمكن أن تؤثر في تلك النتائج، والسعودية واحدة من هذه الدول”.
وحسب المتحدث باسم “الكرملين”، فإن موسكو تثمن العلاقات مع الرياض، وتعمل في إطار اتفاقيات “أوبك+” وتقدر بشدة التعاون المثمر مع الشركاء الرائدين مثل المملكة العربية السعودية.
وقال بيسكوف في تصريحاته، “نأمل بالطبع ألا يكون بناء وتطوير العلاقات مع عواصم العالم الأخرى موجها ضدنا بأي حال من الأحوال”.
وجاء تلك التصريحات لتثير سؤالا مهما.. هل يجب أن تقلق موسكو من زيارة بايدن لـ”شريكتها الرائدة” السعودية؟
يقول الخبير بمركز تريندز للبحوث والاستشارات في الإمارات، يسري العزباوي، إن “موسكو بالفعل قلقة من زيارة بايدن إلى الرياض، ففي حالة التوافق السعودي الأميركي تستطيع السعودية بما يتوافر لديها من احتياطات النفط الهائلة أن تنجح في سد العجز الكبير في إنتاج الطاقة على المستوى العالمي”.
وفي حديثه لموقع “الحرة”، تابع العزباوي: “السعودية تستطيع مد السوق الأوروبي والأميركي بكل ما تحتاجه من نفط”.
وتمتلك السعودية حوالي 17 في المئة من احتياطيات النفط المؤكدة في العالم، وبالإضافة إلى البترول، تشمل الموارد الطبيعية الأخرى للمملكة الغاز الطبيعي وخام الحديد والذهب والنحاس، وفقا لـ”أوبك”.
لكن آل عاتي يرى أن المخاوف الروسية “ليس لها مكان وغير مبررة”، مضيفا أن “السعودية دولة كبيرة لها ثقل ووزن وتراعي مصالحها الوطنية وتراعي مصالح الآخرين”.
وفي سياق متصل، يلخص أستاذ الدراسات السياسية والاستراتيجية السعودي، محمد بن صالح الحربي، لموقع “الحرة”، الموقف السعودي بـ”عدم استخدام سلعة النفط الاستراتيجية في أي توترات جيوسياسية حول العالم”، بعد تداعيات الحرب في أوكرانيا وتقلب أسعار النفط عالميا.
هل تزيد السعودية “إنتاج النفط”؟
وتعد السعودية من مؤسسي تحالف ” أوبك+”، وهو اتفاق يضم 23 دولة مصدرة للنفط منها 13 دولة عضوا في منظمة البلدان المصدرة للبترول “أوبك”.
وفي نوفمبر 2016، جرى التوصل لهذا الاتفاق، بهدف خفض إنتاج البترول لتحسين أسعار النفط في الأسواق، وفقا لـ”رويترز”.
وتتعرض البلدان المصدرة للنفط في “أوبك” و”أوبك+” مع موسكو، لضغوط من القوى الغربية لزيادة إنتاجها لتهدئة الأسعار المرتفعة منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير، وفقا لـ”فرانس برس”.
ويؤكد “تحالف أوبك+” الذي تقوده الرياض وموسكو، رغبته في إرضاء روسيا والحفاظ على تماسك المجموعة، وفقا للوكالة.
ولذلك سيكون النفط والطاقة حاضران على طاولة القمة بين واشنطن والرياض، لكن السعودية دائما تؤكد “تمسكها باتفاق أوبك+”، بعدما نجحت في انتشال أسعار النفط، حسب حديث آل عاتي.
وبسبب التنسيق السعودي الروسي في إطار “أوبك+”، فإن السعودية لن “تفرط في مكتسباتها من الاتفاق”، بعد تفاهمات مع الروس وغيرهم من الدول، وفقا لرأي آل عاتي.
ويتفق معه الحربي، ويقول: “السعودية عضو ضمن 23 دولة في تحالف أوبك+، ومن مصلحة الرياض ضمان توازن تدفق الطاقة في الأسواق العالمية، ولذلك فهي لن تخل باتفاقها في أوبك بلاس”.
لكن الرياض “قد تنحاز للرغبات والمطالب الأميركية الحالية فيما يخص رفع معدلات إنتاجها من النفط، في حال تقديم الإدارة الأميركية ما يحافظ على المصالح الاستراتيجية السعودية والخليجية”، وفقا لحديث العزباوي.
ويشير إلى “قدرة واشنطن على تزويد السعودية والدول الخليجية بكل ما تحتاج إليه من سلاح، ودمجها بشكل أقوى في إعادة ترتيب ملفات المنطقة، خاصة الملف النووي الإيراني، وإنهاء الصراع في اليمن، وحماية الممرات المائية الدولية”.
ويري العزباوي أن اتخاذ الرياض لإجراءات تتعلق بزيادة معدلات إنتاجها من النفط سوف “يؤثر على العلاقات بين السعودية وروسيا”.
مستقبل العلاقات
وتأتي زيارة بايدن للسعودية في ظل “تقارب غير مسبوق في العلاقات بين موسكو والرياض”، ورفضت المملكة الغنية بالنفط “نداءات واشنطن للحصول على مزيد من النفط لخفض الأسعار العالمية”، وفقا لتقرير لـ”وول ستريت جورنال”.
ويشير العزباوي إلى “شراكة استراتيجية بين الرياض وموسكو في مجالات النفط وصناعة السلاح والعديد من الملفات الاقتصادية المختلفة”، لكنه يؤكد في الوقت ذاته “سعي السعودية لبناء توازن استراتيجي في علاقاتها مع موسكو وواشنطن”.
ويتفق معه آل عاتي الذي يؤكد أن “السعودية تستطيع أن تقيم علاقات متوازنة مع واشنطن وموسكو، دون الاخلال بالعلاقات مع الطرف الآخر”
الحرة